لدي أغانٍ كثيرة لم تبثها الإذاعة لأنّها تحمل نقداً جريئاً…رفيق سبيعي لـ«الوطن»: الخروج عن حدود الشخصيّة تحدّ وتمرد خاصّ بالفنان الحقيقي
عامر فؤاد عامر :
مسيرة مشرّفة من العطاء الفني والعمل الإبداعي، فهو من فناني الرعيل الأول الذين مهدوا الطريق الفني للأجيال التي جاءت بعده، إلى أن غدا للفنّ مكانته التي لا يتنازع عليها اثنان، حيث بدأ مسيرته الفنيّة في أربعينيّات القرن الماضي، صاحب الشخصيّات المتعددة من المختار إلى القبضاي الشامي «أبو صيّاح» إلى الحكيم والجدّ والتاجر والصحفي واليهودي والمطرب وغيرها الكثير من الشخصيّات التي أبدع في تقديمها فرسخت في ذهن المتلقي.
شارك في تأليف وإطلاق العديد من الفرق المسرحيّة في سورية، وظهر على معظم مسارح دمشق والمحافظات السوريّة، ومن أهم الأعمال المسرحيّة: «أبطال بلدنا»، و«البرجوازي»، و«شوها الحكي»، و«الإخوة كارامازوف»، و«الاستشهاد والقاعدة»، وغيرها، وفي السينما ترك بصمة مهمّة وكان داعماً للسوريّة منها، ومثال على أفلامه تلك: «سفر برلك»، و«غرام في اسطنبول»، و«بنت الحارس»، و«جسر الأشرار»، و«رحلة حبّ»، و«النصابين الخمسة»، و«سكين»، و«شروال وميني جوب»، و«هاوي مشاكل»، و«أحلام المدينة»، و«الليل الطويل»، و«الشمس في يوم غائم» وغيرها. أمّا في الدراما التلفزيونية فبدأ مع «مطعم السعادة» ولقائه الأول مع الفنان «نهاد قلعي»، والفنان «دريد لحام»، وكانت بعدها سلسلة من الأعمال مثل «الجوال»، و«مقالب غوار»، و«حمام الهنا»، و«دروب ضيقة»، و«وادي المسك»، و«الحريق»، و«لك ياشام»، و«دمشق يا بسمة الحزن»، و«ليالي الصالحيّة»، و«كحل العيون»، و«الخشخاش»، و«العبابيد»، و«أيام شاميّة»، و«الفصول الأربعة»، و«فسحة سماوية»، و«زوج الست»، و«أهل الراية»، و«طاحون الشرّ»، و«طالع الفضة»، وغيرها. ولديه بصمة حاضرة دائماً في الإذاعة السوريّة مع العديد من الأعمال الإذاعيّة، ومنها «حكواتي الفن» في إذاعة دمشق الذي يقدّمه منذ 12 عاماً ولا يزال. ومن مواهبه أيضاً التميز في لون غنائي شعبي وناقد معاً إضافة إلى عمله كمخرج إذاعي وكاتب للأغنية. قلّد وسام الاستحقاق عام 2008 من رئاسة الجمهوريّة من الدرجة الممتازة، ولا يزال يشارك ويقدّم أعمالاً للدراما السوريّة كـ«بنت الشهبندر»، و«حرائر» في الموسم الماضي، وفي الفيلم السينمائي الجديد «سوريون أبناء الشمس». حمل لقب «فنان الشعب» وكان ولا يزال مثالاً للفنان الملتزم والكبير والقريب من هموم الناس، إنه الفنان القدير «رفيق سبيعي» الذي شاركنا الحوار التالي في صحيفة «الوطن».
المعاناة للأوائل
كيف كانت البداية، وما نظرة الناس للمسرح، والفنّ عموماً، والتي لا علاقة لها بما نحن عليه اليوم من اهتمامٍ بالفنّ والفنانين؟ كانت هذه هي نقطة الانطلاق لحوارنا مع فنان الشعب «رفيق سبيعي»: «كان يُنظر للمسرح سابقاً على أنه مساحة للتسليّة، واللهو، والفرجة فقط، وفي واقع الأمر كانت مهمّتي وزملائي تقدّيمه بصورةٍ تغاير هذه النظرة، وحاولنا ذلك بما يستحق من التضحية منذ الأربعينيّات إلى أن تأسست وزارة الثقافة في سورية، وبعدها أقيمت مديريّة المسارح، وتلتها كوادر ومؤسسات للعمل المسرحي والفني، وتشكيّل فرق مسرحيّة وغنائيّة فيما بعد، ومسرح للعرائس وغيرها، وكلّ ذلك حصل ما بعد 1958 في حين كان الموضوع عبارة عن معاناة مسرحيّة كبيرة جداً، فالعمل في الفنّ مهنة مزريّة ونظرة الناس لها دونيّة، لدرجة أن أهل الفنان كانوا يتبرؤون منه، وأذكر أن بعض الفنانين كانوا يعملون في الإذاعة بأسماء مستعارة كي لا يعرفهم أحد في مجتمعهم».
بداية الطريق الفني
كثير من الذكريات الأولى تبقى مرتبطة في الذاكرة كشواهد يتعلم منها المتلقي، ومن هذه الذكريات أمثلة عديدة قدّمها لنا الفنان «رفيق سبيعي» ومنها اقتطفنا: «بعد أن تبرأ الأهل مني، كنت أعود للبيت بالتخفي وعبر السطوح، وكان لي أخت توفاها الله، تترك لي الباب مفتوحاً لأدخل منه بعد أن ينام والدي، وقد بقيت فترة أنام في غرفة الملابس، وعانيت كثيراً للاستمرار في الطريق الذي أحببت، وأيضاً في مرّة سافرت مع فرقة مسرحيّة لتقديم عرض مسرحي في إحدى المحافظات السوريّة وعرضنا العمل، وبعد استلام الأجرة كانت أقل بكثير من أجرة الأوتيل، ما اضطررنا للتخفي والهرب من دفعها، هذه المعاناة وغيرها من القصص الكثيرة، تجعلني اليوم أحزن على استهتار الممثل الحالي، فهو اليوم في نعمة كبيرة، ولا يشعر بها. اليوم على الفنان ألا يساير التجارة التي تتحكم بالحالة الفنيّة كما يحصل في أعمال البيئة الشاميّة والانقياد وراء الإنتاج الخليجي الذي يسيء للبيئة الشاميّة عن عمد، فالمرأة كانت أكثر تقدميّة من أي بلد عربي آخر، وليس كما يظهرونها اليوم فقط للتعامل مع المطبخ وإنجاب الأولاد والثرثرة، وهذا ما دفعني للمشاركة في مسلسل «حرائر» الذي قدّم صورة واقعية عن البيئة الشاميّة والمرأة السوريّة».
العائلة اليوم
لكن عن سؤالنا له كيف يتعاطى مع رغبة أولاده في دخول الساحة الفنيّة، وهي صورة تحمل المقارنة بين الماضي والحاضر، فيقول: «لم أحبّ دخول أبنائي للوسط الفني، لكن تغيّر لغة الزمن جعلني أغيّر هذه النظرة، فقد تعذبت كثيراً مع أهلي والعقليّة المغلقة التي كان المجتمع يفرضها تجاه الفنان، ولذلك تعاملت مع ابني «سيف» أولاً بتفاهم وتركت الطريق له في اختيار مهنته، وأحييّه لأنه نجح في طريقه، ووصل لمكانة خاصّة، أمّا «صبا» ابنتي فأحبّ فيها الاصرار على الرغم من الأوضاع الاجتماعيّة ومسؤوليّة الزواج، وأنا سعيد لأنّها مصرّة على تنفيذ رغبتها، و«هبة» تأخذها الحياة العمليّة كثيراً، فهي تتعامل مع الأمور بقوّة، وهي شقيقة «صبا» التوءم، ولكنْ لكلّ منهما مزاجٌ مختلفٌ عن الأخرى».
كاراكترات لن تتكرر
قدّم الرعيل الأول من الفنانين شخصيّات التصقت بذاكرة المتلقي كـ«أبو صياح، وفطوم حيص بيص، وأبو عنتر، وغوار، وحسني، وياسين» وغيرها، لكن لماذا اليوم لا يمكن أن تُخلق كركترات جديدة لها التميّز نفسه، ورأي الفنان القدير «رفيق سبيعي» حول هذه المقارنة كان: «الحاجة أم الاختراع، فقد كنّا بحاجة لجمهور، والجمهور نلتقطه عبر الكراركتر بسهولة، في تلك الفترة التي كنّا بحاجة فيها للفنّ، وتوضيح صورته بين الناس، فظهرت شخصيّات محبّبة لقلوب الجماهير استطاعت الاستمراريّة، ومع انتشار الفنّ أصبح هناك توجّهات متعدّدة، وصار هناك فنانون، وأكاديميّات، لكن في فترتنا ظهرت هذه الكاراكترات بالتعب، والجهد، والتفكير، فعاشت الشخصيّات، واقتربت من الجمهور، وبعدها بوقت قصير ظهر التلفزيون الذي كرسها بقوّة في ذاكرة المشاهد».
أبو صياح وليد المصادفة
«أبو صياح» شخصيّة ولدتها الفرصة، والمصادفة، والاجتهاد معاً، ولكن كيف كانت القصة، التي أوجزها ضيفنا الفنان «رفيق سبيعي» بما يلي: «دخلت المسرح بخطوات خجولة؛ فأهلي من بيئة منغلقة ومحافظة، وقد عملت بدايةً ملقناً، ولم أظهر على المسرح، وفي مرّة تغيب الممثل «أنور المرابط» في فرقة «عبد اللطيف فتحي»، فجاء حينها الممثل وطلب مني أن أكون ممثلاً مكانه لكوني حافظاً للدور بالتلقين، والشخصية شعبيّة وهي «أبو صياح»، فوافقت واجتهدت، وكان الممثل يلعبها بصورة كاريكاتورية، وفيها حدّة، إذ يحمل قنبلة، وخنجراً، وشديد العصبية، لكن عندما قررت أن ألعب الشخصيّة أخذتها من باب مختلف من خلال أنها شخصيّة دمشقيّة أصيلة، واستعرت ملابس والد رفيقي، وهو طقم عربي، ورسمت الشخصيّة كما أردت، وفي اليوم التالي جهزت نفسي، وفاجأت المخرج بالشخصيّة، والذي كان على علمٍ بالتبديل طبعاً، وكان الحوار ارتجالياً أكثر مما هو مكتوب، وقد كان لي خبرة في ذلك من عملي كملقن، وهنا شعر الجمهور، و«عبد اللطيف» بجديد ما قدمته، وأضفته على الشخصيّة، وفي اليوم التالي اعتذر مدير الفرقة من الممثل «أنور المرابط» وبقيت أنا على شخصيّة «أبو صياح» وكان ذلك على مسرح «الأندلس» 1954، وأذكر أن المرحوم «حكمت محسن» الذي يقدّم شخصيّة «أبو رشدي» وبعد أن تابعني، وجدته ينتظرني خارج المسرح ليلتقيني بكلماته التي ما زلت أذكرها: «أنت ستصبح نجماً» وكانت تلك أوّل إشارة تلقيتها، ومن وقتها انطلقت هذه الشخصيّة على مسارح دمشق، وخارجها».
احترام الجمهور كشرط
أعمال كثيرة شارك فيها، الفنان «رفيق سبيعي» لكن كيف حافظ على مساحة المحبّة بينه وبين الجمهور؟ وكيف بناها؟ وعن اختياره المادّة التمثيليّة التي وطدت المحبّة أكثر، يقول: « أعترف بأنّه أتيحت لي فرص لم يستفد غيري منها، وباعتقادي أن هذا الشيء لا يحصل إلا نتيجة حبّ الفنان لفنّه، بالتالي سيحبّه الجمهور، فالفنان بالحبّ سيحترم لغة الفنّ، وبالتالي سيحترم الجمهور، وهذا سيكسب احترام الجمهور له في النهاية، وهذه العلاقة يجب أن ينتبه إليها كلّ فنان حقيقي، فالفنان الذي لا يحترم جمهوره أو يستخف بعقليّة الجمهور، لن يعيش. وبالتالي لغة التلفيق والكذب على الجمهور لن تعطي إلا قطع علاقة الاحترام، وفي الموسم الماضي شاركت كضيف شرف في عملين هما «بنت الشهبندر»، و«حرائر»، ورفضت ثلاثة أعمال بطولة، احتراماً للجمهور الذي منحني ثقته وعليّ ألا أحرق هذه العلاقة».
مع الرحابنة
هناك عملان مع الرحابنة، هما «بنت الحارس»، و«السفر برلك»، فقد احتك معهم في زمن متقارب من الظهور، وعن هذه التجربة يقول الفنان القدير «رفيق سبيعي»: «هي فرصة حظيت بها، وتعلّمت منها الكثير، ورأيت من خلالها الإخلاص للعمل الفني من المجموعة المتعاونة، مجموعة الرحابنة مع فيروز، فهذا الإخلاص يقدّم الروائع، الخالدة التي لا نشبع منها، ونسمعها ونشاهدها باستمرار».
خصوصيّة الأغنية الناقدة
للفنان القدير «رفيق سبيعي» مساحة خاصّة في الأغنية الناقدة، والشعبيّة، والقريبة من هموم الناس، وحول موضوع الغناء، والبدايات وصولاً لهذه المساحة الخاصّة يتحدّث: «لم أكن أكتب وظائفي المدرسيّة إلا على صوت الفونوغراف، وعندما تتوقف الاسطوانة أتوقف عن الكتابة، وحفظت الكثير من الأغاني القديمة وكبار المطربين وكنت أرددها وأنشدها على المشرقة على السطح ليصل صوتي إلى بيت الجيران وغرفة استقبال النساء، ليطربوا بتلك الأغاني، بالاتفاق مع صاحب البيت، لإضفاء حالة من الانسجام وإمتاع الزائرات، فغنيت للفنانة «ليلى مراد» والفنانة «أم كلثوم» والفنان «محمد عبد الوهاب» وغيرهم، وقد حاول أهلي أن يدمجوني بالإنشاد الديني، وكان رئيس المدرسة الدينيّة يُطرب لسماعه أغاني الصوفيّات، وفي كلّ صيف كنت أتدرب على تجويد القرآن الكريم، وأغرقت في هذه الأجواء في طفولتي، ما أهلني لأغني بطريقةٍ صحيحة، ولكن عندما كبرت تغيّرت معالم صوتي، ولم يعد مناسباً لصوتي أداء الأغاني الطربيّة، فبحثت عن شيء يتناغم مع صوتي، وقدراتي بطريقةٍ سليمة، فاخترت المونولوج، وعن طريق شخصيّة «أبو صياح» أوصلت صوتي، فكنت أؤدي بطريقة صحيحة، ومن خلال النقد الاجتماعي، والأغنية الأولى «معدّل عالتمام» التي تحمل فكراً إرشاديّاً، والفكرة للأستاذ «عدنان قريش» الذي سجّلها في الإذاعة، وعندما أُذيعت لاقت الاستماع وأحبّها الناس كثيراً».
أغنيتي جريئة
كتب كلمات الكثير من الأغاني التي اشتهرت وسمعها الجمهور العربي، وأوّل أغنية كتبها غنتها الفنانة «شريفة فاضل» في القاهرة، وقصّتها في رواية الفنان «رفيق سبيعي»: «عندما كنت في القاهرة وضمن دورة تدريبيّة للإخراج الإذاعي، كان لي نشاطات أخرى منها كتابة الأغاني، وبالمصادفة كان هناك من اطلع على كلمات كنت أكتبها وهو «عباس البليدي» الذي عرّفني على الفنان «حسن الشجاعي»، وبدوره استضافني، واطلع على كلامي «وكانت أغنية «ولد العم» وطلب مني أن أكتب شيئاً جديداً لها، وفعلاً كان ذلك، وأحبّوا اللون البدوي الذي أكتب به، وأخذوا مني الكثير. أمّا أغنية «كان عندي غزال»، وهي من تأليفه أيضاً فيقول عنها: «هي في الأصل كلحن أخذته من فلكلور مصري قديم من تراث النوبة، نسجت كلاماً جديداً عليه، وهي تحتاج لصوت صدّاح وقوي، وقد اخترت الفنان «دريد عواضة» لغنائها ونجح فيها، وما زالت الأغنية تعيش إلى اليوم، وحالياً لم أعد أكتب الأغاني، لكن مؤخراً قدّمت أغنية وطنية، ستبث قريباً، وهناك أغان كثيرة مسجّلة لدي ولم يتمّ عرضها لأنّها تحمل نقداً جريئاً».
