على الرغم من أن أحد أسباب وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض هو الدعم الكبير من شركات متعددة الجنسيات التي تسيطر على الاقتصاد في الولايات المتحدة ولوبي صناعة السلاح وغيرها، إلا أن للشارع الأميركي الملون فضلاً كبيراً أيضاً في فوزه، فمنذ الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي عام 2020 عمل الشارع الأميركي الإفريقي على دعم جو بايدن في عدة ولايات، حيث يشكل الناخب الملون الأغلبية، كولاية ساوث كارولاينا التي يشكل فيها الناخب الملون ستة من أصل عشرة ناخبين ديمقراطيين.
أطلق بايدن وعوداً كبيرة للشارع الأميركي من أصول إفريقية خلال حملته الانتخابية إذ قال: «للجميع الحق في العيش بكرامة وإن أفضل طريقة للتمثيل العادل لجميع فئات الشعب الأميركي هو وجود امرأة ملونة في المحكمة العليا».
يبدو أن الوقت قد حان ليوفي بايدن بوعوده للشارع الملون، فمع اقتراب تقاعد القاضي في المحكمة العليا ستيفن براير، أصبح هناك شاغر في المحكمة، فهل سيعين بايدن امرأة ملونة كما وعد؟
لقد أتى هذا التغيير في وقت مناسب جداً بالنسبة لبايدن، فالرئيس الأميركي محاصر من عدة اتجاهات، المعارضة الجمهورية القوية داخل الكونغرس، وضغوط من داخل حزبه، بالإضافة إلى استياء الشارع الملون من أدائه، فقد أثبتت استطلاعات الرأي أن الشارع الملون غير راضٍ عن أداء الرئيس وخاصة أنه لم يوف بوعوده التي قطعها لهم في الانتخابات، كتمرير قانون الشرطة الفدرالي، وقانون حماية الناخب.
مؤسسة «مورنييغ كونسولت داتا» أكدت في الاستطلاع أن نسبة تأييد الشارع الملون لبايدن في تشرين الأول الماضي كانت أقل من ١٦ بالمئة عن الشهر الذي قبله، بينما قالت: «اتش اي تي ستراتيجيز داتا» في تشرين الثاني إن ٧٤ بالمئة من الناخبين يؤيدون بايدن وهو أقل بست نقاط عن شهر حزيران، وفي أحدث استطلاع لـ«اسوشيتيد بريس» الأسبوع الماضي قالت: إن «ستة من أصل عشرة ناخبين أميركيين من أصول إفريقية فقط راضون عن أداء بايدن، بعد أن كانت النسبة تسعة من أصل عشرة خلال الأشهر الستة الأولى من رئاسته».
لعل وجود مكان شاغر في المحكمة العليا هو فرصة لبايدن ليقوم بتحسين صورته لدى الناخب الملون وكسب ثقته مرة أخرى، وخاصة أنه بحاجة إلى دعمهم في انتخابات ٢٠٢٤.
ربما لن يحصل تغيير جذري داخل المحكمة العليا إذا عين الرئيس قاضية ملونة، لكن هذا لا يعني أنه ليس من الجيد أن تكون كل فئات المجتمع ممثلة في المحكمة، فوجود قاضية ملونة هو أمر جيد للشارع الأميركي من أصول إفريقية وقد يكون خطوة نحو التغيير وخاصة أن المحكمة العليا التي تتألف من تسعة قضاة، يسيطر عليها التيار المحافظ.
قد يساعد تعيين قاضية ملونة في المحكمة على تحسين صورة الرئيس الأميركي أمام ناخبيه وقد يكون بداية جيدة للسنة الثانية من رئاسته، لكن هل هذا يكفي ليقوم هذا الشارع بدعمه في الاستحقاق القادم؟.