الكلاسيكو المستورد!
| مالك حمود
تحديات ومشاكسات ومشاحنات ومطاحنات، كل ذلك في عالم الرياضة، عالم التسلية والمتعة والترويح والجمال، فأين نحن من الرياضة بمفهومها الحقيقي؟ الكلاسيكو انتهى، وكلاسيكو الشارع الرياضي في سورية لم ولن ينتهي! فهل اكتشف الكثيرون أنهم من جذور إسبانية (مثلاً)؟ وهل بات حديث الكرة الإسبانية أهم من الكثير من قضايانا اليومية ورياضتنا الوطنية أم إنه هروب من الواقع الصعب وظروفه المنهكة وسفر الأحلام ولو في الكلام؟
القصة تجاوزت حدودها الطبيعية والمنطقية، وباتت تشكل حالة غريبة في مجتمعنا، فتصوروا أن عدداً من تلامذة إحدى مدارس العاصمة الابتدائية تغيبوا عن دوامهم المدرسي في اليوم الثاني من مباراة الكلاسيكو، والسبب ليس لمجرد كونهم من مشجعي فريق ريـال مدريد وحزنهم وألمهم على خسارته، بل إن تغيبهم كان خشية من (شماتة) زملائهم مشجعي فريق برشلونة على اعتبار أنه كان يوم عيد عند البرشاويين وحزن عند الرياليين، وصافرة نهاية المباراة كانت بمنزلة صافرة بداية السجالات في الشارع الرياضي السوري.
المسألة تجاوزت حدود التشجيع والمتعة، بل وصلت إلى حالة التحدي والتشفي وهذا ما لا تعرفه الرياضة الحقيقية أو تعترف به.
عدم قدوم الأطفال إلى مدرستهم لا يعني مجرد غياب عادي عن الدوام المدرسي، وإنما هو انعكاس حقيقي ودقيق لمفهوم الرياضة الخاطئ لدى ذلك الجيل.
جيل يفرض أن ينشأ على المحبة والاحترام المتبادل وتقبل الآخر واحترام مشاعره، جيل يفترض أن ينشأ على حب الرياضة لمجرد الرياضة والفائدة بعالمها الغني بالعلاقات الاجتماعية والمعارف والصداقات بين أبناء الوطن، وهذا هو الفوز الحقيقي للرياضيين قبل النتيجة الرقمية، لأن المباراة تذهب، ويبقى الإنسان،
ثقافة الرياضة الحقيقية مسؤولية الجميع، سواء المدرب في النادي أم الأهل في المنزل أم المدرس في المدرسة، وأظن أن المسؤولية المباشرة تقع على عاتق مدرسي التربية الرياضية في المدارس، على اعتبار أن الرياضة المدرسية يلفها جدل كبير وطويل، فهل يكون لها الدور في تنمية الفكر قبل تنمية البنية البدنية؟
الجيل الصاعد يمكن اللحاق به في التوعية والتوجيه والتربية الرياضية الحقيقية، ولكن من يعيد (برمجة) الكبار الذين دخلوا في مرض التعصب الرياضي وتشنجاته ولم يخرجوا منه؟!