وهو يرفع كتاباً طبع منذ عام 1925 ليحاول أن يلصق تهمة النازية بفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، يعلم رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي أنه اقترب من النهاية، وأن الوصول إلى هذه الدرجة من الاستخفاف بالداخل الإسرائيلي واستغباء مستوطنيه، يعني الانحدار نحو القاع السياسي بسرعة كبيرة تقوده إليه أهواؤه الشخصية المنفلتة من أي ضوابط سياسية مهما كانت النتائج.
يبدو أن نتنياهو يعيش أسوأ كوابيسه أمام ثبات فلسطيني مدعوم إقليمياً من محور لا ينفك عن توجيه الضربات المركزة على الرأس المترنح للكيان الصهيوني.
بين ضغوطات الداخل الإسرائيلي والتغييرات المتسارعة خارجياً، يزداد نتنياهو تمسكاً بخيار الاستمرار بالعدوان، فتوقف آلة الإبادة الجماعية يعني انتهاء الحياة السياسية الشخصية لرئيس حكومة الاحتلال، فالعالم يستطيع أن يرى أن هجوم نتنياهو على غزة لا يؤدي إلى هزيمة المقاومة ولا يعيد الرهائن، وإنما يزيد عدد الشهداء الفلسطينيين وتزداد معهم طرداً عزلة إسرائيل عن المجتمع الدولي، وعزلة حكومة نتنياهو عن شارعه، فالمحتجون الإسرائيليون يتظاهرون بشكل مستمر في مناطق متفرقة للمطالبة بإعادة الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، وإجراء انتخابات مبكرة للإطاحة بحكومة نتنياهو، فيما يقول الأخير إن مظاهرات عائلات المحتجزين غير مفيدة، بل إنها تزيد من مطالب حركة حماس وتؤخر استعادتهم.
هذه الأحداث الداخلية رافقتها وعلى مدى أيام العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، دعوات مسؤولين أمنيين ومدنيين سابقين إلى عزل بنيامين نتنياهو بسبب الفشل في الحرب على غزة.
الولايات المتحدة الأميركية الداعم الأول للكيان الصهيوني باتت في موقف محرج بعد ضربات المقاومة العراقية على قواعدها في العراق وسورية، إضافة إلى التحدي الأكبر المتمثل باستهداف القوات المسلحة اليمنية لسفن العدو التجارية والبوارج والسفن الحربية الأميركية والبريطانية.
واشنطن لا تستطيع إيقاف نتنياهو الذي يتمسك بالعدوان على غزة وتوسيع نطاق الحرب، لأن الأمر مرتبط بمستقبله السياسي، وواشنطن تغرق في مستنقعات هي أحوج في أن تكون بعيدة عنها الآن، ولا سبيل لحل كل تلك المشاكل إلا بإيقاف العدوان على غزة، وانسحاب القوات الأميركية من العراق وسورية، فإلى أين ستتجه بوصلة المنطقة؟