سورية

«مسار عمّان» ينتج منطقة «خفض تصعيد» في جنوب غرب سورية … قمة هامبورغ: اختراق روسي أميركي جزئي يترجم بهدنة في درعا

| الوطن – وكالات

نجح الزعيمان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، في إرساء حوار بناء وإيجابي للغاية بينهما على هامش قمة دول مجموعة العشرين، أثمر عن التوصل إلى إعلان وقف إطلاق نار في جنوب غرب سورية.
وكما توقعت «الوطن» خرجت المنطقة الجنوبية من تفاهمات أستانا، بحيث بات يحكمها عملية تفاوضية ما بين واشنطن وموسكو، مسرحها العاصمة الأردنية عمان. وبالتالي لم يكن مستغرباً أن تتولى الحكومة الأردنية الإعلان عن وقف إطلاق النار في جنوب غرب سورية.
وجاء الأميركيون إلى هامبورغ، وهم عاقدو العزم على التوصل إلى اتفاق مع الروس بشأن سورية، يسمح لهم بتركيز جهودهم على محاربة تنظيم داعش.
أما الروس فقد جاؤوا، وهم يسعون إلى الحصول على الاعتراف الأميركي بهم كوكيل لحل الأزمة السورية، وعينهم أيضاً على، إعادة فتح صلة وصل بين أزمتي سورية وأوكرانيا، فضلاً عن إحياء العلاقات الروسية الأميركية وإخراجها من عنق الزجاجة الذي وصلت إليه نتيجة لعبة السياسة الداخلية الأميركية.
وسمح اللقاء المطول في هامبورغ، للرئيس الروسي بالتأكيد على توافر أسس حقيقية لإعادة العلاقات الأميركية الروسية، مشيداً بنظيره ترامب، وموقفه تجاه الوضع في سورية، والذي «أصبح أكثر واقعية»، وإن انتقد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون على تصريحاته حيال الرئيس بشار الأسد. وقال بوتين في مؤتمر صحفي بختام قمة العشرين: «مستقبل سورية والرئيس الأسد يحدده الشعب السوري وليس وزير الخارجية الأميركي»، معرباً عن اعتقاده بأن أميركا أصبحت أكثر براغماتية بشأن الأزمة السورية.
وفيما بدا رفضاً مبطناً لمطالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بإعطاء روسيا ضوء أخضر لتركيا لشن عملية في تل رفعت ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكد بوتين أن بلاده تحتفظ بعلاقات مع الفصائل الكردية وبوجود لمراقبيها في مناطق من سورية لمراقبة وقف إطلاق النار، لكنه أوضح أن الأميركيين هم من يزودون المقاتلين الأكراد بالوسائل العسكرية.
وفي وقت سابق، كشف المتحدث باسم الحكومة الأردنية عن اتفاق روسيا والولايات المتحدة والأردن على ترتيبات لدعم وقف إطلاق النار في جنوب غرب سورية يبدأ اليوم الأحد، وعلى «طول خطوط تماس اتفقت عليها قوات الحكومة السورية والقوات المرتبطة بها من جانب، وقوات المعارضة السورية المسلحة».
وطغى لقاء بوتين ترامب على قمة العشرين، ليس فقط لأنه طال عن الموعد المحدد له نحو الساعتين، بل نتيجة نجاح المسار الذي أطلقته زيارة وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون إلى موسكو قبل نحو شهرين. وبالرغم من الأجواء الداخلية المتشنجة في واشنطن، والمعبأة بشدة روسياً، أصر تيلرسون مدعوماً من ترامب على المضي قدماً في عمله لاستكشاف سبل تحسين العلاقات الروسية الأميركية التي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة. كما عملت الدبلوماسية الألمانية على توفير سبل النجاح لمهمة تيلرسون.
وذكر لافروف أن الاتفاق الروسي الأميركي الحالي يتضمن «تأمين وصول المساعدات الإنسانية وإقامة اتصالات بين المعارضة في المنطقة ومركز مراقبة يجري إنشاؤه في العاصمة الأردنية».
وبدوره، أشار الوزير الأميركي إلى أن المنطقة التي يشملها وقف إطلاق النار، تؤثر على أمن الأردن و«جزء معقد جداً من ساحة المعارك السورية»، معرباً عن اعتقاده أن هذه هي أول إشارة إلى أن الولايات المتحدة وروسيا بمقدورهما العمل معاً في سورية.. ونتيجة لذلك أجرينا مناقشة مطولة جداً فيما يتعلق بمناطق أخرى في سورية يمكننا أن نواصل فيها العمل معاً لعدم التصعيد»، من دون أن يوضح ماهية تلك المناطق.
وكان موقع «الديلي بيست» الأميركي قد أشار الخميس الماضي، إلى موافقة إدارة ترامب على بقاء الرئيس الأسد في السلطة ونشر موسكو شرطتها في مناطق وقف التصعيد، وكل ذلك ثمن لإنهاء «داعش» في سورية، مشيراً إلى أن التنازلات التي ستقدمها لموسكو، لن تعارض كذلك فرض الأخيرة مناطق تخفيف التصعيد والتي اقترحت إقامتها في سورية.
وفي موقف جديد كلياً على واشنطن، شدد تيلرسون على أن أهداف بلاده وروسيا في سورية «متطابقة تماماً»، لكنه عاد ليطمئن حلفاءه ويقلل من أهمية تنازلاته إلى التأكيد أن الولايات المتحدة ما زالت «لا ترى أي دور في الأجل الطويل لعائلة (الرئيس بشار) الأسد أو نظامه». ويبدو أن واشنطن لا تريد الاكتفاء بالاتفاق الحالي، بل هي تدفع وراء تطويره، وفي هذا الصدد أعرب تيلرسون عن استعداد الولايات المتحدة لمناقشة الجهود المشتركة مع روسيا لإرساء الاستقرار في سورية، بما في ذلك فرض منطقة حظر طيران ونشر مراقبين لوقف إطلاق النار والتنسيق لوصول مساعدات إنسانية.
وشرح مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية موقف بلاده مبيناً أن وقف إطلاق النار هو «خطوة أولى» نحو «ترتيب أكبر وأكثر تعقيداً لوقف إطلاق النار وترتيب لعدم التصعيد في جنوب غرب سورية».
وقال المسؤول الذي شارك في المفاوضات وطلب عدم نشر اسمه «بالتأكيد (سيكون ذلك أكثر تعقيداً من (إعلانات) هدنة سعينا للتوصل إليها في الماضي». وأضاف: إن المزيد من المناقشات ستحدد جوانب حاسمة في الهدنة ومنها من سيتولى مراقبتها.
واستبق ترامب قمته مع بوتين، بالإعلان من بولندا عن ملخص سياسته السورية إذ قال: «في الوقت الذي ستتحرر فيه الرقة والموصل قريباً من هؤلاء القتلة والمجرمين والسفاحين، ندرك أن سورية بحاجة إلى إيجاد تسوية سياسية لا تسمح لإيران بطرح أجندتها ولا تسمح بعودة الإرهابيين». ويشكل تصريح ترامب تراجعاً جوهرياً عن موقف إدارته المبدئي الرامي إلى طرد إيران من سورية. ويعني أن واشنطن تريد حالياً تجميد النفوذ الإيراني في سورية بالترافق مع القضاء على داعش.
أما تيلرسون نفسه فقد كان أكثر وضوحاً في إعلان الموقف الأميركي، عبر بيان رسمي عشية قمة هامبورغ، مثل حصيلة النقاشات التي دارت بين أجهزة الدولة الأميركية مؤخراً، حول إستراتيجية الإدارة في سورية.
وأقر تيلرسون بدور إيران في سورية، كما لم يكتف بالاعتراف بالدور السياسي لموسكو في سورية، بل أقر بروسيا كما تم توصيفها وفقاً لعملية أستانا «الضامن لنظام (الرئيس) الأسد»، مطالباً إياها بضمان تلبية احتياجات الشعب السوري، ومنع أي فصيل في سورية «من استعادة أو احتلال مناطق بشكل غير شرعي» بعد تحريرها من قبضة داعش أو جماعات أخرى.
وأعاد التأكيد على تذكير «الجهات الفاعلة في سورية» بأن معركة أميركا هي مع تنظيم داعش فقط، ودعا الحكومة السورية وحلفاءها إلى التركيز على قتاله، من أجل منع عودته.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن