من دفتر الوطن

«الإرهاب والكباب»!

| عصام داري

لا أتحدث هنا عن فيلم عادل إمام «الإرهاب والكباب»، وإنما عن الإرهاب الذي يضرب سورية من الداخل والخارج، وعن «الكباب» المصنوع من لحم السوريين ولقمة عيشهم والذي يلتهمه الفاسدون في الأرض وتجار الأزمات والخارجون على قوانين الإنسان وبني البشر.
فإذا ابتلينا كسوريين بعصابات إرهابية جاءت من أربع جهات الأرض تدمر وتفجر وتقتل وترتكب أبشع المجازر المروعة بحق المواطن، فإننا مبتلون أصلاً (بعصابات) الفساد في الداخل السوري التي تأكل الأخضر واليابس، ولا تتوانى عن سرقة لقمة الفقير من فمه.
عندما ضرب زلزال قوي اليابان وتلاه حركة مدٍّ بحري «تسونامي» سقط على الفور أكثر من ثمانية آلاف ضحية، وتركت تسونامي دماراً هائلاً في محطة نووية وشبكات الكهرباء والهواتف وكبريات المصانع اليابانية العملاقة، لكن اليابانيين خرجوا سريعاً من حالة الصدمة وباشروا في إعادة البناء وحتى تشغيل خطوط الإنتاج في المصانع خلال أيام قليلة.
وكان لتعاون وتعاضد اليابانيين فيما بينهم، ومع التعليمات الحكومية، أثر عظيم ومؤثر في تجاوز تلك المحنة، ويقال إن اليابانيين تبرعوا بجزء من رواتبهم للتخفيف من آثار هذه الكارثة.
نعلم أن اليابانيين خرجوا من الحرب العالمية مهزومين، وتعرضت مدينتا هيروشيما وناغازاكي للتدمير الشامل بفعل تعرضهما لقصف بأول قنبلتين ذريتين أميركيتين في العالم، ومع ذلك نهضت اليابان خلال سنوات قليلة لتصبح واحدة من الدول الصناعية السبع الكبرى على مستوى العالم.
لا أريد المقارنة بيننا وبين الشعب الياباني القوي والمنظم والعامل بجد وإخلاص منقطع النظير، لكن مقارنة بسيطة هنا تفرض نفسها بقوة، فلماذا لا نفعل، ونقارن، من دون التقليل مما يمتلكه شعبنا الطيب من إرادة وعشق لوطنه، وخاصة خلال السنوات الخمس الفائتة.
المصيبة أن هناك من يحمل الهوية السورية لكنه لا يمتلك المواطنة الحقيقية، فهم إما تركوا سفينة الوطن وألقوا أنفسهم في أحضان صناع المؤامرة الكبرى التي تتعرض لها سورية منذ سنوات خمس خلت، وإما أنهم استغلوا الأزمة فمارسوا السرقة واحتكار المواد الغذائية التي هي قوت الشعب، وتاجروا بكل شيء، حتى بالمواطن الفقير نفسه.
خلال الأزمة تآكلت الطبقة الوسطى، وتضخمت ثروة أقلية نهبت البلاد والعباد لسنوات طويلة خلت، واتسعت الطبقة الفقيرة التي انضمت إليها شريحة واسعة من الطبقة الوسطى بعد أن أفقرتها الحال التي وصلت إليها سورية، ونبتت طبقة أثرياء الحرب الجدد المنتفعين من بعض العمولات والتجارة الرخيصة القذرة، التي أسهمت في صنع مجاعة حقيقية لم تعرفها سورية منذ (السفربرلك)!.
وحدهم الفقراء من يدفع الثمن من لقمة عيشهم، ومن دمهم، لأن الفقير هو المرابط في ساحات القتال دفاعاً عن الحياض السورية، وفي وجه الهجمة الإرهابية الشرسة والقذرة التي صدروها لنا من معظم بلدان العالم.
وهكذا نجد أن الإرهاب يتحالف مع من يأكلون الكباب، في حين يجد الفقير صعوبة بالغة في تأمين لقمة العيش له ولأفراد أسرته، فهل نجافي الحقيقة عندما نساوي الإرهابي بالشخص الذي يتاجر بلقمة المواطن؟.
هذه المرة غيرت أسلوبي في الكتابة، وغيرت موضوعاتي المفضلة، لأن صبرنا كاد ينفد!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن