ثقافة وفن

كوكب «كيبلر 452b» ابن عم الأرض…أرض فائقة الحجم تنتظر من يبعث الحياة فيها

ديالا غنطوس : 

لفت نظري خبر قرأته منذ عدة أيام حول إعلان وكالة ناسا الذي يقول «أعلنت وكالة إدارة الطيران والفضاء الأميركية على كوكب شبيه بالأرض خارج النظام الشمسي، أطلق عليه اسم (ابن عم الأرض) ويكاد يكون مماثلا للأرض»، وفي تصريح للعلماء خلال مؤتمر صحفي قالوا «إن الكوكب الذي يعتقد أنه أكبر من الأرض بنحو 60 بالمئة يوجد على بعد 1400 سنة ضوئية في مجموعة نجمية تعرف بمجموعة الدجاجة، وهو كوكب صخري يشبه الأرض ويقع على مسافة مناسبة لوجود مياه سطحية سائلة يعتقد أنها ضرورية للحياة. »
هو خبر بلا شك على جانب عظيم من الأهمية ويتقاطع مع أحلام الملايين من العلماء والباحثين الذين لطالما أيدوا فكرة إمكانية وجود حياة ثانية على كواكب أخرى، ودعموا فكرة الكائنات الفضائية والمخلوقات الغريبة والزوار القادمين من العالم الخارجي، وتنتفي مع هذا الخبر مقولة اقتصار الحياة على كوبنا من دون عن غيره.
وإذا ما سرحنا قليلا بخيالنا وآمنا بوجود حياة على «ابن عم الأرض»، هل سكان ذلك الكوكب يتشابهون معنا في الشكل؟ التطور؟ التقدم العلمي والتكنولوجي؟ الموارد وسبل الحياة؟ هل يوجد على ذلك الكوكب نسخة تشبهنا في الشكل ولكن بطريق حياة مختلفة؟ ربما هو حلم أن نرى أنفسنا نحقق آمالنا وطموحاتنا على أرض أخرى، تستوعب مقدار ما نحمله من خيال وجموح وتجعله قابلاً للوجود.
السينما العالمية لطالما تحدثت في أفلامها عن وجود حياة أخرى خارج الأرض، وأدرجت تلك النوعية من الأفلام ضمن إطار الخيال العلمي، لكن على ما يبدو الأمر لم يعد محض خيال، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن لا محدودية الخيال وارتفاع سقف التوقعات الإنسانية مهما اتسعت تبقى قابلة للتحقق في هذا العالم اللامتناهي الأفق.
من أوائل الأفلام التي تطرقت لفكرة الحياة البديلة التي يمكن توافرها على كوكب آخر كان فيلم «عندما تتصادم العوالم When Worlds Collide» الذي تم إنتاجه عام 1951 وهو من إخراج رودولف ميت، يناقش الفيلم فكرة ما يمكن حدوثه في حال لو دخل كوكب شارد في نظامنا الشمسي وارتطم بكوكب الأرض، تبدأ الأحداث حين يلتقط الدكتور هيندرون رسالة من رائد فضاء يؤكد فيها قرب ارتطام النجم بيلوس بكوكب الأرض الذي سيؤدي للقضاء على البشرية جمعاء، والمشكلة الوحيدة التي يواجهها د. هيندرون هي صعوبة إقناع بقية العالم بذلك الحدث، وعلى الرغم من عدم التصديق على نطاق واسع إلا أنه يتلقى التمويل من شخصين للقيام ببناء سفينة فضائية تقلهم إلى كوكب آخر قبل فناء الأرض، وهو كوكب قد يكون صالحاً للسكن بالنسبة للبشر أو لا يكون، وتظهر مشكلة القيود الشديدة المفروضة على عدد الركاب وكمية من البضائع المسموح بها على المركبة المصنعة، فتكون أشبه بسفينة نوح العصر الحديث.
في السياق ذاته ظهر فيلم «أرض أخرى Another Earth» عام 2011 للمخرج مايك كاهيل، يزرع الفيلم الأمل بوجود حياة على كوكب آخر، وهو من بطولة وليام موبثير وبريت مارلينغ، يبدأ الفيلم بحادثة تصادم سيارتين، الأولى فيها مجموعة شبان ثملين وتقودها رودا والأخرى سيارة متوقفة على الطريق فيها أب (جون) وزوجته الحامل وطفلهما الصغير، يؤدي الحادث إلى وفاة الأم والابن، في حين ينجو الأب، وقبل التصادم نسمع في الراديو خبر اكتشاف كوكب آخر توءم للأرض، بعد خروج رودا من السجن الذي أمضت فيه أربع سنوات يرافقها شعورها بالذنب لإزهاقها حياة أم حامل وابنها فتحاول الانتحار لكنها تنجو، ومع أنها خريجة الجامعة إلا أنها تعمل كعاملة تنظيف في إحدى المدارس، وتشترك لاحقاً في مسابقة كتابة مقال جائزتها بطاقة سفر إلى الكوكب النظير للأرض، وفي وقت لاحق تتواصل رودا مع الزوج الذي نجا من الحادثة لكنها لا تعلمه بأنها هي الشخص الذي سبب وفاة عائلته، ومع مرور الوقت تنشأ بينهما علاقة تتطور فيما بعد إلى علاقة حب، تربح رودا جائزة المقال وهي التذكرة إلى الكوكب الآخر ويجب عليها اتخاذ قرار بإخبار جون بالحقيقة قبل أن تسافر، وإلى جانب ذلك تتوالى الأخبار عن الأرض الأخرى المكتشفة، وتتمكن ناسا من إجراء اتصال به وتوكل المهمة لبروفيسورة في علم الفضاء، لكن النتيجة الصاعقة هي أن من يجيبها من ذلك الكوكب هو صوت مطابق لصوتها ليكون الاستنتاج أن المتصل به على الجانب الآخر هي نفسها، ما يعني أن كل إنسان على كوكب الأرض له نسخة مطابقة موجودة على ذاك الكوكب.
وبالحديث عن هذه الأفلام نصل إلى فيلم «بين النجوم Interstellar» الذي أخرجه المبدع كريستوفر نولان عام 2014 بطولة النجم ماثيو ماكونهي وآن هاثواي، وهو أحد أفضل أفلام الخيال العلمي التي تتكلم عن عالم الفضاء، فيتحدث الفيلم عن مستقبل كوكب الأرض الذي سيكون عرضة للعواصف الترابية والآفات والأمراض التي ستصيب الموارد الطبيعية والمحاصيل والمياه، ويؤدي ذلك لنقص الطعام وانتشار الأوبئة بين الناس، وتبعاً لذلك سيتعرض الجنس البشري للفناء وتصبح الأرض غير ملائمة للحياة وتشارف على الانتهاء، هذا ما يدفع البروفيسور براند الذي يعمل أستاذ فيزياء في وكالة ناسا للعمل على إعداد خطط إنقاذ للبشرية تعتمد على نقل ما أمكن نقله من سكان الأرض إلى كوكب آخر صالح للحياة، وذلك من خلال رحلة استطلاعية يقوم بها فريق من الباحثين عبر الثقب الأسود لإجراء دراسة على ثلاثة كواكب من المحتمل أن يكون أحدها موطناً بديلاً أفضل للبشرية.
ومن جهة أخرى نجد كماً هائلاً من الأفلام التي تتنبأ بغزو فضائي قد يتعرض له كوكب الأرض من مخلوقات فضائية قادمة من كواكب أخرى، ولعل أبرز تلك الأفلام وأكثرها شهرة هو فيلم «يوم الاستقلال Independence day» إنتاج عام 1996 للمخرج رولاند ايمريش ومن بطولة ويل سميث ومارجريت كولين، أطلق مخرج الفيلم الصفة العدائية على تلك المخلوقات الغازية وافترض أنها تسعى لإفناء البشرية، من خلال دخول سفن فضائية للغلاف الجوي للأرض فتسبب فوضى عارمة وتشويشاً في الاتصالات داخل كوكب الأرض، فتسعى القوات الأميركية لتدارك الأمر وتحاول الاتصال بالمركبات الفضائية بكل الوسائل لكن دون جدوى، ولاحقاً يتوصل أحد العلماء إلى نتيجة بأن تلك الكائنات الفضائية تنوي ضرب وتدمير جميع النقاط الحيوية على كوكب الأرض بهدف احتلاله، فيكون ذلك سبباً مباشراً لإعلان الحرب بين البشر وهذه الكائنات الفضائية المعتدية. وقرر المخرج رولاند ايمريش أن يقدم جزءاً ثانياً من الفيلم يجري تصويره في الوقت الراهن ومن المقرر طرحه في دور السينما في شهر حزيران من عام 2016، واستبدل المخرج بطل الفيلم ويل سميث بالممثل جيسي آشر الذي سيؤدي دور ابنه، حيث يعود الغزاة مرة أخرى ما يستدعي تعاوناً من الجميع لإعداد برنامج دفاع هائل لحماية الكوكب من القوة المتطورة وغير المتوقعة للكائنات الفضائية، لكن يتمكن عدد قليل من الرجال والنساء ببراعتهم وشجاعتهم من إنقاذ الكوكب وهو على حافة الدمار والإنقراض.
تتعدد الآراء وتتناقض وجهات النظر التي تحاول فهم احتمال توافر ظروف معيشة ملائمة في كواكب أخرى ووجود كائنات تشاركنا الحياة في هذا الكون الواسع ذي الأبعاد المترامية، كل منا يرى الأمر من زاويته ونظرته الخاصة، كثيرة هي الأبحاث المعلن عنها والسري منها التي تجري على قدم وساق للوصول إلى نتائج وأدلة ملموسة كانت سابقاً مبنية على افتراضات وإشارات وإن كانت غير مؤكدة بعد، لكن ما لم يتم إثباته الآن بشكل قطعي لا يمكن نفيه، والجزم بعدم وجوده مطلقاً، فالعلم لا يقف عند حدّ، وهو مستمر في إحصاء واكتشاف أسرار كوننا عميق الأسرار الذي به نحيا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن