سورية

إصــرار تـركــي على المشاركــــة في عمليــــة الرقــــة و«الديمقراطية» أوقفت عملية السيطرة على الطبقة

| وكالات

لا تزال أنقرة مصرة على المشاركة في عملية تحرير الرقة على الرغم من أن الخطط الأميركية المعدة للعملية لا تلحظ أي دور تركي. وأمس سجلت محاولة أميركية للاطلاع على الآراء التركية حول سبل تحسين العلاقات الثنائية التي تدهورت في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وسعى المسؤولون الأتراك إلى انتزاع تعهد من دول الخليج بربط موافقتهم على تمويل مشروع «المناطق الآمنة» التي ينوي الرئيس الأميركي دونالد ترامب إقامتها في سورية للحد من تدفق اللاجئين على أوروبا، بأخذ واشنطن حساسيات أنقرة بعين الاعتبار، لدى تنفيذ المرحلة النهائية من عملية تحرير الرقة. وبدا أن النجاح كان حليف المسؤولين الأتراك في مسعاهم هذا.
وأكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس أن عملية «درع الفرات»، التي لا تزال غارقة في حقل الألغام الكبير المسمى «الباب»، ستُستكمل في المرحلة القادمة. ونقلت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء عن أردوغان قوله أمام تجمع محلي: «بعد هذه المرحلة (الباب) سنتجه نحو منبج، وفي حال توصلنا إلى اتفاق مع الولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي والسعودية وقطر سننتقل إلى تطهير الرقة من قطيع القتلة المسمى داعش».
وزار أردوغان البحرين والسعودية وقطر، في حين زار رئيس الأركان التركية خلوصي آكار الإمارات. وفي تماه مع الموقف التركي، وصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لأول مرة، «حزب الاتحاد الديمقراطي» وذراعه العسكرية «وحدات حماية الشعب» بالتنظيمين الإرهابيين، وذلك مقابل تبني أنقرة الموقف السعودي من إيران.
وفي ميونيخ الألمانية، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم ونائب الرئيس الأميركي مايك بنس على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، حسبما ذكر بيان صادر عن رئاسة الوزراء التركية نقله موقع «ترك برس»، وأوضح أن يلدريم تناول مع بنس سبل محاربة التنظيمات الإرهابية، والتحرك المشترك في هذا الإطار. وذكر البيان التركي أن نائب الرئيس الأميركي أوضح أن إدارة بلاده ترغب في فتح صفحة جديدة مع تركيا في مسألة محاربة الإرهاب، والتعاون الإقليمي، مؤكداً لرئيس الوزراء التركي أنه سيأخذ المواضيع التي جرى بحثها على محمل الجد.
وفي الغضون، أعلن يلدريم أن تركيا لن تشارك بشكل مباشر في عملية تطهير الرقة، مبيناً أنها ستكتفي بتقديم الدعم التكتيكي اللازم لإنجاح العملية. وقال: «الولايات المتحدة وتركيا مع القوات المحلية، وقوات المدنيين والجيش السوري الحر، وغيرها من القوات في المقدمة في حين نحن في الخلف». لكن المسؤول التركي حذر من أن التعاون بين أنقرة وواشنطن سيتأثر سلباً في حال قررت الأخيرة الاستعانة بـ«قوات سورية الديمقراطية»، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمادها.
وإلى الآن لم تحصل أنقرة على جواب شاف من واشنطن بخصوص عملية الرقة، إذ وبالترافق مع لقاء يلدريم بنس كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يبدي استغرابه من اعتماد الولايات المتحدة على تنظيم إرهابي (في إشارة إلى الوحدات الكردية) لمحاربة تنظيم إرهابي آخر (في إشارة لداعش)، على الرغم من أن تركيا وأميركا دولتان حليفتان.
واتهم جاويش أوغلو «حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي» «بيدا» بتنفيذ عمليات «تطهير عرقي» والسعي إلى السيطرة على المزيد من الأراضي السورية، من أجل إنشاء كانتون عليها، وأضاف بشكل حاسم «نحن لا نقبل إنشاء دولة إرهابية في شمالي سورية أو العراق»، وشدد على ضرورة مكافحة كل التنظيمات الإرهابية في سورية، وعدم إضفاء الشرعية على «بيدا».
ومن جانبه، اعتبر وزير الدفاع التركي فكري إشك أن عملية درع الفرات جعلت واشنطن تبدأ بالإنصات إلى الطروحات التركية فيما يخص قتال داعش. وقال في حوار مع صحيفة «حرييت» التركية: «مع درع الفرات، أولاً تغير اللاعب الرئيسي على الساحة السورية، باتت تركيا هناك بدعمها لقوات الجيش السوري الحر، ثانياً تغيرت الأوضاع على الأرض فقد تم إبعاد داعش عن الحدود التركية، ثالثاً تغيرت المعطيات فقد باتت المناطق التي تسيطر عليها القوى المدعومة من قبل تركيا واسعة»، وأضاف «لذلك، بدؤوا (الأميركيين) بالاستماع لنا كما قلت».
وعن اللقاء الذي جمعه بوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، أكد إشك بأنه أبلغ الأخير وجهة النظر التركية التي لا ترى وجود أي فارق بين «بيدا» و«حزب العمال الكردستاني» «بي. كا. كا»، مشيراً إلى أن الوزير الأميركي أبلغه بأنهم لا يمتلكون أية خطة غير تلك التي يتم تنفيذها حالياً. وأضاف: «قال لنا (ماتيس) لدينا نحن الخطة أ، وأنتم قولوا لنا الخطة ب، لذلك تم بعد (اللقاء) مباشرة إرسال رئيس الأركان الأميركي، الجنرال جوزيف دانورد، إلى تركيا. نحن نود أن يكون لخططنا مكان، نود أن تقوم قوات الجيش السوري الحر والقوى العربية بقيادة العمليات في الرقة وألا يترك الأمر لقوات الاتحاد الديمقراطي، ولكن لم يتم الاتفاق على أي شيء حتى الآن».
وتابع إشك: «ولكن هناك ثلاثة مواضيع رئيسية أبلغنا بها ماتيس وهي بأنهم سيقدمون لنا المزيد من الدعم فيما يخص قتال العمال الكردستاني، وكذلك سيقدمون المزيد من الدعم لعمليات درع الفرات، وبأنهم يرون أنه من المستحيل وصل مناطق الإدارة الذاتية ببعضها، والنقطة الأخيرة في غاية الأهمية بالنسبة لنا، ومن جهتي فإن كل هذا حدث بسبب عمليات درع الفرات».
ميدانياً، نجح مسلحو داعش بصد هجوم المليشيات المشاركة في عملية «درع الفرات» داخل مدينة «الباب» بريف شرق حلب، على حين تستمر معارك الكر والفر بين الطرفين لليوم العاشر على التوالي داخل أحياء المدينة.
واستقدمت مليشيات «درع الفرات» والقوات التركية تعزيزات كبيرة لرفد قواتها المشاركة بالمعركة، لكن موقع «زمان الوصل» المعارض أشار إلى أن «انتشار الألغام التي خلفها مسلحو داعش في المواقع التي انسحبوا منها (في الباب) عرقلت عملية التقدم».
وأوضح الموقع أن داعش «يستميت بالدفاع عن الباب آخر معاقله في ريف حلب الشرقي والذي يعتبر بوابة أرتاله ومؤازراته من وإلى محافظة الرقة.
وبيّن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض أن محاولات التقدم التي يقوم بها مسلحو «درع الفرات» وداعموهم من القوات التركية ترافقت مع تجدد القصف بالقذائف المدفعية والصواريخ من قبل القوات التركية وطائراتها التي لا تفارق سماء المنطقة. وأشار المرصد إلى أن الاشتباكات تتركز في أطراف مدينة الباب الغربية والشمالية، بالترافق مع اشتباكات متقطعة في محيط قباسين وبزاعة.
ولا تزال القوات التركية تتحرش بـ«وحدات حماية الشعب» الكردية. وفي هذا الصدد، تحدث المرصد عن «سماع دوي انفجارات قرب الحدود التركية السورية، يعتقد أنها ناجمة عن قصف من طائرات تركية على مواقع للوحدات في قريتي تربه سبيه بريف القحطانية وجل آغا بريف الجوادية» في محافظة الحسكة.
كما أكد المجلس العسكري لمدينة تل رفعت المتحالف مع قوات «درع الفرات»، استهداف مواقع « حماية الشعب» في قريتي عين دقنة والبيلونة بريف حلب الشمالي الغربي، بقصف مدفعي.
على خط منفصل، أكد المرصد أن عملية السيطرة على مدينة الطبقة «توقفت»، لافتاً إلى «قوات سورية الديمقراطية» المدعومة من قبل التحالف الدولي لم تتمكن من السيطرة على منطقة سد الفرات. وأعرب المرصد عن تخوفه من قيام طيران التحالف الدولي بقصف السد وتدميره ومن ثم الادعاء بأن تنظيم داعش هو من فجره، محذراً جميع القوات المتواجدة في المنطقة من التسبب بدمار السد، والذي سينجم عنه «كارثة إنسانية كبيرة» فيما لو حدث.
في الغضون، أعلنت «سورية الديمقراطية» سيطرة عناصرها على قريتي بير شماري وفتاتيش على طريق الرقة مكمن بالريف الشرقي للمدينة وجاء ذلك بعد سيطرتها على قرية شويحان وجسر شنينة الواصل بين ضفتي نهر البليخ الغربية والشرقية.
وبعد السيطرة على بير شماري انتقلت الاشتباكات بين القوات الديمقراطية ومسلحي داعش إلى قرى المعامرة الجنوبية والشمالية، و«صباح الخير»، شمال شرق الرقة، وذلك على حين تمكنت عناصر القوات مدعومة من التحالف الدولي، من السيطرة على قرية جويس ضمن الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور.
وفي الريف الغربي للرقة، دارت الاشتباكات بين الجانبين قرب مزارع قريتي الأنصار والرشيد، وسط محاولة داعش التقدم باتجاه قرى السويدية الصغيرة، ووديان، وحمارين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن