قضايا وآراء

مخاوف إسرائيلية من الفراغ الأميركي في المنطقة

| تحسين الحلبي

في حوار أجراه رئيس (معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي) INSS عاموس يادلين رئيس المخابرات العسكرية سابقاً مع وزير الدفاع الإسرائيلي (أفيغدور ليبيرمان) كشف الأخير أنه من موقعه المسؤول يرى أن هناك محطتين سياسيتين يجب على إسرائيل التوقف عندهما الأولى هي «اتفاق أستانا». وهنا يقول ليبيرمان إنه: «منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن يتم اتفاق مهم لأزمة كبيرة من دون مشاركة وتدخل أميركي» والمحطة الثانية هي: «أنني أطلعت على تقرير يُعده المجلس المشترك لجميع وكالات المخابرات الأميركية وعددها (16) وهذا التقرير يتم إعداده مرة في كل أربع سنوات ويستغرق العمل فيه سنتين ويشارك في وضعه أكثر من (2000) مختص من (35) دولة. ويضيف (ليبيرمان) في المقابلة: «لقد قرأته وشعرت بتشاؤم كبير وكان على كل من قرأه أن يشعل الأضواء الحمراء في كل العواصم فهو لا يبشر إلا بشكوك كثيرة حول المستقبل. ونحن في إسرائيل مجرد طرف في هذا الجوار، فثمة فراغ خلفته واشنطن وراءها في المنطقة وهذا ما نخشى منه فالأمر لا يتعلق بدورنا لوحدنا».
وبعد هذه الإجابة أضاف ليبيرمان إنه يطالب أوروبا والدول الكبرى بعدم التوسط في حل النزاع مع الفلسطينيين واتهم المجتمع الدولي بالعجز عن حل كل المشاكل في العالم فلماذا يريدون التركيز على الحل هنا؟! وعرض في حديثه الحل الذي تريد إسرائيل فرضه وهو: «يجب التوصل أولاً إلى حل مع الدول العربية التي تقبل بما تعرضه إسرائيل» وأشار إلى وجود دول من النظام الرسمي العربي مستعدة لمثل هذا الحل وكشف أن العالم والقانون الدولي سيوافقان على «تحريك حدود إسرائيل وعلى تبادل السكان والأراضي لكي تصبح إسرائيل دولة لليهود وحدهم».
وفي مجمل الحوار مع رئيس (معهد أبحاث الأمن القومي) ظهرت مرارة الهزيمة الإسرائيلية في كلماته بسبب اجتماع أستانا وتوصل روسيا وإيران إلى اتفاق وقف نار يقود إلى نزع أسلحة المسلحين. فغياب الدور الأميركي في هذا الاجتماع شكل بنظر (ليبيرمان) أول فراغ في أول اتفاق يعول عليه في حقن الدماء في سورية وخصوصاً أن هذا الاتفاق وفر كما يقول (يادلين) أمام ليبيرمان لألد أعداء إسرائيل سورية وإيران وحزب اللـه هدنة واتفاقاً لوقف النار بهدف تصفية مجموعات داعش والنصرة ومن يرتبط بهما… وربما كان ليبيرمان قد قرأ في التقرير الاستخباراتي الأميركي الذي تحدث عنه أن واشنطن لم تستطع تحقيق أهدافها في سورية وإيران وضد حزب اللـه بعد كل هذه السنوات الست التي بذلت فيها كل الجهود وحشدت فيها كل الأعداء ضد سورية وحلفائها.
ولذلك يرى ليبيرمان أن زيارة نتنياهو إلى واشنطن للاجتماع بالرئيس ترامب لا بد أن تجري خلالها مناقشة هذه الهواجس والمخاوف الإسرائيلية من الفراغ الذي ولدته هزيمة إدارة أوباما في سورية والمنطقة.. وفي ندوة لـ(المعهد) نفسه يلاحظ البروفيسور الإسرائيلي (آشير ذاسير) المختص بشؤون المنطقة أن إسرائيل لم تستطع منع ظهور قوى إقليمية مثل إيران التي تشكل خطراً مستمراً على إسرائيل وتساند أي دولة ضد إسرائيل وخصوصاً مساندتها لسورية وهذا ما يضع إسرائيل أمام تحديات لا تتوقف.
وبالمقابل يشير البروفيسور (إيال زيسير) الذي يعتبر نفسه مختصاً بسورية ونشر كتاباً أثناء الأزمة السورية عن سورية إلى أن إسرائيل يجب أن تراهن على استمرار الحروب في المنطقة على أساس طائفي بين أكبر الطوائف الإسلامية بهدف تفتيت قدرات كل من يشكل تحدياً لإسرائيل ومستقبلها.
وهذا يعني بلغة بسيطة أن إسرائيل تجد نفسها أمام نتائج هذه التطورات إزاء حالة ضعف في وظيفتها مادامت أنها تخشى من الفراغ الذي ولدته أميركا في المنطقة وليبيرمان وزير الدفاع يعترف أمام (معهد أبحاث الأمن القومي) الإسرائيلي أن إسرائيل لوحدها لن تستطيع مواجهة التحديات التي تراكمت أمامها بسبب تزايد قدرة التحالف السوري- الإيراني- الروسي وما حققه في الميدان وفي أستانا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن