اليوم عرس «الذهب الأبيض» في حلب … التعافي الاقتصادي بدا في إنتاج أكثر من 126 ألف طن من القطن … قضماني: الإصابات الحشرية دون العتبة الاقتصادية والأعداء الحيوية عززت نوعية الإنتاج
| محمود الصالح
يعود اليوم عرس «الذهب الأبيض» إلى الشهباء التي استمرت في الاحتفال به على مدى نصف قرن، حتى توقف في عام 2012، اليوم وبعد أن عادت عمليات زراعة القطن وإنتاجه إلى ما يقارب الطموح، تنتظر محالجنا أكثر من 120 ألف طن من القطن المحبوب الذي يشكل إحدى الركائز الاقتصادية، نظرا لما يتميز به القطن السوري على مستوى العالم لكونه يحمل مواصفات نوعية مهمة وهي المتانة والتيلة القصيرة، وهي المواصفات التي تتطلبها الأسواق الصناعية من أجل الألبسة الداخلية.
مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة عبد المعين قضماني بيّن لـ«الوطن» أن المساحة المخطط زراعتها بمحصول القطن للموسم الحالي في البلاد بلغت 73680 هكتاراً نفذ منها 33285 هكتاراً وبنسبة تنفيذ 45%، حيث كانت الرقة في المرتبة الأولى في المساحات المزروعة التي بلغت 17500 هكتار من أصل الخطة المقررة لها 25839 هكتاراً تلتها محافظة دير الزور وزرع فيها 11 ألف هكتار من أصل الخطة البالغة 14300 هكتار ثم الحسكة 3075 هكتاراً من أصل ما هو مخطط لها 18605 هكتارات، وكانت أقل محافظة في التنفيذ هي حماة التي زرعت هكتارين فقط من أصل الخطة البالغة 916 هكتاراً.
وعن كميات الإنتاج من الذهب الأبيض وفق التقديرات الأولية أوضح قضماني أن الكمية المقدرة هي 126872 طناً بمعدل 3935 كغ في الهكتار الواحد، وأعلى معدل هو في الحسكة 4300 كغ /هـ وكانت عمليات قطاف المحصول قد بدأت في نهاية الشهر الماضي وتم حتى مساء أمس الأول قطاف 1500 طن في الحسكة و2600 طن في الرقة و2700 طن في دير الزور و83 طناً في حلب و10 أطنان في الغاب.
وبدأت مراكز المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان استلام الإنتاج بعد أن تم توزيع الشلول اللازمة عن طريق المصارف الزراعية حيث استلمت المصارف الزراعية في حلب 16 ألف شل في كل من مسكنة والسفيرة وزع منها على الفلاحين 11 ألف شل وفي الرقة استلمت المصارف 12 ألف شل وصل منها إلى الفلاحين 10200 شل وفي دير الزور استلمت المصارف الزراعية 41 ألف شل وزع منها على الفلاحين 25 ألف شل، وفي الغاب وصل إلى المصارف الزراعية 1200 شل وزع منها 1052 شل على الفلاحين، وتأتي عملية توفير الشلول بشكل مبكر للفلاحين كعنصر مساعد في تسهيل عمليات التسويق، إضافة لسعرها الرمزي والبالغ 1250 ليرة للشل.
وعن وضع المحصول بشكل عام أشار قضماني أن الوضع العام جيد والإصابات الحشرية دون العتبة الاقتصادية وخاصة ديدان اللوز، وأهم ما يميز المحصول هو استخدام الأعداء الحيوية لمكافحة آفات القطن وهذه الأعداء الحيوية منتجة في مخابر المكافحة التابعة للوزارة وتم توزيعها مجانا على الفلاحين
مدير مكتب القطن في حلب وضاح القاضي تحدث لــ«الوطن» عن واقع زراعة القطن، والاستعدادات المتخذة للتسويق قائلا: تم تتبع ورصد مراحل النمو لمحصول القطن في حقول المزارعين والفلاحين في المحافظات المنتجة للقطن ومعرفة الحالة العامة للنباتات والعمر الفيزيولوجي والاطلاع على أهم الصعوبات التي تعرض لها المحصول حيث كانت الحالة العامة للنبات جيدة بشكل عام من حيث النمو الخضري وتكوين الأجزاء الثمرية، منوهاً بوجود تفاوت في مراحل نمو النباتات من حقل لآخر بسبب الاختلاف في مواعيد الزراعة.
وبيّن أنه تم تصنيف الحقول وحالتها حسب موعد الزراعة إلى حقول مبكرة وموعد الزراعة فيها كان حتى 15 أيار وهي بحالة جيدة وفي مرحلة تفتح الجوز حتى الطوابق الثمرية المتوسطة من النبات، أما الحقول المتأخرة فهي التي زرعت بعد 15/5 حتى بداية الشهر السادس وحالتها وسط والنبات في مرحلة قمة الإزهار وبداية تفتح الجوز في الطوابق الثمرية الأولى، وهناك الحقول المتأخرة جداً التي زرعت بعد 10 حزيران وحالتها مقبولة والنبات في مرحلة تكوين الأزهار.
ويرى القاضي أن سبب التفاوت في مواعيد الزراعة وعدم تطبيق كامل الخطة نتيجة عدم وضع شبكات الري الحكومية في بعض المناطق في الخدمة بسبب التخريب من ناحية وعدم وجود مصادر مائية من ناحية أخرى لتغذية هذه الشبكات، وتعطيل وتخريب معظم الآبار وتعرضها للسرقة من المجموعات الإرهابية في المناطق الساخنة، والتأخير في تأمين المحروقات اللازمة للزراعة وارتفاع أسعارها وقلة كمياتها، والظروف الجوية غير المناسبة بسبب هطل أمطار كثيرة بعد منتصف نيسان حتى منتصف أيار في بعض المناطق، وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج ومن ضمنها النقل وعدم تأمين التمويل اللازم لمزارعي القطن، ومنافسة محاصيل أخرى صيفية أكثر ربحية، وهناك مساحات كبيرة لم تزرع بسبب عدم عودة المزارعين لقراهم، وهناك مساحات كبيرة غير مرخصة ومزروعة خارج فترة الترخيص الزراعي وخاصة خارج مناطق السيطرة وبذار غير معروف المصدر.
وعن الوضع المائي بين مدير مكتب القطن أنه جيد بشكل عام والاحتياجات المائية متوافرة في المناطق التي فيها شبكات الري أو الأنهار وحتى مناطق زراعة الآبار ما عدا بعض المناطق في ريف دير الزور الشرقي فكانت غير مستقرة نسبياً بسبب عدم توافر المحروقات من جهة وتوقف مشاريع الري الحكومية من جهة أخرى وخاصة مشروع القطاع الثالث الذي يروي مساحة 3565 واعتماد الفلاحين فيه على محروقات خاصة.
أما الظروف الجوية فقد كانت جيدة بشكل عام ومناسبة لنمو نبات القطن وخاصة من حيث درجات الحرارة النهارية والليلية ولم يلاحظ أي حالات للتسمم الحراري.
وفيما يتعلق بالآفات الزراعية فقد تعرضت حقول القطن لإصابات متفاوتة بآفات القطن ومنها (المن، التربس، ديدان، اللوز الأميركية، ديدان اللوز الشوكية، الذبابة البيضاء)، ويعود سبب الإصابة بحشرات المن والتربس للري الزائد وارتفاع الرطوبة حول البنات، وظهرت ديدان اللوز الأميركية في منتصف الشهر الخامس وظهرت ديدان اللوز الشوكية في منتصف الشهر السادس ما أدى إلى ضرب القمة النامية للنبات وخاصة في الزراعات المتأخرة وتأثير ذلك في الحمل الثمري.
وقد وصلت نسبة الإصابة بشكل عام في البداية حتى 3-4 % وانخفضت نسبة الإصابة نتيجة المكافحة الحيوية حتى 05 % في نهاية الشهر السابع وبداية الثامن.
وأضاف القاضي: إن عمليات القطاف في الحقول المبكرة وخاصة في محافظة الرقة قدا بدأت، وتقديرات الإنتاج الأولية للحقول المبكرة والجيدة بحدود 350 كغ/ دونم، وتم رصد بعض المشاهدات الخاطئة لدى المزارعين وتم التوجيه لها لحلها، ومنها رش المبيدات الكيميائية بشكل عشوائي ودون الرجوع للمختصين بذلك وبمبيدات غير معروفة المصدر، وزيادة عدد الريات خلال فترات زمنية قصيرة وزيادة كميات الماء في الرية الواحدة، وزيادة في الكثافة النباتية «زيادة عدد النباتات في المتر المربع»، وغزو عشبة الباذنجان البري لحقول القطن وأطراف الطرقات والسواقي بشكل كبير جداً، وانتشار حشرة الذبابة البيضاء في حقول القطن بسبب زيادة الرطوبة ورش المبيدات بشكل عشوائي، وزيادة بعض الخضراوات داخل حقول القطن والتي تعتبر عائلاً لديدان اللوز.
وتم إجراء المكافحة لمساحات بسيطة منها 160 هكتاراً لآفة البراكون و165 هكتاراً لآفة كريكوغرام و30 هكتاراً لأسد المن وجميع حالات المكافحة كانت بالأعداء الحيوية التي وزعت مجانا على الفلاحين.
مدير الزراعة والإصلاح الزراعي في حلب نبيه مراد بين أن المساحة المخططة 11500 هكتار، والمساحة المزروعة 1419 هكتاراً، نسبة التنفيذ 13 بالمئة، موزعة على خمس مناطق زراعية ضمن المناطق الآمنة في محافظة حلب وهي منبج 505 هكتارات، السفيرة، 550 هكتاراً، دير حافر 29هكتاراً، سمعان 15 هكتاراً، الباب 3 هكتارات.
أما في المناطق غير الآمنة فقد بلغت المساحات المزروعة في عين العرب 300هكتار، الباب 17 هكتاراً.
وعن الصعوبات التي تعرضت لها زراعة المحصول بين مراد أنها تتمثل في وقوع بعض مناطق المحافظة خارج السيطرة الحكومة ووجود بعض الأراضي الزراعية ضمن خطوط التماس مع المجموعات الإرهابية، واستمرار الهطلات المطرية الغزيرة خلال شهر نيسان حتى منتصف شهر أيار وهو موعد زراعة القطن، وعدم توافر المازوت الزراعي خلال شهر نيسان موعد زراعة القطن بسبب الحصار الجائر على القطر، ما أدى إلى تخوف المزارعين من زراعة القطن، وتخوفهم من الإصابات الحشرية التي مرت في الموسم الزراعي الماضي وعدم توافر المبيدات الفعالة، وارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج لمحصول القطن.
وأكد ضرورة الاهتمام بتأمين الأصناف الملائمة للزراعة واستنباط واختيار أصناف لكل المناطق الزراعية المختلفة وأن تكون مبكرة لتفادي انتشار زراعة بذور القطن المهربة، والاهتمام بمزارعي القطن وذلك عن طريق تأمين قروض نقدية لتشجيع الزراعة وتأمين تعويضات عن الأضرار في حال حدوث إصابات للمحصول وذلك تشجيعاً لهم لزراعة المحصول مستقبلاً.
ومن الرقة يؤكد مدير الزراعة علي الفياض أنه بدأت عمليات القطاف بشكل فعلي في المحافظة، منوهاً بأن الرقة احتلت المرتبة الأولى في المساحة المزروعة على مستوى القطر، والتي تزيد على نصف المساحة الكاملة على مستوى القطر، وبلغت نسبة تنفيذ الخطة 68% وهذا الانخفاض يعود للظروف التي تعيشها المحافظة وتوقف بعض المشاريع الحكومية بسبب تخريبها بأيدي المجموعات الإرهابية إضافة لتأثر المحصول بموسم 2018 بالظروف الجوية وارتفاع درجات الحرارة.
وأكد الفياض أن وضع المحصول في هذا العام جيد جداً نتيجة لتأمين المستلزمات أسمدة وبذور معتمدة محلية وتحسن الري في بعض المشاريع، وتميز هذا الموسم بتفوق الأصناف المحلية المعتمدة على الأصناف المزروعة غير المعتمدة إضافة إلى تفوق صنف رقة على كل الأصناف المزروعة بالمحافظة لكونه الصنف المخصص والمعتمد لمحافظة الرقة، والإنتاج المتوقع 56 ألف طن منها 2500 طن بالمناطق المحررة.