ثقافة وفن

الاحتفاء بالفائزين بجوائز الدولة التشجيعية لعام 2016 … وزير الثقافة: سورية تصمد وتنتصر بفضل جيشها وقائدها وأبنائها وثقافتها وحضارتها

| وائل العدس – تصوير طارق السعدوني

وزعت وزارة الثقافة يوم أمس جوائز الدولة التشجيعية لعام 2016، للفائزين فيها وهم سمر ديوب في مجال النقد والدراسات، والشاعر أنس بديوي في مجال الآداب، والخطاط عرابي أبو بكر في مجال الفنون بحضور وزير الثقافة وعدد من السفراء والمسؤولين، بالحفل الذي أقيم في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق.

حيوية الشعب
قال وزير الثقافة محمد الأحمد في كلمته: لا تتطور الأمم ولا تزدهر إلا بقدر ما تهتم بعلمائها ومبدعيها ومثقفيها، هذه حقيقة نعرفها جميعاً ولا يمكن نكرانها، إذ لا يمكن لأي دولة أن تكون قوية إذا كانت ثقافتها ضعيفة. وليس من الضروري أن تمتلك هذه الدولة أسلحة ذرية أو صناعة ثقيلة أو نفطاً كي تكون قوية، بل يكفي أن يكون لديها أبناء مخلصون قادرون على الابتكار والإبداع كي تشق طريقها إلى صدارة الأمم.
وأشار إلى أن الثقافة توحد بين الشعوب رغم أنها تقوم على إبراز ما هو مختلف فيها، فلكل شعب، بل ولكل إنسان وجهه الخاص وملامحه المختلفة، ولكن يوحد بين هذه الوجوه والملامح المتمايزة رغبتها في العيش بكرامة وسلام وإظهار أفضل ما لديها.
ورأى أن الثقافة تساعدنا على تخطي الصعاب ومواجهة المحن في الأزمنة الصعبة كزمننا هذا، وإن سورية تصمد وتنتصر بفضل جيشها وقائدها وأبنائها الصامدين المدافعين عنها، وهي تصمد وتنتصر أيضاً بفضل ثقافتها العريقة وحضارتها الممتدة في التاريخ.
وأضاف: أشعر بالفرح عندما أرى رجال الثقافة السوريين يصرون على مواصلة العمل والإنتاج في أصعب الظروف، ويصرون على حمل أقلامهم وريشهم وآلاتهم الموسيقية تحت القصف وانهمار قذائف الخيانة والغدر، لأن هذا يدل على حيوية الشعب السوري وقوته الداخلية وصلابة روحه، ويدل على أن بلداً لدى أبنائه هذا الإصرار على الاحتفاء بالجمال لا يمكن أن يهزم.

كنز لا ينضب
أبدت سمر ديوب شكرها لسورية، بلد الشمس، طائر الفينيق الذي ينهض من تحت الرماد، شقفة الروح والأمل، وقالت: أشعر بالفخر أنني أنتمي إلى هذا البلد، هذا البلد المغروس في عمق الحضارة البشرية.
وعبرت عن سعادتها بالجائزة لسببين، الأول أن المرأة حين تكرم في وطنها فإن للتكريم طعماً لا ينسى وبريقاً خاصاً لا يعادله أي بريق، والسبب الثاني أن الجائزة رمز جميل يكرم به الإنسان المجدّ في ميادين البحث والإبداع، وأنها تعني لي تسليط الضوء على أعمالي النقدية وتعني زيادة الحماسة كي أقدم الأفضل في المستقبل وتسلط الضوء على أعمالي الأدبية. إنها تعني الكثير من الدعم النفسي لي وتثبت أن كنز الإبداع في سورية لا ينضب على مستوياته كافة.
وأشارت إلى أنه «منذ بداية عملي في النقد وأنا أنظر إليه وكأنه فن قد يصل إلى مستوى الإبداع، ذلك أن النقد يكشف جماليات النص الأدبي وقبحياته وهو نص فني يوازي فنية النص الأدبي، فهو ليس حالة استدراكية على الأدب، إنه حالة أساسية ولا مستقبل للإبداع الأدبي في غياب القراءة النقدية الواعية والمنتجة لحقيقة النص، فالنقد وإن كان منطلقه التوق فهو فكر ومنهج وعلم، وهذه الأمور لا تنطبق فقط على الدراسة النقدية بل أرى أنها انسحبت على حياتي الشخصية التي غدت خاضعة للضبط المنهجي الذي استقيته من الممارسة النقدية، والنقد حرفة وصناعة كما قال نقادنا القدماء، وتوجه رئوي في الحياة ذلك أن على الناقد أن يمتلك المشاعر الثقافية التي لا تنفصل عن المشروع الثقافي والقومي».

وجع الإنسان
«أنا شاعر شدّت على أعصابه أوتار قلب غرائب الأكوان.. غنيت فارتعش الربيع.. وقبّل الثغر حضارة الإنسان.. أنا بعض كل الناس.. أرسمهم على شفة الوجود.. بريشة الفنان»، بهذه الأشعار افتتح الشاعر أنس بديوي كلمته.
وقال: باسم الشعر أقف أمامكم، مستذكراً تجربة شعرية، تجلت في خمس مجموعات شعرية هي «وثب الأصيل»، «طقوس الغياب»، «سفر النبوة»، «الوجع الأسود»، «سنابل الملح»، وأحسبها تجربة تكرس مفهوم الشعرية بوعي نقدي جمالي ناضج، يلمسه القلب كلما اطلع على مجموعة جديدة، ولعل الملمح الأسلوبي الأبرز فيما أزعم في هذه التجربة، هو ما قدمه ديوان «الوجع الأسود»، فهو محاورات شعرية لعتبات نصية لشعراء أفارقة، إنه وجع الإنسان، أياً كان هذا الإنسان، وفي أي بيئة وجد، إذا كان هذا الإنسان جوهر الوجود على الأرض فإن الشاعر سيخلق منه وجوداً علوياً سماوياً.
وأكمل: أما الثيمة التي تجمع هذه التجربة، فهي ثيمة الوطن:
وطنٌ على وجع الخريطة يُرسم
القلب صاغ له القصائد والدّمُ
وطنٌ تفورُ على الرمال جراحهُ
وتلوب عطشى في السماء الأنجم
وطنٌ بعطر الكبرياء عجينة
تتحطم الدنيا ولا يتحطم
وأوضح أن هذه الجائزة نقطة مضيئة في تجربة أي مبدع، وفي تجربة أي شاعر، هي إحساس بمسؤلياتنا نحو المتلقين وبعمق الكلمة التي تخرج من الوجدان حتى يتلقاها الوجدان.

الخط العربي
بدوره افتتح الخطاط عرابي أبو بكر كلمته مستشهداً بقول المأمون: «لو فاخرتنا الملوك الأعاجم بأمثالها لفخرنا بما لنا من أنواع الخط يقرأ كل مكان ويترجم بكل لسان ويجد مع كل زمان».
وقال: هذا تراثنا وعلينا أن نحميه ونحافظ عليه من الضياع والاندثار، وأن ننشر هذا الفن الأصيل بكل صدق وأمانة، الذي ورثناه عن آبائنا وأجدادنا وقبل أن يكون فناً وإرثاً حضارياً، فهو لغة القرآن الكريم ولغتنا العربية الأصيلة.
وأضاف: الخط العربي واحد من اهتماماتي الشخصية والذي أصبح مهنة أعتز وأفتخر بها بعد صقل موهبتي من خلال دراسة أكاديمية في مركز الفنون التطبيقية بحلب، وأقوم بتدريسها لطلابي على مستوى محافظتي حلب واللاذقية، وتكريس الأصالة العربية من خلال الخط العربي، كما أنني نهلت من مدرسة الخطاط الراحل هشام بغدادي رحمه الله، وتأثرت به كثيراً، وكانت كراسته الشهيرة قواعد الخط العربي بداية مشواري في الخط، إلا أنني كتبت العديد من المدارس الخطية المعروفة لدى الخطاطين.
وأكد أن النجاح جاء من خلال كتابة متواصلة ومستمرة ومشاركات متعددة محلياً ودولياً ومعارض فردية، والخبرة والإبداع لعبا دوراً كبيراً في نيلي هذه الجائزة الكريمة.

جائزة الدولة التشجيعية
يشار إلى أن جائزة الدولة التشجيعية أطلقت بناء على أحكام المرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2012، ومن الشروط الواجب توافرها بالمرشح أن يكون عربياً سورياً، وأن يكون قد أمضى في مجالات البحث أو الإبداع مدة لا تقل عن عشر سنوات، وأن يكون إنتاجه منشوراً وذا قيمة متميزة تسهم في تطوير الواقع البحثي النقدي أو الأدبي أو الفني، وألا يكون قد سبق حصوله على جائزة مماثلة، وألا يتجاوز عمره خمسين عاماً بتاريخ تقديمه الطلب.
وتختص الجائزة في ثلاثة مجالات هي أولاً الفنون (الموسيقا، المسرح، السينما، الفنون التشكيلية والتطبيقية، الاتصالات البصرية)، وثانياً الآداب (الشعر، الرواية، القصة القصيرة، المسرحية، أدب الأطفال)، وثالثاً النقد الأدبي والفني والدراسات الأدبية واللغوية والترجمة والعلوم الإنسانية.
ويمنح الفائز خمسمئة ألف ليرة سورية، وميدالية تذكارية مع براءتها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن