من دفتر الوطن

على مذبح النفط

| حسن م. يوسف 

من أسخف الأعاجيب التي أفرزتها هذه الحرب الإجرامية التي تشنها الفاشية العالمية بالتحالف مع الفاشية الدينية على وطننا الحبيب سورية أولئك الكتبة الذين كانوا حتى البارحة يزايدون على ماركس وأنجلز ولينين في التقدمية، ويستخدمون «الديمقراطية» كسُبحة لا يكفون عن الطقطقة بها آناء الليل وأطراف النهار، وأتفه ما تفتقت عنه (قرائح) هؤلاء تبنيهم لشعار الأهبل جورج بوش، «من ليس معنا فهو ضدنا» فأنت ديمقراطي وفهيم زمانك وفريد عصرك وأوانك ما دمت تتبنى طروحاتهم ومواقفهم وأفكارهم، أما إذا سمحت لنفسك أن تكون مختلفاً عنهم ولم تجتر مواقفهم وشعاراتهم، فعندها يصبح أكل لحمك مشروعاً بملح أو من غير ملح. وهكذا يصبح شاعر كبير ومثقف وطني نزيه ومستقل مثل المبدع الكبير نزيه أبو عفش هدفاً مشروعاً لشتى أنواع الشتائم ومختلف أنواع الافتراءات والتهم الكاذبة لأنه رفض الدعوات للهجرة، وبقي داخل سورية وأعرب عن انحيازه لبلده في حربه على الفاشيين الذين ينفذون برنامج المحافظين الجدد المتمثل في إعادتنا إلى العصر الحجري.
والعجيب الغريب هو أن هذه السخافات أطلقت ضد المبدع الكبير نزيه أبو عفش من كاتب «تقدمي!» يعيش في «مربط خيلنا» منذ نحو أربعة عقود ويحمل جنسية تلك البلاد، وقد جاءت هذه الافتراءات في مقال نشر على صفحات جريدة «القدس العربي» التي تصدر في لندن، والتي اشترتها مشيخة قطر بمن فيها من كتَّاب، وعلى رأسهم هذا التقدمي المزعوم!
الكتاب الشرفاء الذين تعاونوا مع القدس العربي منذ انطلاقتها قبل نحو ربع قرن قطعوا علاقتهم بها- وعلى رأسهم الكاتب العربي الفلسطيني الكبير رشاد أبو شاور- لأنهم أدركوا أن مشيخة قطر قد اشترت «القدس العربي» لا حباً بالقدس ولا بالعرب، بل لتوظيفها كمخلب قط في أيدي العصابات الفاشية في حربها على الدولة السورية.
ومن عادة الدول النفطية أن تشتري المنابر المتميزة التي تزعجها، كما فعلت السعودية بمجلة المستقبل وبجريدة الحياة، وعندما يعجز «الكرشماليون» الخليجيون من ملوك النفط والغازات عن إسكات وسائل الإعلام التي تفضح عوراتهم، عن طريق شرائها، أو رشوة كتابها، يأمرون خدمهم بمحاصرتها وقطع الموارد عنها، إلى أن تختنق، كما حصل مع جريدة السفير اللبنانية. أو يأمرون بإنزالها عن الأقمار الفضائية التي تبث عليها، كما حصل مع قناة المنار وقناة الدنيا وعدد من الأقنية السورية والعربية.
قد يظن بعض القراء الأعزاء أنني سهوت عن إيراد اسم ذلك (الكاتب المتفرنس) الذي تناول شخص الشاعر المبدع نزيه أبو عفش بالافتراء، إلا أنني في الحقيقة تعمدت تجاهله، فأمثال هذا الشخص لا يليق بهم سوى النسيان!
والحق أنني بدأت أعتمد أسلوب الرد على أفكار الشخص وتجاهل اسمه، منذ بداية الحرب الفاشية ضد وطننا السوري، فقد تعرضت مراراً للشتم والافتراء ممن يسمون أنفسهم (إعلاميين سوريين) في الخارج، فكنت أفند أكاذيبهم وأدحض افتراءاتهم من دون أن أذكر أسماءهم، وقد ألوذ بالصمت أحياناً، كما فعلت مراراً مع (إعلامي) موتور يفتري عليَّ ويلفق كلاماً تافهاً ينسبه إلي، فأنا أفضل أن يظن بعض القراء أنني «عاجز عن الرد» على الكاذب! على أن أساهم في نشر أكاذيبه! لذا أحاول أن أتجنب التعاطي مع أمثال هؤلاء، إلا في حالات الضرورة القصوى، إذ أثبتت لي التجارب أن العراك معهم محكوم بالخسارة وقد سبق لي أن استنتجت قبل سنوات أن طبيعة القذر تكسبه نوعاً من الحصانة، فإذا ما وقع عليك لوّثك، وإن وقعت عليه لوّثك أيضاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن