سورية

أكد أن أميركا لم تتغير وتكيفت مع الواقع… وهناك تواصل مع الأهالي داخل إدلب … حيدر لـ«الوطن»: المعركة القادمة هي معركة استرجاع (اللاجئين) السوريين ورفع العقوبات

| سيلفا رزوق

أكد وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية علي حيدر، أن ملف إعادة اللاجئين الذي يثار اليوم كان على الدوام موجوداً، وقائماً وباهتمام الدولة السورية، التي تدعو لعودة السوريين بالخارج، حيث عاد الكثير منهم ولو بأعداد قليلة ولم يكن هناك أي عوائق.
واعتبر حيدر في لقاء مع «الوطن»، أن الزخم الحاصل اليوم جاء نتيجة التكيف الأميركي مع الواقع السوري الجديد، ومع إنجازات الجيش العربي السوري وإنجازات الدولة السورية، وما تحقق على الأرض، والذي «أسقط بيد الدول التي كانت تستثمر في ملف اللاجئين إن كان سياسياً أو أمنياً أو حتى اقتصادياً».
وأكد حيدر، أن أعداداً كبيرة من السوريين، ترغب بالعودة إلى بلدها، «وحتى من أوروبا هناك آلاف الأشخاص الذين يتواصلون مع الوزارة، ويشكون من عدم القدرة على العودة بسبب الإجراءات اللوجستية التي تمنعهم نتيجة تقويض حركتهم ضمن مناطق اللجوء».
وبين أن «لا تواصل رسمياً» حتى الآن مع الأردن للتنسيق بالنسبة لعودة اللاجئين، كذلك فإن التنسيق مع لبنان وعن طريق الأمن العام اللبناني لا يكفي للمضي لاحقاً بعودة مئات آلاف السوريين، معتبراً أن الأردن وعلى هذه السياسة لا يزال يقف في الاتجاه غير الصحيح بالنسبة للدولة السورية، ولا يزال يلعب الدور ذاته منذ بداية الحرب وآخرها، لافتاً إلى «تواطئه» مع الكيان الإسرائيلي في عملية تهريب عناصر تنظيم «الخوذ البيضاء» الخطيرين.
وأشار حيدر إلى التحركات الحاصلة صوب إدلب، وأكد أن إدلب ستعود بكل تأكيد وهذا قرار محسوم، وكشف عن وجود تواصل مع الأهالي داخل المحافظة لتشكيل رأي شعبي مناهض للإرهاب، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن عودة أهالي كفريا والفوعة حتمية، وهي ستأتي ضمن الترتيبات التي ستجري عقب الانتهاء من ملف إدلب، وقرار عودة جميع السوريين إلى مناطقهم هو قرار محسوم.
وفيما يلي نص المقابلة:

ملف اللاجئين يتصدر اليوم أولوية التحركات الروسية والتصريحات الدولية وهذا الزخم الحاصل جاء عقب لقاء هلسنكي هل نحن أمام قرار دولي أو بالأحرى روسي أميركي لإنهاء هذا الملف؟

هناك زخم دولي باتجاه فرض واقع يساعد على عودة اللاجئين، وليس زخماً متعلقاً بدور الدولة السورية في هذا الملف، لأن الدولة السورية لم تغب وكانت حاضرة على الدوام، وهي تقوم بعملها وغير معنية بهذا الزخم لجهة الظرف الدولي، لكن ما جرى بعد قمة «هلسنكي»، هو عملية تكيف أميركي مع الواقع السوري الجديد ومع إنجازات الجيش السوري ومع إنجازات الدولة السورية وما تحقق على الأرض، أسقط بيد الدول التي كانت تستثمر في ملف اللاجئين إن كان سياسياً أو أمنياً أو حتى اقتصادياً أو اجتماعياً، هذا الزخم يتجه صوب فرض مهمات جديدة على المجتمع الدولي لدعم مشروع عودة النازحين.
نحن كدولة سورية حدودنا مفتوحة لعودة جميع السوريين لبلادهم، والدولة السورية تقوم بكل التزاماتها تجاه العائدين، وهناك قرارات وإجراءات تنفيذية اتخذت منذ عام 2013 لمعالجة هذا الملف، وأيضاً هناك توجيهات واضحة لكل وزارات الدولة للاهتمام بالعائدين إلى بلدهم وتأمين احتياجاتهم.

ماذا عن أعداد السوريين الذي عادوا إلى بلادهم أو الذين يرغبون بالعودة وهل هناك إحصاءات دقيقة لهم؟

بالنسبة للأرقام المطروحة اليوم، فإن هناك أعداداً معروفة لدى الدول التي استقبلت هؤلاء اللاجئين، لكن بالنسبة للدولة السورية ونتيجة عدم تعاون الدول الغربية ودول الجوار مع الحكومة السورية، والكل يعرف أن المشكلة هي في أداء دول الجوار وسياساتها، وعدم التعاون هذا لم يسمح للدولة بمعرفة الأرقام الدقيقة لأعداد اللاجئين السوريين بالخارج أو عدد اللاجئين في كل دولة، وبالتالي عدد اللاجئين الذي يصلنا هو بالتواتر وليس بالتواصل المباشر، ما يمكن التأكيد عليه هو أن أعداداً كبيرة وكبيرة جداً من السوريين، ترغب بالعودة إلى بلادها، وحتى من أوروبا هناك آلاف الأشخاص الذين يتواصلون مع الوزارة، ويشكون من عدم القدرة على العودة بسبب الإجراءات اللوجستية التي تمنعهم نتيجة تقويض حركتهم ضمن مناطق اللجوء، وأعتقد أن رحلة عودة السوريين قد بدأت.

كيف يجري التواصل بين الدولة السورية ودول الجوار والتي تبدي وفق ما نسمعه من تصريحات رغبة في المساعدة على إعادة اللاجئين الموجودين على أراضيها، هل التواصل مباشر أو عبر وسيط كالطرف الروسي مثلاً؟

بالنسبة للأردن لا تواصل حكومياً حتى اللحظة، أما للبنان فكما نعلم كلف بملف اللاجئين من الطرف اللبناني الأمن العام برئاسة اللواء عباس إبراهيم، واللواء عباس هو الذي يتواصل مع الدولة السورية، ويبحث هذا الملف لكن العلاج اليوم جزئي والعلاج الأساسي لم يبدأ بعد لأنه حتى الآن لم تتجاوز أعداد العائدين من لبنان الآلاف القليلة من أصل مئات الآلاف، وعلى هذا فإن التواصل بين البلدين وعن طريق الأمن العام اللبناني لا يكفي من أجل معالجة هذا الملف، لابد من تعاون الحكومتين السورية واللبنانية، وبالمبدأ فإن الحكومة السورية هي حكومة لكل السوريين ولذلك هي معنية بمعالجة هذا الملف وهي تفتح جميع الأبواب للوصول إلى نتيجة.

وبالعودة للأردن نحن لا نزال نسمع كلاماً ولا نرى أفعالاً، حتى الآن لا يزال الأداء الأردني الفعلي على الأرض مناقضاً تماماً لتصريحاته، ولا ننسى ما قام به مؤخراً والمساهمة بالتعاون مع «إسرائيل» في تهريب عناصر «الخوذ البيضاء» الخطيرين جداً، حيث كان من المهم التحقيق معهم، والجميع يعرف بأن ما حصل جهد مخابراتي إسرائيلي خليجي أوروبي أميركي عالمي، وبالتواطؤ مع الأردن لأن هؤلاء لديهم السر الأكبر في الفبركة الإعلامية والحرب الإعلامية على سورية منذ سنوات، وكذلك الإساءة للملف الإنساني، ولدى الدولة السورية معلومات بأن جزء من السلاح الذي كان يدخل إلى سورية كان يأتي عن طريق هذه العناصر، إضافة للملف الكيميائي، والذي يكمن سره عند هؤلاء العناصر الإرهابيين.

موسكو تحدثت أنها بصدد تقديم ملف اللاجئين السوريين إلى سورية ما الذي سيعنيه هذا الأمر وهل هناك استعداد دولي حقيقي للتعاون مع روسيا؟

أهم عائقين في معالجة ملف النازحين خارج سورية هما العقوبات الاقتصادية على سورية التي تعيق عودة اللاجئين، وكذلك الدعم الدولي الذي يصب لجهة دعم استقرار اللاجئين خارج سورية، وأخذ هذا الملف إلى مجلس الأمن سيعني المطالبة برفع العقوبات الاقتصادية على سورية، لأن عودتهم تحتاج لإطلاق العجلة الاقتصادية ودولة معاقبة ومحرومة من كل شيء لا تستطيع أن تقوم بهذا الدور، الأمر الثاني أن هذا الدعم المالي الكبير الذي كان يقدم للاجئين بالخارج جزء منه فقط يمكن له أن يدعم الاستقرار في سورية.

أنا غير متفائل بمجلس الأمن وغير متفائل بأن الوضع الدولي ذهب بالمطلق لمصلحة سورية، وما زال الوضع الدولي قائم على إدارة الاختلاف وليس حل الخلاف، أميركا لم تغير سياساتها بالمطلق هي تتكيف مع الواقع وتحاول تغيير تكتيكاتها وليس الإستراتيجية النهائية، وهي لا تزال تأمل في تغيير وظيفة الدولة السورية من دولة تهتم بالقضايا العربية إلى دولة تهتم بشؤونها، المعركة القادمة هي معركة استرجاع (اللاجئين) السوريين ومعركة رفع العقوبات.
ليس بعيداً عما يجري بالجنوب وبالتوازي مع التحركات السياسية والدولية هناك تحضيرات قائمة لمعركة إدلب هل يوجد تواصل مع السوريين داخل المحافظة؟

إدلب ستعود قريباً بالتأكيد، ونحن نسير على خطين أولهما عسكري، والمسار الثاني هو من خلال التواصل مع الأهالي داخل المدينة، وأبواب المصالحة فتحت والتواصل يحصل، ولا يمكن التوسع بالتفاصيل لأن التفاصيل قد تتسبب بمشكلات للأهالي. هناك لجان يجري التواصل معها أيضاً، وهناك تواصل عبر شخصيات اجتماعية وحزبية، وهذا ما يسمح بحصول الاختراقات الأولى. السوريون اليوم ينحون باتجاه الدولة لأن الدولة بالنهاية هي الحامية والضامنة ونحن ذاهبون باتجاه إدلب وكل الطرق مفتوحة، وهذه الطرق تعمل لخلق حركة شعبية مناهضة للمسلحين تحضيراً للعمل العسكري.

ما أود أن ألفت إليه هو أن عودة أهالي كفريا والفوعة حتمية، وهي ستأتي ضمن الترتيبات التي ستجري عقب الانتهاء من ملف إدلب، وقرار عودة جميع السوريين إلى مناطقهم هو قرار محسوم.

بالنسبة لأستانا 10 جرى الحديث عن تقدم بما يخص لجنة مناقشة الدستور، هذا التقدم بأي إطار يمكن فهمه؟

لجنة مناقشة الدستور هي لجنة أقرب للاستشارية، هي ستقدم مشروع دستور، وهذا المشروع له آليات للإقرار طالما أن هذه الآليات ضمن ما تقرره الدولة فلا خوف مما يجري.
ما يهم في «أستانا 10» هو تغير الأولويات وهي اليوم بالحديث عن الاستقرار، وتأمين الحشد الدولي لدعم عوامل الاستقرار وصمود الدولة السورية، ودعم عودة اللاجئين والعمل وبجهد حثيث لرفع العقوبات عن سورية.

في ختام حوارنا أود السؤال حول المطالبة الإسرائيلية الأخيرة بالعودة إلى اتفاقية الهدنة أو ما يعرف باتفاقية فض الاشتباك عام 1974، المعلومات تقول إن قوات «الأندوف» ستعود لنقاطها خلال أيام أو أسابيع؟

حقيقة «إسرائيل» تلعب لعبة خبيثة هي تتكلم عن العودة لقواعد فك الاشتباك كترتيبات حدودية، بحيث يعود «الأندوف» والمنطقة العازلة ويعود الجيش السوري لمناطق تمركزه، لكنها لا تتحدث عن النقطة الأهم والتي تطالبها بوقف الاعتداءات الجوية على سورية، كجزء من هذا الاتفاق وإن لم يحصل هذا الوقف فهذا يعني أننا لم نعد إلى ما قبل 2011، و«إسرائيل» هي التي خرقت قواعد الاشتباك، وبالتالي لا تستطيع أن تقرر هي العودة إلى قواعد الاشتباك السابقة وإلى «الهدنة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن