اقتصادالأخبار البارزة

حوار هادئ لقضايا عاصفة.. رئيس الحكومة مع أساتذة الجامعة… أفكار قيد النقاش … خميس لـ«الوطن»: ملامسة المواطن لنتائج سياسات الحكومة مرتبطة بظروف الحرب … وزير الاقتصاد: لجنة مركزية مختصة بمتابعة جودة الصادرات السورية

| عبد الهادي شباط

أن يطلب وزير المالية في لقاء رئيس الحكومة مع أساتذة الجامعة «رفع درجة سخونة الحوار» فهذا لا شك يعطيك الانطباع الأولي على مدى خيبة أمل الحكومة بمستوى ما طرحه أساتذة الجامعة.
ففي اللقاء… الذي ترأسه وحضره رئيس الحكومة بدت طروحات أساتذة الجامعة نمطية وهادئة ولا تعبر عن حجم الانتقادات التي عادةً ما يعبرون عنها في أحاديثهم مع الصحافة.
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» على هامش اللقاء في قاعة رضا سعيد يوم أمس أكد رئيس مجلس الوزراء عماد خميس أن سرعة ملامسة المواطن لثمار ما تقوم به الحكومة من جهود وسياسات داعمة لتحسين المعيشة وتطوير وتعزيز الإنتاج وخلق فرص العمل وتنشيط الاستثمار، إنما يرتبط بالتطورات الميدانية وظروف الحرب الظالمة التي تشن على سورية بسبب تغير المعطيات والظروف بتغير وتحسن وضع الميدان.

وحول ضمان جودة الصادرات وتحقيقها للمواصفات القياسية بعد إعلان مسؤول من وزارة الاقتصاد وجود صادرات مخالفة للمواصفات، صرح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سامر خليل لـ«الوطن» بأنه تم تشكيل لجنة مركزية للجان فرعية في المحافظات مختصة بمتابعة جودة الصادرات السورية والمرؤوسة من وزير الاقتصاد حيث تتم متابعة هذا الموضوع في مراكز الفرز والتعبئة في المحافظات لمراقبة تحقيق الجودة وضبط المراكز المخالفة. كما أوكل هذا الموضوع لهيئة دعم الصادرات والإنتاج المحلي للتفاوض مع شركات خاصة حتى تقوم بهذا الموضوع وحالياً لا يوجد فكرة إنشاء هيئة خاصة بهذا الموضوع.

الحكومة تفرد أوراقها

قبل البدء بملفات الاقتصاد، عرّج خميس على موضوع التعديل الوزاري الأخير، موضحاً أنها خطوة في سياق التطوير والإصلاح الإداري ومواجهة الترهل، مؤكداً أنه لن يتم السماح بوجود أي ترهل في أي مفصل من مفاصل الحكومة، وسوف يتم مواجهة الخلل أولاً بالإعفاء، ومن ثم المحاسبة. مبيناً أن كل وزير يتعرض لتقييم أداء من لجنة خاصة، وكان وزير الزراعة قد خضع مؤخراً للتقييم من هذه اللجنة إذ قدم عرضاً لما قدمته الوزارة خلال تسعة الأشهر الأخيرة، وتم تحديد النقاط التي تحتاج إلى مزيد من العمل، خلال مخطط زمني واضح، مؤكداً أن كل وزير يخضع لمثل هذا التقييم، لذا فالتعديل قائم. كما أشار إلى أهمية التنمية البشرية في سورية لإعادة البناء.

وتطرق خميس إلى هيكلة جامعة دمشق، الذي أثار ضجة في الإعلام، موضحاً، أن الفكرة ليست «تقسيماً» كما تم تداوله، وإنما الموضوع قيد الدراسة ولم يقرر في صيغته النهائية حتى الآن، كما إن الملف مفتوح لمقترحات الأساتذة من أجل الوصول إلى صيغة إدارية مهمةّ قادرة على إدارة الجامعة بشكل نوعي ومميز، والخيارات مفتوحة، كإحداث عدة أكاديميات تحت مظلة واحدة هي جامعة دمشق.

وفي هذا الموضوع تحدث الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور رسلان خضور موضحاً أن فكرة «تقسيم» الجامعة أثار معظم الأساتذة، وهناك صيغ إدارية أخرى يمكن الاستفادة منها لتطوير الجامعة.

وبالعودة إلى حديث رئيس الحكومة، فبعد أن قدم صورة عامة عن الواقع السياسي والعسكري، عرض للواقع الاقتصادي والخدمي بالأرقام، مطمئناً بوجود احتياطي متميز من الذهب والعملات الأجنبية، «إلا أن هذا لا يعني استنزافه، لذا كان البحث عن مصادر تمويل للعمليات الإنتاجية وغيرها من المصادر غير التقليدية، ووجدنا بعض المصادر التي تؤمن إيراداً مميزاً، وخاصة ما يتعلق باستثمار الأملاك التي تملكها الدولة، والمؤجرة بـقروش الليرات السورية»، وأشار إلى وجود محلات تجارية مؤجرة لمدد تصل إلى 30 عاماً وبمبالغ زهيدة، بعضها بـ1500 ليرة شهرياً، «ما دفعنا لإحداث لجنة خاصة بإعادة تقييم أملاك الدولة المؤجرة لأخذ قرارات جديدة بإعادة تأجيرها بما يتناسب مع واقع الحال»، مبيناً أن الإيراد المتوقع مهم جداً من هذا المورد، وضرب مثالاً وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، التي بدأت تعيد تأجير 49 عقار بعقود جديدة وأسعار مناسبة، كما أشار إلى وجود مطبعة لإحدى الوزارات كانت مؤجرة بمبلغ 1.5 مليون ليرة سنوياً، تم إعادة تأجيرها بمبلغ 100 مليون سنوياً.

وتحدث عن إيرادات المقالع التي أوضحت بياناتها المقدمة للحكومة أنها بلغت 340 مليون ليرة في العام 2015، فأصبحت بعد المعالجة نحو 8 مليارات ليرة سورية، ما يدل على وجود إيرادات كانت مهملة، وفي المحصلة تم تأمين مبلغ 90 مليار ليرة سورية كإيرادات إضافية خلال الأشهر الستة الماضية من أنواع كهذه من الإيرادات التي كانت مهملة، وسوف تخصص لتمويل الإنتاج ودعم الزراعة وأسر الشهداء.
وفيما يخص القروض المتعثرة، أكد خميس أنه سوف يتم تخصيص المبالغ المحصلة لإعادة تمويل الإنتاج، منوهاً بأن المقترض المتعثر بشكل حقيقي ومسوّغ ويرغب في إعادة العمل والإنتاج سوف يمنح قروضاً، منوهاً بأن محفظة الإقراض سوف تضم المبالغ المتحصلة من القروض المتعثرة إضافة إلى مبلغ 300 مليار ليرة سورية خصصها المصرف المركزي لتمويل الإنتاج- أي إن الرقم الإجمالي قد يزيد على نصف ترليون ليرة سورية على أساس أن إجمالي مبلغ القروض المتعثرة يزيد على 256 مليار ليرة- مؤكداً جدية الحكومة بتحصيل كل ليرة، دون أي تحامل على أحد، مقراً بأن المبلغ كان يعادل عدة مليارات من الدولارات قبل الأزمة، أما اليوم فهو أقل بكثير بسبب التضخم وانخفاض قيمة الليرة، لكن العمل في هذا الملف يبقى محكوماً بالأنظمة والقوانين.

وفيما يخص ضبط سعر الصرف، أكد خميس وجود سياسة نقدية متبعة للحفاظ على استقراره، ولن يتم الإعلان عنها، دون أن يكون هناك تدخل مباشر عبر شركات الصرافة كما كان الأمر في وقت سابق، منوهاً بأنه عندما بادرت الحكومة إلى إيقاف التدخل المباشر لم تنخفض الليرة كما كان متوقعاً من قبل البعض، وأن يصل الدولار إلى 800 ليرة، بل حافظ على استقراره، وهذا واضح للجميع، وخاصة عندما تم الحديث بأن فتح الاستيراد للمواد الأولية ومستلزمات الإنتاج قد يساعد في خفض قيم الليرة، لكن بحكم التجربة، هذا لم يحدث كما كان متوقعاً. علماً بأن حاكم مصرف سورية المركزي دريد درغام أكد أن هناك مفاجآت في مجال السياسة النقدية مع بداية العام 2018.

وعن حاجات البلد من المشتقات النفطية والقمح، بيّن خميس أن الحاجة الشهرية من المشتقات النفطية تقدّر بنحو 250 مليون دولار أمريكي، والقمح بنحو 40 مليون دولار. مبيناً أن الحاجة الشهرية هي نحو 3 ملايين برميل من النفط، يتم تأمين 2 مليون من الدول الصديقة، ما يعني أن الحاجة هي نحو مليون برميل شهرياً، ولتأمين هذه الكميات لجأت الحكومة إلى عدة سيناريوهات، كتأمين كامل الحاجة والاستمرار بتأمينها مهما كان النقص لضمان استمرارية العملية الإنتاجية، لكن الاعتداء الإرهابي على شرق حمص أدى إلى خسارة مشتقات بنحو 2 مليون دولار يومياً، ما أضر الحكومة ودعاها لوضع سيناريو جديد، واليوم هناك خطة جديدة تقوم على إصلاح البنى التحتية لتأمين تدفق النفط، إضافة إلى إبرام عقود توريد طويلة الأمد مع الدول الصديقة. معرجاً على موضوع توقيف عدة سفن كانت محملة بالنفط وفق عقود أبرمتها الحكومة، ما زاد تعقيد الأزمة النفطية، لكون تأمين البواخر ليس بالأمر السهل، ورغم ذلك، تم الحد من الأزمة ومعالجتها قدر المستطاع.

وفيما يخص التأمين، بيّن رئيس الحكومة أن القطاع بدأ الآن بالتعافي والتطور بشكل ملموس، خلافاً لما كان يسوق من بعض الشركات في وقت سابق بأن القطاع تضرر وتخرب وسوف يعاني الكثير من المشكلات. منوهاً بمعالجة العديد من الملفات في القطاع كالتأمين الصحي والمعهد العربي للتأمين.

كما أشار إلى قانون الجمارك الذي يتم إعداده حالياً واصفاً إياه بالقانون العصري والمميز والخالي من الثغرات. مشيراً إلى إصلاح المحاكم الجمركية بما يعزز التنمية الاقتصادية، معتبراً الجمارك مفصلاً مهماً في الاقتصاد.
وعن القطاع الصناعي تحدث رئيس الحكومة عن الإعفاءات والامتيازات والتسهيلات التي تقدمها الحكومة للقطاع الخاص الصناعي للعودة إلى العمل، إلا أن البعض في القطاع مازال متردداً، منوهاً بأن الحكومة جاهزة لسد كل الثغرات التي تعوق الإنتاج والعمل في القطاع الصناعي، مشيراً إلى تحسن الأداء في بعض القطاعات الصناعية وتعافيها، وخاصة قطاع الصناعات النسيجية الذي تعافى بشكل كامل تقريباً.

وفيما يخص القطاع الزراعي تحدث عن استرجاع نحو 55 ألف هكتار من الأراضي الزراعية من الإرهابيين، مشيراً إلى التسهيلات والإعفاءات لتسهيل تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي.

وأشار خميس إلى دعم أسطول النقل الداخلي عبر التعاقد لشراء 600 باص جديد، منها 200 من روسيا، ومثلها من بيلاروسا، ومثلها من إيران.

حديث خبراء الاقتصاد
سأل أستاذ من جامعة حلب عن خطة الحكومة لمعالجة مسألة هجرة الشباب قائلاً: « عندما أدخل إلى القاعة الدراسية أشاهد عشرات البنات مقابل عدد قليل جداً من الشباب، ما يحز في نفسي، فما هي خطط الحكومة لحل هذه لمشكلة؟».
كما سأل عن الترفيق الذي دخل علم الاقتصاد ليساهم في رفع الأسعار. وسأل عن سبب العمل بما يسمى التعويض المعيشي بدل زيادة الراتب، والتي لا تشملها أي زيادة مستقبلية.
في حين تحدث الدكتور رسلان خضور من جامعة دمشق عن ضرورة تأسيس فرق لإدارة الأزمات ولو أن الوقت متأخر بعد ست سنوات من الحرب، إضافة إلى الإسراع بإقامة معمل للعصائر لتصريف إنتاج الحمضيات البالغ نحو 1.1 مليون طن قائلاً: «كان من المخجل استيراد عصائر طبيعية من دول خليجية ليس فيها ولا شجرة حمضيات ونحن لدينا الفائض». كما تحدث الدكتور إبراهيم ميدة من جامعة دمشق عن ضرورة العمل على إيضاح التكاليف الحقيقية في العملية الإنتاجية لكونها ترسم السياسات الصناعية وعلى أساسها تصدر القرارات. كما تحدث الدكتور مصطفى العبد الله الكفري من جامعة دمشق عن ضرورة تحسين المستوى المعيشي للمواطنين وزيادة فرص العمل وزيادة الاستثمارات.
بدوره أشار وزير الاقتصاد السابق همام الجزائري إلى أن أهم تحد يواجه الحكومة هو عنوان السياسات التي تقوم عليها، وذلك من خلال خبرته السابقة في الوزارة. وقال «يتضح أن العنوان الرئيسي للحكومة الحالية هو تعزيز الخدمة الذاتية على الإنتاج وتعزيز الإنتاج المحلي وأن تكون الأولوية للتشغيل، بينما لو كان الهدف الحلول الإسعافية، لتطلب ذلك تلبية جميع الاحتياجات عبر الاستيراد.. ولعل طرح هذه القضايا حال دون سخونة المحادثات اليوم».
وسأل أحد الصحفيين رئيس الحكومة عن موضوع ضبط الأسعار المرتفعة أو تحسين مستوى دخل المواطن الذي لم يعد قادراً على الاستهلاك. وهنا رد خميس بأن موضوع زيادة الرواتب عبر التمويل بالعجز يعني مشكلة كبيرة، لذا يتم العمل على تحسين الإنتاج والتوظيف. كما أكد أن زيادة الرواتب غير مجدية في حال لم يكن هناك تنمية.

لقطات

• جلس على المنصة الرئيسية رئيس الحكومة وإلى جانبه وزير التعليم العالي ورئيس المجلس الاستشاري ورئيس جامعة دمشق ووزير الاقتصاد وحاكم مصرف سورية المركزي ووزير المالية.
• حضر الاجتماع نحو 60 أستاذاً جامعياً وعدد من الصحفيين.
• تجاوز وقت الاجتماع أربع ساعات.
• أحد الأساتذة من جامعة الشام الخاصة التابعة للقيادة القطرية امتدح الحكومة ورئيسها وقال إنها تستحق وساماً.
• دعا رئيس الجامعة لاستراحة مدتها 10 دقائق.
• رد رئيس الحكومة على جميع الأسئلة بشكل مباشر.
• طلب وزير المالية من الحضور طرح أسئلة ساخنة.
• الفريق الصحفي التابع لرئاسة مجلس الوزراء طلب من الزملاء رفع سقف الأسئلة مع استعداد رئيس الحكومة للإجابة عنها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن