أحيا الملايين في العراق وإيران وسورية وفلسطين ولبنان واليمن بشكل خاص، الذكرى الثانية لاغتيال قائد فيلق «القدس» في الحرس الثوري الإيراني الشهيد قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الشهيد أبو مهدي المهندس، اللذين استشهدا إثر عملية غادرة تعرضا لها في ضربة جوية شنتها طائرات أميركية داخل حرم مطار بغداد الدولي في الـ3 من كانون الثاني 2020، إضافة إلى احتفاء قوى سياسية ومنظمات شعبية بهذه المناسبة في دول أخرى، منها الجزائر وتونس وفنزويلا والبرازيل.
في العراق وحده، أقيمت أكثر من 400 فعالية ومهرجان طوعي من محبي الشهيدين المهندس وسليماني في مختلف مناطق العراق قامت بها مؤسسات رسمية وغير رسمية، وشخصيات أكاديمية ودينية وعشائرية، وجامعات حكومية وخاصة، منددين بالجريمة، مؤكدين أن أميركا لم تجلب للعراق والمنطقة سوى الخراب والدمار والفوضى، رافعين شعار «الموت لأميركا»، و«يجب إنهاء الإرهاب الأميركي».
الرئاسات العراقية الثلاث لم تُصدر في الذكرى الأولى لجريمة اغتيال «قائدي النصر»، أي بيان رسمي! ولكن في الذكرى الثانية للجريمة، أقيم حفل تأبيني رسمي في الـ5 من الشهر الجاري على قاعة مسرح المنصور في بغداد، بحضور رئيس الجمهورية برهم صالح وعدد من المسؤولين الرسميين والسياسيين، بينهم رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، بينما غاب عن الحضور رئيس المجلس النيابي السابق محمد الحلبوسي! وناب وزير الداخلية عن رئيس مجلس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي، بإلقاء كلمة مقتضبة بهذه المناسبة!
الكلمات التي ألقيت استعادت «بفخر الانتصار الذي تحقق على داعش الإرهابي وإفشال مشروعه الخبيث الذي كان يهدد المنطقة والعالم»، بتحرير مدن العراق «من دنس الإرهاب»، مؤكدين أن «الشهيدين بذلا جهداً كبيراً في تحقيق النصر واستحقا بجدارة وصف المرجعية الدينية لهما قادة النصر»، وباستثناء الكلمة التي ألقاها رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، الذي اعتبر أن «ما حصل في طريق المطار أمر جلل وكبير ترتبت عليه آثار في العلاقة بين العراق والولايات المتحدة»، لم تأت أي كلمة على ذكر أميركا بالاسم، بل العكس أشاد رئيس الجمهورية برهم صالح بـ«الدعم من الجيران والأصدقاء والتحالف الدولي»، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية التي اغتالت الشهيدين البطلين.
المستمع لكلمات الرثاء التي ألقاها المسؤولون، يتخيل أن الشهيدين قُتلا في حادث سير أثناء تأدية واجبهم النضالي، أو أنهما تعرضا لصعقة تيار كهربائي.
يا أحرار العالم، الذي اغتيل غدراً بضربة جوية أميركية، هو ساطع الشيب، جمال جعفر محمد علي آل إبراهيم التميمي الملقب بـ«أبو مهدي المهندس»، والقائد التاريخي اللواء قاسم سليماني، في جريمة إرهابية كبرى لا مثيل لها، شكلت انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق وكرامته في اغتيال قائد كبير من قادتها، وضيف كريم من ضيوفها.
منذ ليلة الاستشهاد، والعالم ما زال يستذكر تلك الجريمة الأليمة، وهؤلاء يخشون لجبنهم، عن ذكر اسم القاتل، وأعوانه بالاسم، في وقت كانوا يسارعون فيه هم وآخرون بإرسال رسائل مواساة ورثاء لموت أمير من آل سعود بجرعة مخدرات زائدة.
تسع محافظات عراقية وسطى وجنوبية، اعتبرت يوم الذكرى الثانية لاستشهاد قادة النصر عطلة رسمية ليتمكن محبو الشهيدين من حضور مراسم إحياء ذكراهم، بينما تجاهلت الذكرى المحافظات التي حُررت بدماء الحشد الشعبي وقادته الأبطال، وحتى ذاك الذي استنجد بالقائد سليماني مرعوباً لإنقاذه من داعش التي كانت على أبواب أربيل، بعد أن أغلق الأميركيون هواتفهم بوجهه، لم يذكر «قادة النصر» بكلمة!
أيها العراقيون، من قُتل في دياركم، هو ابن مقترن النهرين البصرة الفيحاء، أبو مهدي المهندس، وضيف العراق الكبير القائد قاسم سليماني، وهو آمن في دياركم، ألا يشكل ذلك إهانة كبرى لكل عراقي شريف؟ فأين النخوة والغيرة والكرامة التي تتغنون بها؟!
أميركا جلبت الإرهاب والفوضى والخراب للشعب العراقي وللمنطقة بديمقراطية مزيفة، داعمة دعاة «حرية»، تبين أنهم لصوص ومنتهكو أعراض، ومنتزعو أكباد وقاطعو رؤوس، فلا معنى لشعار «لا شرقية ولا غربية»، ولا قيمة لـ«النأي بالنفس»، أمام من قتل آباءنا وأبناءنا، ودمر بلادنا.
كلمات المنافقين في ذكرى استشهاد أبطال النصر، لا أحد يصدقها حتى لو وضعوا المصاحف فوق رؤوسهم، ومن حق كل شريف يعتز بأصله وكرامته، أن يطالب ناكري الجميل، ومبخسي حق الشهداء الأبطال، أن يثبتوا نقاء دمائهم، وصدق انتمائهم لأوطانهم، وارتباطهم بشرف الدفاع عن الأرض والعرض.
وقسماً بدماء الشهداء الطاهرة، ثأرنا من الأميركيين وأعوانهم وأدواتهم في المنطقة آت، وهو لن يطول.