قضايا وآراء

لحظة الحقيقة في الرّقة..

| باسمة حامد 

استعدادات الجيش العربي السوري وحلفائه لتحرير الرقة لم يكن خبراً ساراً للصحف الغربية، فدحر «داعش» من العاصمة المفترضة للخلافة المزعومة سيدفع التنظيم المتشدد لنقل معاركه إلى ساحات أخرى في ظل التوقعات بتزايد النشاط الإرهابي في العالم.
وربطاً بهذا الاستنتاج، من الملاحظ ارتفاع وتيرة التصريحات الأميركية الغربية في الآونة الأخيرة بشأن ضرورة تحرير مدينتي الرقة والموصل «بأسرع وقت ممكن»، وكان لافتاً في هذا السياق، أن وزير الدفاع الفرنسي شدد على إنجاز العملية لضرورات «الأمن القومي»، وطالب «بإستراتيجية عالمية» تتضمن «تنفيذ عمل عسكري جماعي ضد مشروع داعش».
إلا أن هذا التركيز على الرقة يندرج في إطار الاستثمار الأميركي الغربي للوقائع والمتغيرات لكونه يأتي بالتزامن مع مؤشرات عسكرية تؤكد عزم تحالف موسكو للتقدم صوب المدينة التي احتلها التنظيم المتشدد منذ عامين وخصوصاً بعد نجاحه في قطع طرق إمداداته الرئيسية مع تركيا، ووفق المرصد المعارض فإن القوات الحكومية السورية أصبحت على بعد «بضعة كيلومترات من الحدود الإقليمية للرقة بعد تحقيق تقدم سريع شرقًا على طول طريق سريع صحراوي في الأيام القليلة الماضية من إثريا».
إذاً حانت لحظة الحقيقة، فتحالف واشنطن مازال يرفض عرض الرئيس الروسي بوتين حول «تشكيل جبهة عالمية موحدة ضد الإرهاب».. ودخوله على خط استعادة الرقة بهذا التوقيت الذي تُستكمل فيه الإنجازات الميدانية الوازنة بمعظم الجغرافيا السورية.. يؤكد أنه بات مقتنعاً بأن تحرير المدينة آت لا محالة.
وللتأكيد كانت شبكة (فوكس نيوز) الإخبارية الأميركية قد أشارت مؤخراً إلى أن «مقاتلي التنظيم يحصنون دفاعاتهم تخوفاً من هجوم وشيك على المدينة».. في حين تحدثت صحيفة /تايمز/ البريطانية مطولاً عن دفاعات «داعش» المخترقة بشكل كبير من قبل الاستخبارات السورية شرق وشمال البلاد فضلاً عن التعاون الأمني بين المواطنين القاطنين في مناطق نفوذ التنظيم مع أجهزة الأمن السورية.
ما يعني أن تحالف «الإطاحة بالنظام السوري» الذي جاء بمشروع «الخلافة الإسلامية» يريد اقتحام الصورة لإظهار نفسه المنتصر الوحيد على «داعش» أو على الأقل الشريك الرئيسي الذي ساهم في هزيمة هذا الوحش الكوني، وما يبرر حالة التسابق الأميركي الروسي الراهنة لتحقيق هذا الإنجاز الإستراتيجي المهم أن تحرير المدينة سيكون مرحلة مفصلية وعلامة فارقة في تاريخ «الأزمة» لأنه سيؤسس إلى ما يلي:
1- بداية النهاية «لداعش» أقوى التنظيمات الإرهابية وأكثرها دموية وتوحشاً.
2- توجيه ضربة معنوية ومادية قاصمة للمشروع التكفيري بحيث ستُجبر التنظيمات الإرهابية على الاستسلام أو الانتقال نحو ساحات جديدة من بينها تركيا والسعودية.
3- سيسحب ذرائع التدخل الخارجي من يد واشنطن وحلفائها.
4- سيفتح الباب واسعاً أمام تطبيق القرارات الدولية الصادرة بخصوص محاربة الإرهاب وقطع مصادر تمويله.
5- سيطيح بأحلام النظامين الحليفين تركيا والسعودية.
6- سيعزز مصداقية الحكومة السورية، ويقوي دور الرئيس الأسد باعتباره تعهد مراراً بمنع تقسيم الدولة وبعودة الأمان إلى كل بقعة فيها وبتحرير كامل الأراضي التي يسيطر عليها الإرهابيون.
7- سيكرس قوة محور المقاومة، فمعارك الحسم تتواصل بمنحى تصاعدي على معظم الجبهات، واستعادة الرقة إلى حضن الدولة السورية ستثبت قوة الجيش العربي السوري وحلفائه وقدرتهم على إلحاق الهزيمة بإرهاب عالمي متعدد الجنسيات، واستثنائية هذا الإنجاز ربما ترتبط بما كشفه مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية «DNI» /جيمس كلابر/ من حقائق في لقاء ميونيخ بخصوص توجه أكثر من 38 ألف مقاتل أجنبي «ينحدرون من 120 دولة على الأقل» إلى سورية منذ العام 2012.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن