يفضل قياديو «قوات سورية الديمقراطية– قسد» عدم تحديد مهلة زمنية لانتهاء المعركة ضد تنظيم داعش الإرهابي في شرق الفرات، ويغلقون الباب بوجه أي مفاوضات معه لإنهاء المعركة، بحسب وكالة «ا ف ب». وجاء في تقرير أعدته الوكالة من شرق الفرات حيث آخر جيب لتنظيم داعش هناك: أن أحد مسلحي «قسد» ويدعى محمد إبراهيم محمد كان يجلس على سطح مبنى في بلدة الباغوز التي تشكل خط الجبهة الرئيسية في شرق سورية، يحتسي مع رفاقه الشاي، منتظرين، أوامر للتقدم نحو آخر نقاط تنظيم داعش.
ونقلت الوكالة عن هؤلاء أنه منذ أسبوع تقريباً، توقف هجومهم البري ضد آخر منطقة للتنظيم، جراء لجوء داعش أكثر فأكثر إلى «استخدام المدنيين كدروع بشرية» لعرقلة تقدمهم. وبحسب «أ ف ب»، فإن المسلح محمد (22 عاماً)، أشار في البلدة التي تسيطر قوات سورية الديمقراطية على الجزء الأكبر منها، إلى ساتر ترابي قرب المبنى يفصل مواقع سيطرة قواته عن الجهاديين. وقال محمد المتحدر من بلدة هجين وانضم إلى «قسد» قبل خمسة أشهر فقط: «منذ وصولنا إلى تلك النقطة قبل ستة أيام تقريباً لم نتقدم»، وأضاف: «توقف القتال بانتظار خروج من تبقى من المدنيين». وأوضحت الوكالة، أنه على بعد عشرات الأمتار في الجهة المقابلة لمحمد أمكنها رؤية شاحنات بيضاء وسيارات ودراجات نارية، يقودها مسلحون من التنظيم المتشدد، كما تظهر من بعيد خيم بيضاء قربها نساء منقبات. وأشار محمد إلى المنطقة أمامه قائلاً: «هذه كلها بيوت للدواعش»، ثم دل على أشجار نخيل، وقال: «نرى أحياناً نساء يأتين إلى أشجار النخيل تلك ويأخذن الأخشاب».
أما على جانبي الطريق في بلدة الباغوز، التي تقدمت «قسد» إليها قبل نحو أسبوعين، فأكدت الوكالة انتشار هياكل سيارات محترقة بين أبنية تدمر بعضها بالكامل، على حين أطل من بعض الأبنية الصامدة مسلحون من «قسد»، وقف بعضهم على الشرفات والبعض الآخر على أسطح الأبنية. وقد قام بعضهم بإشعال النار للتدفئة، وهم يتبادلون الأحاديث وينفثون دخان سجائرهم، ويشربون الشاي ويأكلون الفاكهة.
وقالت الوكالة إنه على إحدى الشرفات، كان أحد المقاتلين يراقب عبر منظار تحرك الدواعش على بعد عشرات الأمتار.
ولفتت إلى أنه مع توسيع «قسد» بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية لهجماتها خلال الأسابيع الأخيرة ضد التنظيم، فر الآلاف من المدنيين من نقاط سيطرة الأخير، على حين أحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض خروج أكثر من 36 ألف شخص من آخر مناطق سيطرة التنظيم منذ مطلع كانون الأول وأغلبيتهم نساء وأطفال من عائلات الجهاديين، وضمنهم نحو 3100 عنصر من التنظيم. وذكرت الوكالة أنه وبعدما خرج مئات الأشخاص يومياً منذ مطلع الشهر الماضي، انخفض عدد الوافدين إلى مواقع سيطرة «قسد» في الأيام الأخيرة، رغم تأكيد عدد من الخارجين الجدد أنه لا يزال هناك العديد من المدنيين والجهاديين الأجانب داخل المنطقة المحاصرة.
وروى عدد من المسلحين في صفوف «قسد» أن حالة من الهدوء سيطرت على خطوط الجبهة منذ نحو أسبوع، يقطعها بين الحين والآخر صوت إطلاق نار متقطع أو دوي ضربات لطائرات التحالف الدولي أو المدفعية على الخطوط الخلفية للتنظيم.
وفي قرية الشعفة المجاورة، أكد المتحدث باسم حملة «قسد» في دير الزور عدنان عفرين، أن التقدم الميداني متوقف في الوقت الراهن حفاظاً على حياة المدنيين، مع «استمرار الضربات الجوية من الطائرات والمدفعية» ضد مواقع التنظيم، بحسب «فرانس برس».
وذكر عفرين بحسب الوكالة، أن «داعش يستخدم المدنيين دروعاً بشرية ليعرقل تقدمنا». وأوضح أن القصف الجوي والمدفعي يطول «الخطوط الخلفية للجبهة، حيث يتمركز الدواعش» في حين «يضعون المدنيين على الخطوط الأمامية وهو ما يمنع تقدمنا».
وبيّن المدنيين، وفق قوله، من أجبرهم التنظيم على البقاء واتخذ منهم دروعاً بشرية، وبينهم أفراد من عائلات الجهاديين أنفسهم.
وبحسب الوكالة، لطالما لجأ التنظيم على جبهات عدة إلى استخدام المدنيين كدروع بشرية، بهدف عرقلة تقدم خصومه لدى تضييقهم الخناق على آخر معاقله. كما يزرع خلفه الألغام والمفخخات لمنع المدنيين من الخروج ولإيقاع خسائر في صفوف خصومه.
وقال عفرين: «نبحث كقوات عسكرية عن ثغرة لئلا يصاب المدنيون بأذى ولنفتح لهم ممرات آمنة للخروج». ميدانياً، قالت الوكالة: «يفضل قياديو قوات سورية الديمقراطية عدم تحديد مهلة زمنية لانتهاء المعركة ضد التنظيم، ويغلقون الباب بوجه أي مفاوضات معه لإنهاء المعركة». وختم عفرين جازماً: «لا تفاوض مع الإرهاب».