سورية

السوريون ينفضون غبار الحرب … «أحمر» الميلاد هذا العام رمز للاحتفال وليس للدماء

| سامر ضاحي

مع الانتصارات العسكرية التي حققها الجيش العربي السوري خلال العام الجاري عاد اللون الأحمر ليعبر عن أفراح أعياد الميلاد ورأس السنة بعد سنوات من الأزمة اقتصرت رمزية هذا اللون على الدماء التي سفكت خلال الحرب.
وكانت الاحتفالات في مثل هذا الوقت من أعوام الحرب السابقة «تقتصر على فئة ضيقة جداً أو حتى تكاد تكون تأدية واجب لا أكثر»، كما يقول محمود لـ«الوطن» وهو صاحب أحد محلات الزينة، ويضيف: كان الاحتفال للحفاظ فقط على رمزية العيد فكل بيت لديه شهيد أو مفقود أو متأثر بفقدان أحد الجيران أو الأقارب وكان هناك حرص على عدم إثارة مشاعر الآخرين بالمظاهر الاحتفالية.
ويعتبر محمود، أن التجاذبات التي شهدتها الأزمة كانت سبباً أيضاً في محدودية الاحتفالات «وحتى حي باب توما العريق وما حوله شرقي العاصمة كانت احتفالاتها تتلون بدماء الشهداء لشدة ما سقط عليها من قذائف إرهابية».
علا، صبية في العشرينيات من عمرها تتجول في حي المزة في غرب العاصمة لتختار زينة لشجرة الميلاد، تؤكد أنها «تشاطر المسيحيين احتفالاتهم»، وتقول «هذا العام نحن مدعوون لتأكيد وحدتنا الوطنية فكما كنا ضحايا الإرهاب لسنوات على السواء نحن اليوم شركاء في الانتصار».
وتلفت الصبية إلى أن الواقع الاقتصادي اليوم للبلاد يشجع على الاحتفال مستشهدة بانخفاض أسعار الدولار الأميركي مقارنة بالعام الماضي حيث انخفض بنسبة تفوق 15 بالمئة وهو الأمر الذي انعكس على كثير من الأسعار وبات المواطنون يعتقدون اليوم بأنه مستمر بالانخفاض رغم ارتفاع طفيف له مؤخراً.
وفي هذا الصدد يشير محمود إلى أن «المبيعات لهذا العام ازدادت بشكل ملحوظ لكن ما نخشاه فقط هو التهور الذي تتعنت ميليشيات مسلحة به باستمرارها باستهداف أحياء العاصمة الآمنة وبدلاً من هذا ندعوها للمصالحة لنحتفل معاً بسورية أفضل.
وفي منطقة جسر الرئيس وسط دمشق يسير حسان، الجندي في الجيش العربي السوري، ببطء ملحوظ ولدى سؤال «الوطن» له عن السبب، قال: إني «سعيد بمشاهد الزينة تملأ المحلات وحتى بسطات المنطقة وأتذكر اليوم أفراح حلب وأحيائها لطالما كانت مدينتي من أشد المدن التي تعرضت للإرهاب لا بل دمروها تقريباً قبل خروجهم من الأحياء الشرقية قبل عام واليوم هاهي تعود لعجلة الحياة وأخبرني الأهل بأن حلب تتزين اليوم أيضاً استعداداً للميلاد».
المشهد في العاصمة أيضاً بصورة عامة بدأ يعود إلى ما كان عليه قبل سبع سنوات ففنادق مثل الشيراتون وداماروز نقلت زينة احتفالاتها إلى خارج البهو الداخلي حيث اعتادت في السنوات الماضية على إنارة شجرة الميلاد داخل الفندق فقط، وبات المارة بقرب داماروز يتسابقون لأخذ الصور التذكارية وخاصة لأطفالهم قرب الشجرة التي وضعها القائمون على الفندق قرب شارع شكري القوتلي الممتد من منطقة شارع الثورة بساحة الأمويين مثلاً.
اللافت هذا العام أيضاً امتداد الاحتفالات إلى مناطق السكن العشوائي المحيطة بدمشق والتي قدمت الكثير من الشهداء بحسب أحد مخاتير هذه الأحياء ويضيف: «الجميع تعب من الحرب وأثقلته همومها واليوم فرصة للفرح، فأطفال سورية يستحقون مستقبلاً أفضل من السواد الذي عشناه لسنوات»، ويتابع: «ليس ثمة رابح في هذه الحرب فالكل خسر ويجب أن نضع نقطة على السطر ونكتب سطراً جديداً من تاريخنا أساسه المصالحة والوفاق تتبعه الأفراح».
ولم يكن المشهد مختلفاً كثيراً في المحافظات الأخرى إذ تظهر صفحات «الفيسبوك» رغبة جامحة بالاحتفال فدير الزور عادت وحماة تتحرر وهناك بالتحديد ساهم الجيش ومن خلفه الحليف الروسي باستمرارية الاستعداد للاحتفال في مدينة محردة بعد هجوم شنته ميلشيات مسلحة قرب المدينة.
وكتب أحد الناشطين على صفحته: الأحمر هذا اليوم يعود إلى رمز الفرح ولم يعد رمزاً للدماء، على حين تقول ناشطة عبر حسابها في «فيسبوك»: إنها كانت تقطن في حي التضامن في القسم الذي يحتله تنظيم داعش الإرهابي اليوم، وتضيف: ما ينقصنا لإكمال مشهد الاحتفال في ظل هذه الانتصارات الإسراع بإعادة الأهالي إلى منازلهم كما حصل في الأحياء الشرقية من حلب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن