نردد أقوالاً بصيغتها الدقيقة، أو في سياق الحديث، ولا ندري في أحايين كثيرة مصدر هذه الأقوال، وقد لا نعرف قائلها، وحين نتتبع المصادر، نجد أنها حكمة جاءت إلينا من تجارب الشعوب، ويصح أن يتم جمعها، وأن تجري دراستها وفق مناهج الفكر المقارن بين الشعوب، كما تتم دراسة الأدب والمقارنة بين آداب الأمم.. ولعل التجارب هي الأكثر سيرورة من الأدب، لأنها تندرج تحت الحكمة والمعرفة، وتحت المَثَل والقول، وتحت العقائد والأديان، وربما نخرج بنتائج تقارب بين الشعوب ولا تباعد، تقيم سلماً ولا تجلب حرباً.
«أن تضيء، شمعة خير من أن تلعن الظلام» حكمة عظيمة نرددها دوماً بهذه الصيغة، وربما بصيغة أخرى غير هذه الترجمة، وهي حكمة بالغة التأثير والبلاغة، عميقة في مدلولاتها تصل إلى عمق الروح الإنسانية، وإلى جوهر تعامل المرء مع الحياة، فإذا ما كان الإنسان في موقف ما، فعليه أن يبدأ مسيرة تغييره وتبديله من ذاته، وألا يكتفي بالتذمر والشتم واللعن، عبارة فيها من الحكمة الكثير، إذ تذهب بالإنسان إلى أن يقوم بالفعل، وألا يكتفي بالجلوس والترقب..
إنها حكمة وعبارة للحكيم كونفوشيوس الذي بنى عقيدة و فلسفة على مبدأ العمل والتسامح والسعي وعدم الركون إلى الواقع وضعف الإنسان.
وجد الإنسان نفسه في ظلام دامس، وهذا الظلام مادي ومعنوي، معرفي وحياتي، فماذا يمكن أن يفعل حيال ذلك؟ كونفوشيوس بحكمته وأعظم الأثر دلّ على الطريق (أن تضيء شمعة) فإن كان الأمر مادياً فاعمل على الإضاءة والعمل للخلاص مما أنت فيه، وإن كان الأمر معنوياً، فاعمل على تجاوز ما أنت فيه.. ظلام العلم بسلوك سبيل التعلم، ظلام الظلام والظلم بالبدء بسلوك العدل، ظلام الضعف، بالشروع نحو القوة، وهكذا..
فالإنسان حين تقع الواقعة، ويقع تحت شرط قاس يكون أمام أمرين: إما الشروع بالعمل وسيكون العمل مضنياً وشاقاً، أو الركون إلى الكسل والجلوس إلى النقد والشتم واللعن.. والنتيجة واضحة فالأول قد يصل إلى نتيجة، أما الثاني فلا أمل له لأن العمل يصل إلى نتائج، أما القول فلا نتائج له.
وفي سياق الفكر المقارن نجد أن هذا القول البليغ الحكيم يؤدي المعنى العربي والإسلامي نفسه (اعقل وتوكل)، فالإنسان حين يكون في وضع ما عليه ألا يركن للانتظار، وألا يكتفي بالدعاء السلبي أو الإيجابي، والدعاء هنا يشبه المدح أو الشتم الذي عناه كونفوشيوس بحكمته، بل كانت الدعوة العربية الإسلامية (اعقل) تقابل (أن تضيء) أو (أشعل) وتبدأ مسيرة العمل الجاد التي تنطلق من أمر بسيط للغاية.
إنها الحكمة وتجارب الشعوب..
من أقوال كونفوشيوس
– أريد زوجتي لا تسمع ولكن ليست صماء.. لا ترى ولكن ليست عمياء.. لا تتكلم ولكن ليست خرساء.. فأين أجد هذه المرأة؟ إنني ما زلت أبحث عنها.
– التعلم من دون تفكير جهد ضائع، والتفكير من دون تعلم أمر خطير.
– الجهل ليل العقاب، ولكنه ليل لا قمر فيه ولا نجوم.
– الحياة بسيطة جداً، إلا أننا غالباً ما نصر على جعلها معقدة.