سورية

الأمر ظهر بوضوح في الحرب على داعش في شمالي سورية .. اشارات استفهام كثيرة حول تزايد أعداد الضحايا المدنيين وأسبابه

| وكالات

تزايدت نسبة الضحايا المدنيين جراء قصف الطيران الأميركي مع تمتع وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» في ظل الرئيس دونالد ترامب بحرية أكبر في إدارة حروبها بالطريقة التي تراها مناسبة دون الحاجة للحصول دائماً على موافقة البيت الأبيض في المسائل المهمة، الأمر الذي ظهر جلياً في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي في شمالي سورية.
وبحسب تقرير لوكالة «أ ف ب» للأنباء، فإن كثيرين في الجيش الأميركي يقدرون هذه الإدارة الذاتية المتزايدة، على حين يحذر معارضوها من أنها تزيد من نسبة الضحايا المدنيين وتعرض حياة الجنود الأميركيين إلى الخطر وتؤدي إلى انعدام الرقابة على النزاعات التي تنخرط فيها الولايات المتحدة.
ولم يبد هذا التحول جلياً في أي مكان بقدر ما ظهر في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي في شمالي سورية حيث كانت تخضع حتى التعديلات الصغيرة في مخططات الولايات المتحدة إلى تدقيق مفصل من البيت الأبيض خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
ومنذ تنصيب ترامب من أكثر من شهرين، أدخلت قوات مشاة البحرية سلاح المدفعية إلى سورية ومئات من قوات «الصاعقة» (رينجرز) البرية، ما رفع العدد الإجمالي للقوات الأميركية هناك إلى نحو ألف.
ويدرس قادة الجيش إمكانية نشر مئات آخرين على حين أعلن «البنتاغون» هذا الأسبوع أنه قدم دعماً مدفعياً وتم تنفيذ عملية إنزال بري خلف خطوط العدو في محاولة للسيطرة على سد إستراتيجي.
ويشكل هذا الهامش الأكبر الذي منحه ترامب للبنتاغون تغييراً كبيراً لمجلس الأمن القومي الذي ينسق بين السياسات الخارجية والعسكرية ويطبق أجندة الرئيس للأمن القومي.
وخلال عهد أوباما، كان المجلس يراقب كل جانب من الحروب الأميركية في العراق وسورية وأفغانستان ولم يمنح وزير الدفاع آشتون كارتر مساحة للتحرك بمفرده. أما ترامب، فهو على العكس، يستعين بوزير دفاعه جيمس ماتيس لاتخاذ القرارات العسكرية. وقال المتحدث باسم البنتاغون كريس شيروود: إن «جيمس ماتيس أعطي حرية العمل لتنفيذ العمليات العسكرية بالطريقة التي يراها الأنسب».
وكانت زيادة عدد القوات مسألة حساسة لأوباما الذي بنى حملاته الانتخابية على الوعود بوقف حروب الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وعدم إرسال قوات أميركية إلى الأرض في أي نزاع.
ولطالما انتقد رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ السناتور جون ماكين، تدخل مجلس الأمن القومي. وأشار إلى أنه يفضل حصول قادة الجيش على المزيد من الحرية في التحرك قائلاً: «لا يجب علينا أن نستشير أشخاصاً في الثلاثينيات من عمرهم لنرد على هجوم في أفغانستان. »
وأما زميله في اللجنة ماك ثورنبيري فتحدث عن زيارة قام بها إلى أفغانستان خلال عهد أوباما حيث سمع اتصالاً من أحد موظفي مجلس الأمن القومي يسأل عن كمية الوقود في الطائرات على مدرج الإقلاع. وأشار إلى أن «مستوى التدخل في أدق التفاصيل كان لا يصدق، وبالطبع، على حين يقوم مجلس الأمن القومي بمعالجة الأمر، يكون هدفك غير تحركاته».
ولم يسلم ترامب كذلك من الانتقادات لنهجه في عدم التدخل إذ يتساءل مراقبون إن كان البنتاغون يفتح الطريق أمام تزايد عدد الضحايا المدنيين.
إلا أن المسؤولين العسكريين ينفون ذلك بشدة ويؤكدون أن سلامة المدنيين أولوية قصوى عند إقرار أي عملية.
وأفادت منظمة «ايروارز» التي تضم تجمعاً للصحفيين والباحثين وتتخذ من لندن مقراً لها، بأنها لم تعد قادرة على متابعة الغارات الروسية إثر انشغالها بإحصاء القتلى المدنيين الذين يعتقد أن قصف طائرات الولايات المتحدة وقوات التحالف تسبب بهم.
وأكد مدير «ايروارز» كريس وودز أن «قرار تعليق تقديراتنا بشأن الغارات الروسية بشكل مؤقت كان غاية في الصعوبة».
كان البنتاغون أقر بأن ما لا يقل عن 220 مدنياً قتلوا عن غير قصد منذ بدء العمليات على تنظيم داعش في أواخر صيف 2014. وبحسب تقديرات «ايروارز»، فإن العدد يفوق ذلك بعشرة أضعاف.
من ناحيته، أكد مسؤول أميركي في وزارة الدفاع أن أي قتلى إضافيين هم ضحايا المعارك في المناطق المأهولة المكتظة بالسكان مثل الموصل في العراق والمناطق المحيطة بمدينة الرقة. وقال: «أدرك أنه لم يحدث تغيير في درجة التسامح مع وقوع ضحايا مدنيين».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن