بمعارك بطولية ودماء آلاف الشهداء … الجيش أسقط مشاريع التقسيم واستعاد أكثر من 95 بالمئة من أراضي البلاد وحررها من الإرهاب
ربما من قبيل المصادفة، أن تبدأ الخطوات العملية الأولى لفتح الطريق الدولي المعروف بـ«m4»، والذي يربط حلب باللاذقية، وتطبيق اتفاق آخر فرضته إنجازات الميدان، تزامناً مع مرور تسع سنوات منذ بدء الحرب الإرهابية على البلاد، خصوصاً أن تلك الحرب واجهتها سورية قيادة وجيشاً وشعباً بكل بسالة.
الحرب التي سرعان ما كشفت عن وجهها العسكري بأدوات إرهابية ودعم من كل حدب وصوب، تبدو اليوم وبعد سنواتها التسع أمام مرحلة مغايرة كلياً، خصوصاً مع مشاهد مغادرة قوات الاحتلال التركي عدداً من نقاط مراقبتها، ومشاهدة مدن سراقب ومعرة النعمان وأريحا وجسر الشغور تنضم لمثيلاتها من المدن والبلدات السورية التي أعادها الجيش مجدداً إلى كنف الدولة، بدماء الآلاف من شهدائه وبطولات رجاله الذين خاضوا معارك بطولية وبشهادة الجميع.
في آذار من عام 2011 خرجت أولى التظاهرات التي ادعت السلمية، تظاهرات احتاجت سريعاً إلى الدماء، حيث لم يكن المشغّل على استعداد للانتظار طويلاً لتحقيق ما يصبو إليه، لتبدأ عمليات التسليح واستقطاب الإرهابيين عبر الحدود لاسيما الشمالية، تحت عين ويد أميركا، ويصبح السوريون أمام تجمعات تكفيرية مسلحة ومدعومة بغطاء أميركي إسرائيلي ودعم مالي ولوجيستي إقليمي معلن في ذاك الوقت، وتبدأ تلك الجماعات بارتكاب المجازر تباعاً واحتلال الأراضي السورية وتدمير كل ما يمر في طريقها، ليتخذ الجيش قراره الحاسم سريعاً بشن حرب لا هوادة فيها لاستعادة أراضيه وطرد الإرهاب مهما كلّف الثمن.
بالعودة قليلاً إلى تاريخ الحرب على سورية، يمكن الحديث عن مرحلتين زمنيتين، تحدث عنهما بإسهاب مصدر عسكري سوري لـ«الوطن»، أشار إلى مرحلة زمنية أولى امتدت منذ بداية إعلان القتال ضد الإرهاب وحتى أيلول من عام 2015، حيث شكلت تلك السنوات التحدي العسكري الأعقد، مع تشكل تنظيمات «جبهة النصرة» و«داعش» التي كانت تتلقى دعماً أميركياً غير معلن ورسمي، لتتمكن وعبر ارتكاب المجازر من السيطرة على مناطق واسعة لاسيما في المناطق الشمالية والشرقية، كما برز في تلك المرحلة ظهور تنظيمات إرهابية موازية أطلق عليها الغرب التنظيمات «المعتدلة» والتي تلقت بدورها الدعم المعلن وانتشرت في محيط العاصمة ومحيط بعض المدن الأخرى الكبرى وهذه لم تكن أقل فتكاً من «داعش» و«النصرة» وارتكبت مجازر توازي ما ارتكبته تلك التنظيمات، حيث لايزال سكان العاصمة يذكرون صواريخ ما عرف بـ«جيش الإسلام» الذي اتخذ من غوطة دمشق الشرقية وتحديداً مدينة دوما مقراً له.
المصدر العسكري الذي شارك في عدة معارك كبرى ضد الإرهاب، لاسيما معركة فك الحصار عن دير الزور، تحدث عن البطولات التي قام بها الجيش في تلك المرحلة، مدعوماً بقوات رديفة وحليفة، وأثمرت عن إيقاف حالة التمدد الإرهابي، وتواصلت بكل بسالة، رغم التجييش والضغط والدعم الدولي الهائل الذي كانت تلقاه التنظيمات الإرهابية.
المرحلة الثانية، وفق المصدر، بدأت مع قرار الحليف الروسي الدخول على خط الحرب على الإرهاب في سورية، الذي بدا في تلك المرحلة أنه ينفلت «من عقاله» ويهدد أمن العالم بأسره، حيث بدأت في هذه المرحلة تصفية الجماعات الإرهابية تباعاً، وشكلت فيها استعادة مدينة حلب نقطة تحول في المعركة، وبدأ فيها التسارع التدريجي للانتصارات، حيث استعاد الجيش حمص وريفها والغوطة الشرقية وبقية مناطق ريف دمشق، كما حرر دير الزور المحاصرة، وريف حماة، وصولاً إلى تخوم إدلب، بالتوازي مع حرب سياسية لم تكن أقل ضراوة، خاضتها الدولة السورية في المحافل الدولية، مكنتها من تثبيت انتصاراتها.
ومع دخولنا عام 2019 يقول المصدر العسكري لـ«الوطن»: بدا أننا أمام المعارك الأصعب مع اقترابنا من الصدام مع الأصيل بدل الوكيل، خصوصاً مع اتخاذ الجيش قرار استعادة إدلب، فدخلت تركيا بجيشها الرابع على مستوى «الناتو»، في معارك مباشرة مع الجيش، الذي سطّر معارك قالت عنها حتى الصحف الغربية إنها ستدخل في أدبيات التدريس العسكري، لاسيما معركة سراقب التي دفعت أنقرة لطلب المساعدة الروسية، والوصول لـ«اتفاق موسكو»، كمرحلة جديدة أعادت طريق حلب اللاذقية المعروف بـ«m4» إلى سيطرة الدولة السورية وتمت محاصرة الإرهاب في مناطق منعزلة، لتتمكن الدولة السورية بذلك من فتح أهم شريانين اقتصاديين سيدخلان البلاد، التي تتعرض لحصار اقتصادي ظالم، في مرحلة نشاط اقتصادي حتمي.
اليوم وبعد 9 سنوات من حرب إرهابية عالمية قاسية على سورية والسوريين، يؤكد المصدر العسكري لـ«الوطن»، أن الجيش وحسب بيانات وزارة الدفاع الروسية، والخرائط الميدانية يسيطر على أكثر من 95 بالمئة من أراضي البلاد، وتتواصل الاستعدادات العسكرية لتحقيق ما أعلنه الرئيس بشار الأسد القائد طوال السنوات الماضية، بحتمية استعادة كل ذرة تراب من الأرض السورية، وسط إصرار دمشق لاسيما بعد اتفاق موسكو الأخير على هذه الحتمية، وأن بقاء الاحتلال للأراضي السورية شرق البلاد أو شمالها لن يطول.