مفاتيح المحبّة
لمحبّة الفنان «رفيق سبيعي» من جمهوره تحليلها الخاصّ لديه، وعبر قناعته وتجربته، والذي يمكن أن يكون قاعدة عامّة تتقاطع مع لغة الفنان الحقيقي ومحبّيه، وحول هذه الفكرة يشير: «الأصل موهبة يمتلكها الفنان، وسابقاً يجب أن يكون الصوت جميلاً أولاً، ولكن مع وجود التلفزيون أصبح مصطلح الطلّة أو الحضور هو الأوّل، وقبل الصوت أحياناً، أيضاً من مميّزات محبّة الجمهور المقدرة على التمرّد والتحدّي في الوصول إلى الشخصيّة الجديدة التي يجب أن تُجسّد، بالتالي الخروج عن الكاركتر، وعدم البقاء ضمن سيطرة الشخصيّة على الفنان. وأهم عنصر هو الاستمراريّة في الخط الفني».
اليهودي في نقيضين
من الشخصيات التي أثّرت وتركت وقعاً في ذاكرة المتلقي شخصيّة اليهودي «طحطح» في مسلسل «طالع الفضة»، والتي أبدع فيها الفنان «رفيق سبيعي»، فحملت طابع المحبّة من الجمهور والكره في وجهٍ آخر، وعن كيفيّة إتقانها يقول: «أغرتني الشخصيّة قبل أن ترسو عليّ، إذ كانت شخصيّة المختار لي قبلها، وبعد مرور وقت فضّل ابني «سيف» أن ألعب هذه الشخصيّة بعد أن رفض تأديتها مجموعة من الفنانين وهم أسماء كبيرة، لن أتطرق لذكرهم، لمجرد أنها يهوديّة، وبالنسبة لي هذه الشخصيّة هي إنسان، ونموذج لافت، وفيها شيء جميل داخلياً، وتحبّ خيرات بلدها، ومرتبطة برائحة دمشق وتربتها، وهي شخصيّة دقيقة، ومهمّة، وأنا اعتز بأنّني جسدّتها». أمّا شخصيّة اليهودي في الفيلم الجزائري «صيد الوحش» فيقول: «فيلم «سافاري» أو «صيد الوحش» للمخرج الجزائري « محمد سليم رياض» الذي جاء سورية من الجزائر، واختارني لأجسد الشخصيّة، هو عبارة عن ضابط إسرائيلي يقنص الفدائيين بالهيلوكبتر ويتمتع في قنصهم بالرشاش كلّ يوم أحد، والقصة حقيقيّة، لكن للأسف ذهب التعب مع الريح، فقد مُنع الفيلم لأنه ينال من حكام الدول العربيّة، ولم يعرض في أي بلد عربي، وللمفأجأة، فقد كانت كاتبة العمل يهوديّة، هي الصحفيّة «إثيل مينين» من بريطانيا».
مسؤولية اللقب أو التكريم
بعد نيله وسام الاستحقاق الرئاسي عام 2008 وهو «فنان الشعب» مسبقاً والذي كناه به القائد الراحل «حافظ الأسد»، وجّهنا له سؤالاً عن مسؤوليّة التكريم وحمله للقلب، فأجاب: « هذا جعلني ابتعد عن كلّ شيء رخيص، وعموماً أنا أحاسب نفسي على ما أجسده منذ وقت طويل، إلا في المراحل الأولى التي كنت أشتغل فيها، وقبل أن يصبح للفنّ شأن في الوطن، وكان فيها شيء من التهريج، وهذه الأشياء أفادتني كثيراً في المستقبل، فالتهريج هو فنّ في النهاية. لكن حبّ الجمهور للفنان يقيّده لأنه سيحسب لخطواته كثيراً، فيخاف أن يخطئ في الاختيار ويخسر ولو جزءاً من جمهوره».
كلمة لسورية ولصحيفة «الوطن»
في نهاية حوارنا كانت هذه الكلمات والتحيّة: «الوطن يحتاج إلى شبابه، وطاقاته، التي تبعد عنّا الشرور التي تحيكها لنا دول الغرب، في سبيل تفريق الوحدة الوطنيّة، باسم محاربة الإسلام نفسه، فخطّة «كسنجر» نفذت فينا، وذلك لحماية إسرائيل، وهذه الأفكار التي جسدّت في حياتنا اليوم، كان قد عرضها «كسنجر» منذ خمسة وعشرين عاماً، ليظهر فصائل تتحدث باسم الإسلام وتقتل الإسلام دفاعاً عن إسرائيل واستمراراً لحياتها. وعلينا أن نزيد من وعينا لهذه المسألة، وأشكر صحيفة «الوطن» لاهتمامها وفسحها المجال لهذا الحديث، وكل الشكر لها».