رياضة

بعيداً عن النهائي وبطل كوبا أميركا– تشيلي 2015…السيليستي ممّل وكولومبيا نمر من ورق والكل خاسرون إلا…؟

خالد عرنوس : 

اختتمت أمس على ملاعب تشيلي منافسات النسخة الرابعة والأربعين من كوبا أميركا أعرق بطولة قائمة للمنتخبات في العالم وقد عرف الجميع بطلها من خلال النهائي الذي جمع تشيلي والأرجنتين ووحده الفريق المتوج سيكون الرابح الأكبر من هذه البطولة، وحتى الفريق الوصيف سيكون خاسراً بمعيار كرة القدم هذه الأيام ولنا وقفة مع هذا الأمر في وقت لاحق.
وتعتبر بطولة تشيلي 2015 بطولة خاسرة بكل المقاييس لكل المنتخبات الأخرى بدءاً من البطل السابق الذي خسر لقبه وسمعته وليس انتهاءً بنظيره البرازيلي الذي خاض بطولة للنسيان وقد أفردنا له في عدد الثلاثاء الماضي موضوعاً خاصاً عن حاله فيها، وبالطبع مروراً بالبارغواي التي خسرت الوصافة وتلقت صفعة أرجنتينىة قاسية في نصف النهائي، أما المنتخب الكولومبي فجاء خروجه من دور الثمانية طبيعياً بعد مستواه الهابط فظهر نجومه كأنهم خيال لهم عندما يلعبون بقمصان أنديتهم.

نمر من ورق
هو عنوان قديم جاء عنواناً على تحليل أداء منتخب كولومبيا في مونديال أميركا قبل 21 عاماً ويومها رشح بعض المراقبين المنتخب الكولومبي بقيادة فالديراما واسبريللا وفالنسيا للعب دور مهم في العرس العالمي إلا أن الفريق سقط من الدور الأول، وما أشبه اليوم بالبارحة فقد خيب منتخب الكوفيتيروس (القهوجية) الآمال في تشيلي على الرغم من تجاوزهم الدور الأول وخروجهم من ربع النهائي بركلات الترجيح.
الكثيرون من خبراء اللعبة ووسائل الإعلام وربما مكاتب المراهنات وضعت المنتخب الذي يقوده المدرب الأرجنتيني الخبير خوسيه بيكرمان في مقدمة المنتخبات المرشحة للقب كوبا أميركا إلا أن خيمس رودريغيز ورفاقه كوادرادو وكارلوس باكا ورادوميل فالكاو فشلوا في تأكيد هذا الأمر وسقطوا فنياً قبل أن يخسروا رقمياً ولاسيما على الصعيد الهجومي حيث فشلوا بتسجيل أكثر من هدف يتيم، ومن سخرية القدر أنه حمل الفوز الوحيد لهم على السيليساو البرازيلي وكان سبباً في تأهلهم إلى الدور الثاني والطريف أن أحداً من النجوم السابق ذكرهم لم يكن صاحب الهدف.
ويحسب ربما للمدرب بيكرمان وخط دفاعه وحارس مرماه أن شباكهم لم تهتز أكثر من مرة يتيمة أمام فنزويلا والغريب أن الفريق بدا شبحاً وخاصة أمام الأرجنتين الذي تسيد المباراة بالطول والعرض ونجا مرمى ديفيد أوسبينا من نتيجة كارثية، والأغرب أن لاعباً مثل رودريغيز لم يسدد إلى مرمى الخصوم سوى مرات قليلة لم تكد تتجاوز أصابع اليد.

خيال بطل
إذا كان المنتخب الكولومبي نمراً من ورق فإن السيليستي الأورغوياني كان خيالاً لبطل 2011 فلم يقو لاعبو أوسكار تاباريز على الدفاع عن لقبهم ولم يحققوا سوى فوز وحيد على الضيف الجامايكي وفشلوا بمجاراة الألبيسيلستي الأرجنتيني ولم يستطيعوا الحفاظ على تقدمهم على البارغواي وعلى الرغم من الظلم الذي حاق بهم في لقاء أصحاب الأرض في ربع النهائي إلا أنهم ظهروا بصورة باهتة لم تعكس أداء فريق قدم إلى تشيلي للحفاظ على لقبه وزعامته للبطولة.
عشاق السيلستي تخوفوا قبل البطولة من غياب هدافهم الأعلى لويس سواريز وكذلك اعتزال هدافهم التاريخي دييغو فورلان وأيضاً المخضرم دييغو لوغانو الذي لم يستدعه المدرب لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن الفريق سيبدو على الصورة السيئة التي بدا عليها، فقد أدى معظم مبارياته باحثاً عن عدم الخسارة وخاصة أمام الأرجنتين حيث استحق لقب الفريق الممّل، وحتى عندما لعب أمام اللاروخا مباراة لا تقبل القسمة على اثنين كان الطرف الأضعف رغم الظروف التي لعبت ضده ولاسيما عقب طرد مهاجمه كافاني.
هداف سان جيرمان والمهاجم الأهم في تشكيلة تاباريز بدوره لم يكن بوضعه الطبيعي، ففي الوقت الذي أشارت التوقعات إلى بروزه في ظل غياب سواريز وفورلان إلا أنه كان مستسلماً للمدافعين وفاقداً للفاعلية وقد وقع ضحية للمدافع التشيلياني خارا الذي استفزه وأخرجه عن طوره ليخرج بالحمراء ما سهل تجريد البطل من لقبه.

تجارب مفيدة
وبالعودة إلى المنتخبات الأربعة التي غادرت البطولة من الدور الأول نجد أن الإكوادور لم يقدم جديداً يدل على تحسن مستواه المتراجع منذ نهائيات مونديال 2006 فخسر مباراتين، الأولى بشكل منطقي أمام تشيلي افتتاحاً والثانية بغرابة أمام بوليفيا قبل أن يعود أمام المكسيك بالفوز 2/1 الذي لم يكن كافياً فجاء خروجه من الدور الأول منطقياً.
الفوز الإكوادوري كانت له سيئة وحيدة وهي إبعاده للمنتخب المكسيكي من الدور الأول للمرة الثانية على التوالي والأخير فضل خوض البطولة من باب تهيئة بعض اللاعبين ليشاركوا في بطولة الكأس الذهبية التي ستنطلق بعد أيام مفضلاً إراحة بعض النجوم الذين يعول عليهم في رحلة كأس القارات 2017، واستطاع الفريق (الثاني) للتريكولور فقط تسجيل نتيجة مميزة بفرضه التعادل على اللاروخا بنتيجة 3/3 بعد مباراة مثيرة من الجانبين.

مكانك راوح
من التجارب المفيدة أيضاً كانت مشاركة جامايكا ضيف (آخر طبعة) فقد أتى بطل الكاريبي للاستفادة من الاحتكاك مع منتخبات أميركا اللاتينية وخرج بدرس مفاده: إن الدفاع منهج قديم لا تتبعه إلا الفرق الصغيرة وقد عفا الزمان عليه في حال أراد منتخب ما مجاراة فرق أقوى منه أسماءً وتاريخاً.
المهم أن المنتخب الجامايكي الذي هلل مدربه الألماني شافير كثيراً وتحدى الجميع خسر ثلاث مباريات بهدف وحيد وهو إنجاز كبير وخاصة أمام الأورغواي والأرجنتين وإن جاءتا بطريقة لعب مقيتة تقترب من أسلوب الفرق المبتدئة.
المنتخب الفنزويلي بدوره تراجع كثيراً عن نسخة 2011 ويومها حل بالمركز الرابع كأفضل إنجاز بتاريخه وعلى الرغم من تسجيله فوزاً مفاجئاً على كولومبيا إلا أنه خسر بصعوبة أمام البرازيل والبيرو فغادر البطولة من دور المجموعات ليستعيد دور الضيف خفيف الظل.
وصافة مهدورة
يمكننا القول: إن منتخب البيرو نجح بالحفاظ على موقعه بإبقائه على المركز الثالث عقب خسارته المنطقية والصعبة أمام صاحب الأرض ومن ثم فوزه على البارغواي، ويحسب للمدرب غاريكا أنه استعاد اكتشاف بعض النجوم في فريقه على طريق العودة إلى أمجاد السبعينيات وينتظر المراقبون مدى جدية ذلك من خلال التصفيات المونديالية التي ستكشف الكثير وستحمل مفاجآت كثيرة.
بالمقابل فقد انضم منتخب البيروخا البارغوياني إلى قافلة الخاسرين عقب هزيمته المذلة في نصف النهائي بالستة، وزاد في خيبته خسارته الثانية على التوالي بمباراة الترتيب ليحل رابعاً، وكان رفاق سانتا كروز نالوا الاستحسان حتى ربع النهائي وخاصة أنهم عادوا بالنتيجة في 3 مباريات ففرضوا التعادل على الثلاثي الكبير في القارة وأبعدوا البرازيل عن نصف النهائي.
في النهاية البطولة لم تف بعهدها من حيث مستوى الكبار على وجه الخصوص وقد يكون توقيتها أحد أسباب هبوط أكثر من لاعب كان يعول عليه ولذلك ظهر نجوم كبار دون بريق ما أثر بالتالي في مستوى فرقهم ولكن تبقى كوبا أميركا من البطولات التي تحظى بنسبة متابعة عالية فمنها خرج نصف أبطال العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن