رأى أن هناك اهتماماً إسرائيلياً بمراجعة اتفاق الفصل لعام 1974 … «مداد»: سورية وجهت ضربة كبرى لـ«إسرائيل» باستعادتها للمنطقة الجنوبية
| الوطن
اعتبر «مركز دمشق للأبحاث والدراسات- مِداد»، أن الدولة السورية وجهت ضربة كبرى لرهانات «إسرائيل» في الأزمة باستعادتها للمنطقة الجنوبية، وأن المواجهة انتقلت من طور إلى آخر، «وهذا ما تؤكده مؤشرات متزايدة حول اهتمام «إسرائيل» بمراجعة اتفاق الفصل لعام 1974، والتوصل إلى ضمانات روسية وأميركية حول أولوية أمنها من جهة سورية».
ونشر «مداد» دراسة بعنوان: «الجبهة الجنوبية: هل تسعى إسرائيل لتعديل اتفاق الفصل 1974؟»، من إعداد رئيس قسم الدراسات السياسية في المركز، عقيل محفوض، تساءل فيها عن الاعتبارات التي تحكم تعاطي «إسرائيل» مع استعادة سورية السيطرة على المنطقة الجنوبية من البلاد، وصولاً إلى خط الفصل في الجولان العربي السوري المحتل، وما معنى عودة «إسرائيل» وروسيا والولايات المتحدة للحديث عن اتفاق الفصل لعام 1974، وكيف يفكر الإسرائيليون في تعديل ذلك الاتفاق، نصاً ومضموناً، وكيف أن رهانات «إسرائيل» يمكن أن تدفعها لعرقلة الحل في سورية، ثم عرقلة إعادة بناء الدولة؛ ومواصلة ديناميات التغلغل والاختراق بحيث تبقى سورية مُجهدةً بجدول أعمال وقضايا كثيرة ومعقدة، ما يجعلها من هذا المنظور غير قادرة على مجرد التفكير بالجولان الذي تعمل «إسرائيل» جاهدةً على جعله من الماضي؟.
ورأت الدراسة، أن اتفاق الفصل للعام 1974 يمثل «مبتدأ» المطالب والرهانات الإسرائيلية، ولكنه يتعرض لتأويلات قاسية بحيث يمكن أن يُغَيَّب تماماً تحت مزاعم وتقديرات وعناوين ومبالغات غير دقيقة، من قبيل: أن وجود إيران وحزب اللـه هو «خطٌ أحمر»؛ أو أن الحكومة السورية قد لا تكون قادرة على ضبط الأمن في المنطقة الجنوبية، ما يتطلب من «إسرائيل» أن تتدبر أمنها بوسائلها الخاصة.
ولفتت الدراسة إلى أن «إسرائيل» تُعنى بإقامة «تفاهمات موازية»، ليست مباشرة بينها وبين سورية، في البداية على الأقل، إنما بينها وبين روسيا وربما الولايات المتحدة، تتضمن تحديدات إضافية حول عديد وعتاد وأنماط الإمكانات لدى القوات السورية وأي قوات أخرى من إيران أو حزب الله، إلخ… في المنطقة الجنوبية من سورية، وربما في عموم سورية، بما يمثل ضمانة لأمن «إسرائيل».
وقالت الباحث في الدراسة: «حينما اتجهت الحكومة السورية لاستعادة المنطقة الجنوبية، فقد وجّهت بذلك ضربة كبرى لرهانات إسرائيل في الأزمة، ويبدو أن المواجهة انتقلت من طور إلى آخر، ومن الواضح أن تجاذبات المسألة في المنطقة الجنوبية سوف تتمركز لبعض الوقت حول اتفاق الفصل».
وبحسب الدراسة فقد لاحظتْ «إسرائيل» ارتفاع «رايات بيضاء» في مدينة درعا أمام الجيش العربي السوري، في المكان الذي سبق أن ارتفعت فيه رايات الحرب قبل عدة سنوات، وأن من رفع تلك الرايات، ليس الجماعات المسلحة فحسب، إنما هو بتعبير مجازي، وربما واقعي إلى حد ما، الأطراف الداعمة لها، ومن بينها، بل على رأسها، «إسرائيل» نفسها، ولولا أن الداعمين اصطدموا بـ«الجدار» لكانت الحرب في تلك المنطقة مستمرة، وقودها جهاديون وتكفيريون وحالمون ومرتزقة، إلخ.. من السوريين ومن آخرين قدموا إلى سورية من مختلف أنحاء العالم.
ورأت الدراسة، أن استعادة الجيش للمنطقة الجنوبية حتى خط فصل القوات لعام 1974 مثلت مؤشراً على تحول كبير في طبيعة الأزمة السورية، تحديداً بعد استعادة الدولة لهذه المناطق، وتجاوز عدد من التحديات الكبيرة والخطيرة التي كانت تواجهها، في الداخل والخارج، «وما يهم هنا هو تعاطي الخارج أي البيئة الإقليمية والدولية معها».
واعتبرت أنه إذا كانت «إسرائيل» هي أحد مداخل ومحددات الأزمة، فلا بد أن تكون أحد مخارجها، أي أحد الفواعل المتدخلة في طبيعة الحل للأزمة، وقد أوضحت قمة هلسنكي التي عقدت في 16 تموز الماضي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب ذلك، لجهة ما قالا إنه أولوية أمن «إسرائيل» في البحث عن مخارج للأزمة السورية «ولو أن التوصل إلى تحديد متوافق عليه بالتمام لمعنى «أمن إسرائيل» من جهة الأزمة السورية قد لا يكون متيسراً، ربما كان كذلك بين «إسرائيل» والولايات المتحدة، لكن لا بد أن يكون الأمر مختلفاً مع روسيا.
ورأت الدراسة، أن تجاذبات المنطقة الجنوبية بين سورية وحلفائها من جهة وبين «إسرائيل» وحلفائها من جهة أخرى سوف تتركز حول اتفاق فصل القوات لعام 1974 الذي يستند إلى قرار مجلس الأمن 338 لعام 1973، وإذ يمثل اتفاق الفصل فرصة أمام «إسرائيل» لعودة الأمور على جانبي الجولان، المحرر والمحتل، فإن «إسرائيل» تجد الاتفاق الآن تهديداً أو قيداً، على ما ترى أن الزمن وتطورات الأمور تجاوزته، وعلى ما تحاول هي أن تتجاوزه؛ وذلك في مستويين على الأقل: الأول هو رغبة «إسرائيل» في تعديل اتفاق الفصل بحيث تتغير طبيعة ومهمة قوات المراقبة الدولية (UNDOF)، وربما تعديل خريطة توزع القوات وأنماط السلاح، والتحقق مما يجري على الأرض، والثاني هو إقامة اتفاق أو تفاهمات موازية على حساب الدولة في سورية، وبما يجعلها تحت ضغوط واستهدافات أمنية وإستراتيجية تمنعها من مجرد التفكير بالجولان المحتل.
واعتبرت، أن عودة قوية للدولة السورية تمثل مصدر تهديد لـ«إسرائيل» وحلفائها، وفقدان ورقة ضغط قوية ضد سورية، ونهاية رهانات المنطقة العازلة والكيانية الخاصة في الجنوب.
وبحسب الدراسة، فقد «لمست إسرائيل قابلية لدى جماعات المعارضة وبناها الاجتماعية لقبول ذلك مقابل أن تنخرط إسرائيل أكثر لمصلحة تلك الجماعات والبنى» ضد الحكومة السورية الأمر الذي «يتطلب من إسرائيل وحلفائها العمل على إبقاء أوضاع هشة أو رخوة من الناحية السياسية والأمنية والعسكرية».
ومن منظور الدراسة فإن «إسرائيل تقدّر أن تغلب النظام السياسي على الجماعات المسلحة لا يعني نهاية الحرب، وسوف يكون مُجهداً وتحت أعباء توازنات إقليمية ودولية، وقد لا تكون لديه المقدرة على النظر إلى الجولان نظرته إليه قبل الأزمة، ومن ثم سوف يكون بإمكان «إسرائيل» أن تضع شروطاً، وتساوم على التراجع عن التدخل في المناطق داخل الأراضي السورية، مقابل أن تتخلى دمشق عن المطالبة بالجولان».
ولفتت إلى أن «في إسرائيل من يدعو لتعديل اتفاق فصل القوات لعام 1974 في ضوء الأزمة السورية، كأن يتم تعديل مهام قوات الأمم المتحدة لمراقبة الاتفاق (UNDOF)، بحيث تكون مهامها أوسع، على غرار مهام «اليونيفيل» في جنوب لبنان بعد حرب تموز 2006، وأن تكون تلك القوات بمثابة «قناة اتصال» مباشر بين سورية وإسرائيل، وأن يكون من مهامها التدقيق في عمليات إعادة الإعمار في مناطق قرب الحدود بحيث تضمن إسرائيل عن طريق القوات الدولية عدم استغلالها لإقامة بنى تحتية يمكن أن تكون لها استخدامات عسكرية».
واعتبرت الدراسة، أنه «حينما اتجهت الحكومة السورية لاستعادة المنطقة الجنوبية، فقد وجهت بذلك ضربة كبرى لرهانات إسرائيل في الأزمة، لكن الأمور لم تقف لا سورياً ولا إسرائيلياً عند هذا الحد، ويبدو أن المواجهة انتقلت من طور إلى آخر، وهذا ما تؤكده مؤشرات متزايدة حول اهتمام إسرائيل بمراجعة اتفاق الفصل، والتوصل إلى ضمانات روسية وأميركية حول أولوية أمنها من جهة سورية».
وأردفت «يتضح أن تجاذبات المسألة في المنطقة الجنوبية سوف تتمركز حول اتفاقِ الفصلِ، وكيفيةِ إعادة إدراجه من قِبَلِ سورية وإسرائيل، ليكون ميزان التفاعلات في تلك المنطقة، غير أن اتفاق الفصل يمثل أحد تمركزات الحدث، ولن تقف الأمور عنده».
والأسبوع الفائت، بحث نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة وزير الدفاع العماد علي عبد اللـه أيوب مع وفد أممي التنسيق حول آلية إعادة انتشار قوات «أندوف» في منطقة الفصل في الجولان المحتل، حيث التقى وفداً أممياً رفيع المستوى من قيادة قوات الأمم المتحدة مؤلفاً من اللواء فرانسيس فيب سانزيري قائد قوات الأمم المتحدة العاملة في الجولان «أندوف» المسؤول عن اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 واللواء كريستين لوند رئيس أركان «الأنتسو» المسؤولة عن اتفاقية الهدنة وخطوط الرابع من حزيران لعام 1967 والوفد المرافق لهما.
وتناول الحديث خلال الاجتماع، آلية التنسيق المعتمدة بين الحكومة السورية وقيادة قوات الأمم المتحدة حول آلية إعادة انتشار قوات الأمم المتحدة في منطقة الفصل وعلى طول خط وقف إطلاق النار وفق اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974.
كما تم التطرق الحديث إلى الخطوات التي تم الاتفاق عليها لإعادة تفعيل استخدام معبر بوابة القنيطرة وفق الاتفاقية التي تضمن تأمين عبور أهلنا في الجولان العربي السوري المحتل إلى الوطن الأم سورية بإشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر.