قضايا وآراء

الاقتداء بسورية العربية

| يبروت – رفعت البدوي 

شكلت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي اتخذها منذ لحظة دخوله البيت الأبيض مادة جدلية دسمة لدى مختلف الأوساط الإعلامية والسياسية والعسكرية، لم يكن مستغرباً أن يعمد الرئيس الأميركي إلى اتخاذ قرارات تصيب إيران واعتبارها تشكل تهديداً للأمن القومي الأميركي لمجرد تجربة إيرانية لقدرات الصاروخ الدفاعي وعلى الأرض الإيرانية وخصوصاً إذا ما عدنا إلى خطاب ترامب الذي اعتمده خلال حملته الانتخابية والذي كان موجها ضد إيران وضد الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه بين إيران والدول 5+1 في جنيف.
لكن المستغرب هو تزامن الهجمة على إيران وفرض عقوبات جديدة تطول شركات وأشخاصاً إيرانيين مع تسخين جبهة أوكرانيا والتمسك بالعقوبات المفروضة على روسيا وإعلان المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن «نيكي هايلي» أن العقوبات على روسيا ستستمر ما لم تتراجع الأخيرة عن ضمها لجزيرة القرم.
الملاحظ أن العقوبات الأميركية شملت إيران وروسيا في وقت واحد وكلاهما حليفتان لسوريه وهذا يعني بشكل واضح وجود نية أميركية متماهية مع رغبات كيان العدو الإسرائيلي مع بعض الدول العربية المشاركة في المؤامرة الكونية على سوريه وخصوصاً السعودية وقطر للسعي إلى إعادة خلط الأوراق في المنطقة من جديد، فمنذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض قامت إسرائيل باستباحة الأراضي الفلسطينية ومصادرتها لبناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية على مرأى ومسمع العالم كله قابله صمت عربي مطبق إضافة إلى ذلك كشف النقاب عن نيات إلى خلط أوراق في الملف السوري من خلال إعادة طرح ما يسمى المناطق الآمنة ضمن الأرض السورية وخصوصاً بعد اقتراب تركيا من إيران ودخولها تحت العباءة الروسية وبعد نجاحات الجيش العربي السوري والحلفاء بتوجيه ضربات مباشرة للبنية التحتية للتنظيمات الإرهابية ما أدى إلى شل قدراتها العسكرية والاستسلام للفكرة الروسية التركية الإيرانية بحضور اجتماع أستانا في كازخستان الذي استطاع فيه المجتمعون تثبيت وقف إطلاق النار ما أظهر تخبط أميركا وعجزها عن تنفيذ مشروعها الفتاك بسوريه.
وللدلالة على ازدواجية المعايير في قرارات ترامب الهوجاء وعدم ارتكازها على قواعد صلبة هي التوصية التي قدمها معهد «كاتو» للدراسات مشيراً إلى خطاب ترامب الانتخابي الذي كان مركزاً على الدول التي شكلت تهديداً مباشراً للأمن القومي الأميركي إلا أن ثلاثة عشر شخصاً من أصل تسعة عشر ممن شاركوا بالعملية الإرهابية في نيويورك عام 2001 هم من التابعية السعودية ومع ذلك لم تشمل العقوبات أو حظر دخول أميركا رعايا المملكة العربية السعودية ويضيف معهد «كاتو» في مطالعته أن الدول السبع التي شملها قرار منع دخول رعاياها الولايات المتحدة لم تشكل يوماً تهديداً مباشراً أو غير مباشر للأمن القومي الأميركي وهذا الأمر إن دل على شيء فهو يقودنا إلى أن قرارات ترامب هي قرارات غب الطلب جاهزة للبيع وحسب مردود الصفقات المالية إذا ما عدنا إلى تصريحات ترامب نفسه الذي طالب فيها دول الخليج بدفع بدل حراسة وحماية حين قال إذا أردتم حمايتكم عليكم أن تدفعوا مقابل الحماية وهذا ما يفسر الإسراع السعودي إلى تهنئة ترامب على مستوى الملك ووزير خارجيته كما يفسر سبب عدم الإتيان على ذكر السعودية في لائحة الدول المحظورة من دخول أميركا.
على الرغم من إقدام القاضي الفيدرالي لولاية واشنطن سياتل «جيمس روبرت» بإبطال مفاعيل قرار ترامب وإصدار قرار فدرالي بعودة العمل بنظام التأشيرات كما كان قبل صدور قرار المنع إلا أن هذا الأمر لم يمنع حدوث إرباك وترقب لدى مختلف الأوساط بانتظار تطور الأمور بين إيران وأميركا بالتحديد وخصوصاً بعد توجيه الاتهام المباشر لإيران بالتدخل في الحرب اليمنية وتزويدها الحوثيين بالصواريخ المضادة لبوارج السعودية البحرية وتهديد أمن الملاحة في باب المندب.
شخصية عربية كبيرة أفادتني أن لا خوف من اندلاع حرب إيرانية أميركية لأن أميركا ودول الخليج لن يتحملوا تبعات خسائر تلك الحرب لكن تلك الشخصية لفتت إلى خريطة المؤامرة في الوطن العربي معتبراً أن سوريه المنتصرة هي الأساس أما إيران فهي تشكل حجر الزاوية لمناهضة أميركا وإسرائيل وأردفت تلك الشخصية قائلة: إن أميركا مرتهنة لإرادة إسرائيل ولن توقف تآمرها على الوطن العربي وستستمر في محاولات إضعاف وتفتيت بلادنا بهدف الحفاظ على وجود إسرائيل وإذا أردنا إفشال مخططات أميركا وإسرائيل وبعض العرب ما علينا إلا المقاومة والاقتداء بسوريه العربية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن