أبو حمود: لا عقاب على من أكرهته قوة مادية أو معنوية ولم يستطع إلى دفعها سبيلاً … في القانون السوري… المرأة التي تسّيب طفلها صيانة لشرفها خطيئة أو سفاحاً «تعاقب لكن تعفى من التشديد»
| مرام جعفر
أكد المحامي سمير أبو حمود أن قانون العقوبات العام رقم (184) الصادر بتاريخ 1949 تشدد بالعقوبة في الجرائم المتعلقة بتخلي الأهل عن أطفالهم وهو ما جاء في الفصل الثاني منه والمتعلق بالجرائم التي تمس الأسرة ومن بينها المواد المتعلقة بـ«طرح أو تسييب الولد أو العاجز» فشدد العقوبة في عدد من المواد بينما أعفى من العقوبة بحالات خاصة.
وذلك تعليقاً على الحوادث الأخيرة التي شهدتها دمشق بترك طفلة حديثة الولادة في الجامع الأموي، وكذلك الأب الذي رمى بأطفاله الثلاثة في حي كفرسوسة بدمشق، التي ربما كان أحد أهم الأسباب التي دفعت بهم إلى مثل هذا الفعل «الشنيع» الوضع المادي الصّعب والظروف المعيشية القاسية التي تحيط بمجتمع شهد حرباً ظالمة لأكثر من عشر سنوات ولكن هل يعتبر ذلك تبريراً وتشريعاُ لرمي طفل هو فلذة الكبد؟ وما رأي القانون السوري بذلك؟
أبو حمود بين لـ«الوطن» أن المادة 484 من قانون العقوبات تنص على «أنه من طرح أو سيب ولداً دون السابعة من عمره أو أي شخص آخر غير قادر على حماية نفسه بسبب حالة جسدية أو نفسية عوقب بالحبس من 3 أشهر إلى سنة. وإذا طرح الولد أو العاجز أو سيب في مكان مقفر كان العقاب من سنة إلى 3 سنوات أي ينال عقوبة «الجنحة».
لكن المادة 486 تشددت بالعقوبة حسبما أوضح أبو حمود إذ نصّت على أنه «إذا كان المجرم أحد أصول الولد أو العاجز أو أحد الأشخاص المولين حراسته أو مراقبته أو معالجته أو تربيته شددت العقوبة على نحو ما نصت عليه في المادة 247 التي تضاعف كل عقوبة من الثلث إلى النصف وتضاعف الغرامة المالية أيضاّ.
وبيّن أبو حمود أن الفقرة الثانية من المادة 486 نفسها استثنت عدم تطبيق التشديد في حال «أن الأم التي أقدمت محرضة أو فاعلة أو متدخلة على طرح مولودها أو تسييبه صيانة لشرفها (خطيئة أو سفاح) أي «تعاقب لكن تعفى من التشديد».
وبمثل حالة الرجل الذي ترك أطفاله الثلاثة والذي تم الإعفاء عنه بعد أن عرض على القضاء وقدّم تعهداً، أشار أبو حمود إلى أن المادة 226 تحت بند (القوة القاهرة) تعفي وتنص على أنه «لا عقاب على من أكرهته قوة مادية أو معنوية لم يستطع إلى دفعها سبيلاً. «وأيضاً في حالات كالجنون والعته والسكر والتسمم بالمخدرات).
واعتبر أبو حمود أنه لا تهاون في البت بمثل قضايا كهذه، وبيّن أن النيابة العامة تقوم بمهمة تحريك الادعاء في حال لم يتقدم أحد أطراف العائلة بذلك.
أما فيما يتعلق بالشق النفسي والاجتماعي، رأت الدكتورة المختصة بعلم النفس الاجتماعي خيرية أحمد أن أهم الأسباب التي تدفع المرأة لترك مولودها «غير الشرعي»، تتمثل بخوفها من العادات والتقاليد حيث تصل الأمور إلى حد القتل كعقوبة لها. بينما تتركز دوافع ترك الطفل عموماً بأمور تتعلق بالوضع النفسي للأم كأن تكون مصابة بالفصام أو الاكتئاب أو أن تكون شخصية مضطهدة ومعنفة في بيت أهلها أو زوجها فتعامل الطفل بالمثل من منطلق سلوك (العنف يولّد العنف).
وبيّنت أحمد أنه في مثل هذه الحالات يتم تسليم الطفل من قبل الشرطة إلى فرق الشؤون الاجتماعية والعمل التي بدورها تنقل الطفل إلى جمعيات متخصصة برعاية (الأطفال غير الشرعيين) حيث يتم تربيتهم وتعليمهم وتقديم كل خدمات الرعاية لهم.