قبل أكثر من ثلاثين عاماً كتبت في مجلة متخصصة بالكمبيوتر مقالاً عن دراسة علمية أعدها (مركز هادلي للتغيرات المناخية) في بريطانيا، بالاستناد إلى مليارات العمليات الحسابية التي أجراها حاسوب المركز الذي كان يعتبر في ذلك الوقت أضخم كومبيوتر في تاريخ البشرية! وقد تضمنت الدراسة نبوءات مرعبة عما ستصل إليه الأوضاع على سطح كوكبنا، فأغلب غابات الأمازون ستتحول إلى صحاري! والملاريا وغيرها من الأوبئة التقليدية ستعود وتتفشى في القارة الأوروبية! وستغرق عدة مدن ساحلية، بسبب ذوبان الثلوج القطبية! وإذا استمر الإنسان في استنزاف موارد الكوكب بالوتيرة نفسها فإن الأوضاع على الأرض ستصل إلى نقطة اللاعودة في عام 2050.
في التاسع من الشهر الماضي قال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عقب زيارته للبصرة: «عند وقوفي في هذه الحرارة الحارقة… ومع استنشاق الهواء الملوث بسبب الكثير من مشاعل الغاز المنتشرة في المنطقة، اتضح لي أن حقبة الغليان العالمي قد بدأت بالفعل».
وقد صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أواخر تموز الماضي: موجات الحر في نصف الكرة الأرضية الشمالي «مرعبة».. «لقد انتهى عصر الاحتباس الحراري، وحل عصر الغليان العالمي». وقد وصف غوتيريش تغير المناخ بأنه «مٌرَوِّع» و«يتطلب تحركاً مناخياً كبيراً وعلى الفور».
جاء في الأساطير اليونانية أن غايا هي ربة الأرض، التي تعتبر الأم الأولى لجميع الكائنات الحية، وتحكم الأرض وكل ما عليها، بما في ذلك إنشاء الإنسان وتحولات الآلهة. وُلدت غايا من الفراغ والكون المظلم، وهي تمثل الخصوبة والحياة، وكان اليونانيون يعتقدون أنها تتحكم بالمواسم والطقس، وكان لها عدد من الأبناء، منهم أورانوس (السماء) وكرونوس (الزمن). كانت غايا تحاول بشتى الطرق الحفاظ على الأرض والبشر وكل الكائنات الحية التي تعيش عليها. لكن يبدو أن تصرفات البشر الرعناء جعلت غايا تغضب علينا وتنفض يدها منا!
في سنة 1872 قام عالم ألماني اسمه هاينزمان بتجربة علمية أطلق عليها تجربة البطة المسلوقة، إذ وضع فرخ بط في إناء ماء دافئ وبدأ يرفع درجة الحرارة شيئاً فشيئا فظل فرخ البط في الإناء إلى أن مات. كرر هاينزمان التجربة مع رفع درجة الحرارة دفعة واحدة فلم يمت أي فرخ، لأن فراخ البط كانت تقفز من الإناء ما إن تلسعها الحرارة.
والحقيقة هي أن النوع البشري ينتظره مصير فرخ البط الأول، فحرارة الكوكب ترتفع ببطء مما جعلنا نشهد مجموعة من الظواهر المناخية العنيفة، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات.
ثمة كلام كثير عن مخطط شرير لتقليل عدد البشر إلى مليار، وأنا لم أتوصل إلى معلومات موثوقة بهذا الصدد. غير أنه لا دخان من دون نار، فقد تحدث بوتين في العام الماضي عن فكرة المليار الذهبي ووصفها بأنها: «عنصرية واستعمارية جديدة بطبيعتها، وتقسم الشعوب إلى صنف أول وثان».
يقول الكاتب والفيلسوف الأميركي روبرت أنطون ويلسون: «إنكار المؤامرة بالكلية جزء من المؤامرة، والمبالغة فيها دعم للمؤامرة» وأنا لست مقتنعاً تماماً بمؤامرة المليار الذهبي لكنني أعلم علم اليقين أن ما يفعله البشر من جرائم حمقاء بحق كوكبنا غايا، يجعل كل الكوارث ممكنة وقد لا ينجو منا سوى حفنة أثرياء ينطلقون في مركبة إلى الفضاء بعد أن يجعلوا حياتنا على الأرض مستحيلة!