اقتصادالأخبار البارزة

وفد «مصالحة» حكومي لإصلاح ذات البين بين الجمارك والتجار … القلاع: لا يحق لأحد أن يأكل البيضة والتقشيرة لوحده.. هذا غير مقبول … وزير الاقتصاد: 40 مليون يورو الانخفاض في عجز الميزان التجاري في 7 أشهر

| الوطن- صالح حميدي – عبد الهادي شباط

طغت روح الدعابة على كلمة رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق غسان القلاع الترحيبية بوزراء الاقتصاد والمالية والتجارة الداخلية ومدير عام الجمارك والحضور خلال لقاء أمس مع الفعاليات التجارية لمناقشة موضوع شائك وحساس هو الجمارك، فقال ممازحاً وزير المالية «كنا نأمل أن تمنح الفعاليات التجارية والصناعية وغيرها إعفاءات من الضرائب عن عام 2017» ووجه الكلام مبتسماً لوزير الاقتصاد واصفاً يده بـ«الطرية» وأنه وعد بحزمة من الإجراءات سوف تسر التجار. وتوقع القلاع أن يفضي هذا اللقاء والذي جاء بتوجيه من الحكومة إلى نتائج جيدة على جميع الصعد وخاصة في مواضيع الاستيراد والتصدير والجمارك والمالية.. علماً بأن النقاشات أصبحت ساخنة.

افتتح الحديث وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية أديب ميالة، من موضوع السماح باستيراد البطاطا المصرية حتى منتصف الشهر الجاري، مبيناً أن الحكومة حرصت على أن يكون الاستيراد بالتشارك بين القطاع الخاص والعام، وبالتالي تم تقاسم الكمية المسموح استيرادها بين الشركة السورية للتجارة بـ5 آلاف طن، وتجار سوق الهال بمثل هذه الكمية، منوهاً بأن التأخير الذي حصل في وصول حصة سوق الهال دفع إلى تمديد مهلة الاستيراد أسبوعاً إضافياً لينتهي بتاريخ 22 الشهر الجاري.
وفيما يخص الجمارك بيّن ميالة أن الموضوع أشبع نقاشاً وبحثاً داخل أروقة الحكومة وحظي باهتمام كبير. مبيناً أن نقاط الجدل والنقاش تمحورت حول أين تكون صلاحيات الجمارك، هل عند الحدود أم على الطرقات أم داخل المستودعات أم في منافذ البيع، مؤكداً أن الجميع يوافق على معارضة التهريب والوقوف مع حماية الإنتاج الوطني «فلا مصلحة لأحد بتهريب مواد تصنع محلياً».
منوهاً بأن آلية الاستيراد لا تتضمن أي مواد كمالية ولا تزال محصورة بمستلزمات الإنتاج والمواد الأولية والمواد الغذائية الأساسية لمعيشة المواطن مع مراعاة حاجة الصناعة الوطنية.
وكشف ميالة عن انخفاض العجز في الميزان التجاري 40 مليون يورو خلال سبعة أشهر «هذا نتيجة التحسن الملحوظ في نشاط القطاع الخاص.. فجميع القرارات اليوم هدفها تنشيط التجارة، ونأمل منكم زيادة الصادرات وجاهزون لمناقشة جميع المقترحات في هذا الأمر لأن التصدير أمر مهم جداً».

حديث المال
من جانبه، بيّن وزير المالية مأمون حمدان أنه من النادر وجود سلعة نادرة في أسواقنا، فكل شيء متوافر، كاشفاً عن قيام مديرية الجمارك بضبط الكثير من المواد الغذائية لا تصلح للاستهلاك البشري، منوهاً بأن المضار الاقتصادية للتهريب سوف تنعكس على الجميع، وقال موجهاً كلامه للتجار: «علينا أن نتساعد في مكافحة التهريب. إن مساعدتكم أقوى من أي قرار.. وكل شيء قابل للدراسة والنقاش».
وأكد وزير المالية أنه تم وضع اللمسات الأخيرة لقانون الجمارك الجديد، وسوف يكون قانوناً عصرياً ومهماً جداً.. و«يمكن للملاحظات التي سمعناها اليوم أن تفيدنا في التعديلات على مشروع القانون قبل صدوره».

جديد خلطات الغش
بدوره، أعلن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد الله الغربي عن موافقة الحكومة على قرار يسمح بالتراخيص للمنشآت الصناعية والحرفية خارج المخططات التنظيمية، وعلى ذلك يمكن للصناعيين الترخيص مؤقتاً لمزاولة أعمالهم.
وبانتقاله للحديث عن هواجس التموين أكد الغربي أنه لن يكون هناك بضائع غير معروفة أو غير موصفة خلال الفترة الحالية إذ «ضبطنا الكثير من البضاعة غير صالحة للاستخدام البشري، وفي إحدى المرات ضبطنا مواد اختلط فيها المازوت بمادة رب البندورة، إضافة إلى ضبط 6 برادات لحوم فاسدة قادمة من حماة، وكل براد يحمل 600 كيلو غرام من التوابل لتغطية رائحة فساد اللحمة، إلا أنه وبمجرد فتح باب البراد كنا نبتعد بسرعة من الرائحة الكريهة للحمة الموجهة للاستهلاك».
ووعد باجتماع موسع مع الفعاليات التجارية يوم الخميس القادم لمناقشة قرار إلزام تجار بعض المواد الأساسية بيع 15% منها للقطاع العام بسعر التكلفة مؤكداً بأنه «سوف ندرس جميع الطروحات، فنحن كحكومة ندرس ونتحاور ونناقش كل المقترحات المطروحة»

بلغة التجار
عرض القلاع لمجموعة من المشكلات، التي يعاني منها الوسط التجاري، قائلاً: «شعارنا في الغرفة أن سورية لجميع أبنائها، وكل فرد لديه حصة مساوية للآخر، ولا أحد له حصة أكثر من الثاني» وأضاف: «لا يحق لأحد أن يأكل البيضة والتقشيرة لوحده.. فهذا غير أمر مقبول».
وفي عرض المشكلات قال: «لدينا مشكلة في المواد الغذائية بشقيها في سوق الهال والبذورية، وأعتقد أنه في حال زيادة العرض تتوافر المواد وتنخفض الأسعار وتكون الأمور مريحة للمستهلك.. وكل تقصير يحصل في العرض يقابله تهريب، والتهريب مزعج للجميع.. لذا نأمل وضع قبضة حديدية على المهرب».
وأشار إلى أن أسعار مواد العصرونية مرتفعة، والسماح بها قيد الدراسة حالياً، وقد تدرج ضمن قائمة الاستيراد، وهناك من أمل بمعالجة موضوع القروض المصرفية المتعثرة، وقد أصبحت تحتاج إلى حسم نهائي لكونها تشكل هاجساً لدى المقترضين.

لهجة حامية
وبالانتقال إلى تساؤلات الحضور، تحدث تاجر من سوق الهال عن موضوع البطاطا قائلاً: «دوريات الجمارك تدخل إلينا بين الساعة 5 و6 صباحاً وتقوم بمصادرة كميات من البطاطا وأمس صادرت كميات من البصل على أنها مهربة، إلا أن الجمارك لا تعرف البطاطا المهربة من غيرها.. وهذا يؤثر في سعرها، فالكيلو اليوم ثمنه 350 ليرة سورية، ويمكننا أن نساعد الجمارك بتحديد البطاطا المهربة من غير المهربة، والمطلوب اليوم السماح باستيراد هذه المواد، فالناس تريد أن تأكل، وهل منع الاستيراد يوفر القطع الأجنبي؟».
وقال ياسر كريم من الحضور: «مطلوب اليوم مصالحة اقتصادية إلى جانب المصالحات الوطنية، ويجب أن تكون المحال مرتاحة في عملها كي يكون الاقتصاد مرتاحاً.. لذا نطالب أن تكون الجمارك بعيدة نوعاً ما عن المحال كي تقوم بعملها».
تاجر مواد غذائية سأل: «من يتحمل نفقات مكوث البضاعة في المرفأ نحو 20 يوماً ريثما يتم التسعير في التموين.. ومن غير المقبول تسعير أجرة نقل سيارة الشحن 22 ألف ليرة بينما ندفع 400 ألف ليرة في الواقع.. هناك أمور لا يعرفها الوزراء.. فالتسعير مجحف».

مدير الجمارك يدافع
بعد ذلك، عرض مدير عام الجمارك آلية العمل الجمركي، مؤكداً أن دور الجمارك مكافحة التهريب على كامل جغرافيا الدولة، وقال: «هناك توجيهات بعناية من الخارج لإدخال البضائع المهربة من أجل ضرب الاقتصاد السوري، فالإرهاب هدفه إضعاف الليرة وذلك باستنزاف القطع عبر التهريب».
وأضاف: «في موضوع التهريب يجب أن نتساعد جميعاً، ولا يجوز أن يكافح التهريب في منطقة ويترك في منطقة أخرى، وتم تخفيف 80% من منابع التهريب في بعض المناطق التي تقيم فيها دوريات جمارك وفق الاستراتيجية الجديدة.. وإذا لم يتم ضبط التهريب فليس هناك معنى لترشيد الاستيراد».
وأشار إلى أن بعض التجار يعرضون البضاعة المهربة لبيعها في الأسواق وهم يعلمون أنها غير نظامية، مؤكداً بأن التعليمات الجديدة بألا تتوجه دوريات الجمارك إلى المحال إلا في حال وجود تبليغ بشأن أحد المحال، ووجود معلومات عن مستودعات تحوي مهربات في المدينة.
وعن الإرساليات الزراعية، قال: «لا يمكن ضبط إرسالية زراعية بشكل عشوائي، إذ ترسل عينات من المواد المصادرة لخبراء للتبين من أنها مهربة أم لا.. ويتم الإفراج عن البضاعة التي يتبين أنها نظامية غير مهربة». وفيا يخص مصادرة البطاطا من سوق الهال خلال اليومين الماضيين «فكانت لوجود البضاعة في السوق قبل موعد وصول الإرسالية ما يعني وجود تهريب».

الطون يفضح الأرباح
احتج أحد التجار من الحضور على بيانه الجمركي والقيمة الكبيرة للرسوم والضرائب، فرد عليه مدير الجمارك من وحي البيان الجمركي المعروض: «من غير المقبول أن يكون ثمن كرتونة الطون التي تحوي 48 علبة 16 دولاراً.. هذا السعر غير مقبول»، وهنا تدخل وزير المالية موضحاً «يعني ثمن العلبة 135 ليرة.. فكم سعرها في السوق؟» رد عدد من التجار بين الحضور «بين 450 ليرة للطون الناعم و600 ليرة للقطع».

عناصر تسرق من تاجر
وتعرض عليه بيع البضاعة
بائع مفرق قال: «عناصر من الجمارك دخلت المحل منذ نحو العام تقريباً وسرقت المسابح ومن ثم عرضوها علينا للبيع».. مدير الجمارك يتدخل: «استغرب هذا الأمر رغم وجود مكتب للشكاوى يعمل 24 ساعة».. وأضاف مشدداً: «يمنع منعاً باتاً وجود عناصر مسلحة للجمارك في الأسواق.. وأرجو إخبارنا بأي تجاوز فوراً». وأضاف أحد تجار: «نحن أمام حكومة كريمة، وسوف نتكلم بصراحة، بعض العناصر يقومون بابتزازنا عبر الهاتف بملايين الليرات».
مدير الجمارك يرد: «الدوريات سوف تدخل المدينة في حالات الضرورة فقط وسوف تكون برفقة ضابط من رتبة كبيرة.. وذلك في حال وجود معلومات بوجود مستودعات تحوي مهربات».

التهريب بالشحن
اعترض مدير جمعية شحن البضاعة في سورية على موضوع التعرض لهم من دوريات الجمارك في الطرقات.. فتدخل مدير الجمارك: «هناك تهريب في شركات الشحن وضبطنا عشرات القضايا من التهريب عبر بعض الشركات.. إضافة إلى وجود سيارات تحمل كميات تجارية بدون بيانات ووثائق.. وجاهزون للمساعدة، فهناك عناصر مسيئة تسيء للإدارة بالكامل».
وقال أحد التجار من الحضور: «لماذا لا تتم مكافحة التهريب في المناطق الحدودية؟ فالمهربات تدخل إلى وسط المدن بسيارات كبيرة لماذا لا تحاسب؟ وتتم ملاحقتها عند التوزيع المفرق؟».
لكن ما أثلج صدر الحضور من التجار ودفعهم للتصفيق الحار ما أعلنه مدير الجمارك بأن «البضاعة التي يتم تخليصها في الأمانات الجمركية ممنوع توقيفها من أي دورية جمارك وأنا مسؤول عن ذلك، وجاهزون لتلقي أي شكوى حول الموضوع».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن