«المئة يوم الأولى» مصطلح يتم سماعه كثيراً في الصحف والإعلام الأميركي مع بداية كل ولاية رئاسية جديدة، وغداً تنتهى المئة يوم الأولى من ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن.
تكون هذه المرحلة من ولاية أي رئيس أميركي، أساسا وعنوانا لباقي أيامه في البيت الأبيض، فهي مرحلة تأسيس إذ تعتبر أفضل وقت لإحداث تغييرات طموحة وخاصة إذا تمتع الرئيس بدعم الكونغرس بكلا المجلسين أو بأحدهما.
وعادة ما يتعهد الرؤساء الأميركيون الجدد بأنهم سيطبقون قسماً كبيراً من الوعود التي تعهدوا بها خلال حملاتهم الانتخابية قبل مرور مئة يوم من بداية ولايتهم الجديدة، لذلك نجد أن الجميع ينتظر انتهاء المئة يوم الأولى من الرئاسة لتقييم الرئيس الجديد وأدائه.
لكن لماذا «مئة يوم»؟ من أين أتى هذا التقليد أو العرف؟ ولماذا مازال الشارع السياسي والإعلامي الأميركي يهتم به؟
لا يوجد أي معنى دستوري أو قانوني للمئة يوم الأولى من ولاية الرئيس، أما العرف فقد بدأ بعد الكلمة الإذاعية التي تحدث فيها الرئيس فرانكلين روزفلت 1933 للشعب الأميركي واعداً إياه بتحسين الأوضاع خلال مئة يوم، فقد مرر روزفلت 15 تشريعاً أساسياً و76 قانوناً خلال المئة يوم الأولى من رئاسته، كان أهمها قانون «نيو ديل» الذي ساعد الأميركيين في الخروج من الكساد الكبير، ولعل ما ساعد روزفلت على هذا الإنجاز هو إحساس الجميع في البلاد بضرورة التحرك السريع للخروج من الكساد الكبير.
بعد ذلك الوقت أصبح تقييم المئة يوم الأولى للرئيس الجديد، تقليداً يهتم به الجميع، حتى الآن لم يتغلب أي رئيس أميركي على فرانكلين روزفلت وقد يكون الرئيس هاري ترومان هو الأقرب بتوقيعه 53 قانوناً أما الرئيس باراك اوباما فوقع 14 قانونا خلال المئة يوم الأولى من ولايته والرئيس جورج بوش الابن وقع 7 قوانين ووقّع بيل كلينتون 22 قانوناً.
صحيح أن الرئيس الحالي جو بايدن لم يصدر قوانين وتشريعات بالحجم الذي فعله روزفلت، إلا أن المؤرخين والسياسيين يرون أن التحديات التي تواجهها الإدارة الحالية تشبه كثيراً التحديات التي واجهها الرئيس روزفلت في فترة الكساد الكبير، فبايدن يواجه أزمات متعددة كجائحة كورونا التي أودت بحياة أكثر من نصف مليون أميركي، والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ، والخسائر الكبيرة في الوظائف، إضافة إلى مشكلات السياسة الخارجية، وترى رئيسة المؤرخين في جامعة فرجينيا سيدني ميلكيز أن «الرئيس بايدن يواجه ظروفاً أصعب من التي واجهها روزفلت، ففي أيام روزفلت لم يكن هناك اعتداء على الكونغرس ولم يتهمه أحد بتزوير الانتخابات».
وقّع الرئيس بايدن 50 قراراً تنفيذياً واستطاع تأمين مساعدات مالية لأميركيين وأمّن 100 مليون لقاح كما وعد في أيامه المئة الأولى فهل هذا يكفي لنحكم على بايدن بأنه رئيس ناجح وقوي؟ أم إن مصطلح «المئة يوم الأولى» هو مجرد «علامة تجارية لا قيمة فعلية لها» كما وصفها مساعد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما ديفيد أليكسرود.