بعد داعش.. إسرائيل تراهن على مجموعات أخرى!
| تحسين الحلبي
إن من هزم داعش في الميدان العسكري والسياسي، أحبط بشكل واضح المخطط التوسعي الإسرائيلي في المنطقة، وهذه المعادلة أصبحت حقيقة في أعقاب انتصار سورية وحلفائها على داعش في سورية ولبنان والعراق.
هذا ما أكدته التصريحات العلنية الإسرائيلية طوال فترة الحرب على سورية، ففي حزيران من العام الماضي كان رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية العميد هيرتسي هاليفي قد أعلن أمام المؤتمر السنوي الذي يعقده «مركز هيرتسليا» الإسرائيلي للدراسات والأبحاث أن «إسرائيل لا تريد وضعاً تنتهي فيه مجموعات داعش وتهزم في سورية»، وكان هذا الموقف جزءاً من تقدير الوضع الذي قدمه في مركز هيرتسليا.
وأضاف: «إن الإدارة الأميركية، في عهد باراك أوباما، بدأت تتراجع وستجد إسرائيل نفسها أمام سورية وحزب الله وهما في مستوى من القوة، وإن وضعاً كهذا يتطلب منا بذل جهود كبيرة لكي لا نصل إلى هذه النتيجة».
واليوم بعد أكثر من عام تقريباً على مؤتمر هيرتسليا، يبدو أن إسرائيل فقدت جزءاً مهماً من أوراقها بل من «قواعد اللعبة» التي أرادت استمرارها ضد سورية ولبنان والعراق، فماذا يمكن أن تضع على جدول عملها أمام الانتصار المقبل لسورية على مجموعات داعش في شمال شرق البلاد وفي دير الزور؟
الكل تابع في السنوات الثلاث الماضية محاولات إسرائيل العلنية لتشكيل تحالف إسرائيلي مع عدد من الدول العربية وفي مقدمتها السعودية بدعم أميركي لتقسيم سورية واقتسامها، وها نحن الآن في نهاية عام 2017 نطالع صورة هزيمة هذا المشروع الإسرائيلي الأميركي الرجعي في المنطقة كلها بعد مجابهة سورية في كل المجالات لهذا المخطط وانتصارها عليه، ولذلك تتوقع مصادر ذات صلة في الأردن أن تبدأ المملكة الأردنية بمراجعة السياسة التي انتهجتها تجاه سورية منذ العام الأول للحرب عليها، خصوصاً بعد تمكن الجيش السوري والجيش العراقي من تعزيز قواته في حماية الحدود المشتركة مع الأردن، وجاء الاتفاق الذي توصلت إليه موسكو مع واشنطن في جنوب سورية بتحديد منطقة «تخفيض للتصعيد» عند حدود الجولان المحتل، فوجه ضربة للمطامع الإسرائيلية في تلك المنطقة مثلما وجه ضربة للمساعي الإسرائيلية التي أرادت أن تفرض على الأردن تنسيقاً يستهدف الأراضي السورية في الجنوب لمصلحة إسرائيل.
ولذلك يحاول الآن نتنياهو التركيز على ما يسميه «خطر الوجود الإيراني في سورية» على إسرائيل والمنطقة لكي يبقي موضوع إيجاد تحالف إسرائيلي مع عدد من الدول العربية على جدول عمل هذه الدول ونقله إلى جدول عمل أميركي بريطاني فرنسي لحشد الجميع ضد سورية وإيران وحزب الله.
لكن من خسر في جولة الحرب التي دامت على سورية 7 سنوات حتى الآن، هل يستطيع الوقوف في وجه محور المقاومة التي تصدرت انتصاراته سورية وحلفاؤها؟
يعترف العميد المتقاعد من المخابرات العسكرية الإسرائيلية أودي ديكيل في دراسة «لمعهد أبحاث الأمن القومي» الإسرائيلي أن إسرائيل لن يكون بمقدورها إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لأن الأطراف الثلاثة سورية وإيران وحزب الله أصبحت روسيا حليفة لها على المستوى الإقليمي والعالمي، ويرى أن إسرائيل «تستطيع تعريض مصالح هذا التحالف للخطر والتهديد وستحتاج لدور أميركي فعال إلى جانبها لتحقيق هذا الهدف»، ويستخلص في نهاية الدراسة أن إسرائيل مطالبة الآن «بتعميق تدخلها ودعمها لمجموعات المعارضة المسلحة بعد هزيمة مجموعات داعش وإقناع واشنطن بعدم التخلي عن هذه المجموعات في أي نشاطات مقبلة ضد القيادة السورية والجيش السوري ضد إيران».
إن نظرة بسيطة إلى ما خسرته إسرائيل من انتصار سورية وحلفائها تدل على أنها فقدت أولاً: ورقة داعش، وثانياً: ورقة التنسيق مع الأردن، وثالثاً: ورقة توظيف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطة مشتركة، فهي تجد أن أردوغان خسر في الداخل التركي وخسر كل أهدافه لإسقاط الحكم في سورية وخسر الثقة به من الاتحاد الأوروبي وأصبح عاجزاً حتى عن المحافظة على وجود الجنود الأتراك في الأراضي السورية، إضافة إلى أنه تخلى أيضاً عن مجموعات كثيرة من المعارضة السورية المسلحة.
ويبدو أن نتنياهو سيمتحن بعض الحكام العرب في شهر أيلول الجاري في مقر الجمعية العامة حين يبدأ موسم اجتماعاتها فيطلب منهم الموافقة معه على قرارات معادية لسورية وحلفائها كورقة أخيرة يستخدمها أمام هزيمته على الأرض.