قضايا وآراء

رسائل نتنياهو.. مضامينها ودلالاتها؟

صياح عزام : 

يعرف الجميع أن الغارات العدوانية الإسرائيلية على سورية ليست بجديدة، بل هي تتكرّر بين الحين والآخر، إلا أن الغارات التي وقعت مؤخراً على موقعين سوريين، أراد رئيس وزراء الكيان الصهيوني «نتنياهو»؛ من خلالها ومن ورائها توجيه رسائل متعددة للداخل الإسرائيلي، وللخارج أيضاً، ومن أجل الخروج، أو بالأحرى الهرب من أزماته الداخلية المتفاقمة التي أدّت فيما أدت إليه إلى حلّ «الكنيست» الصهيوني، وتحديد موعد لإجراء انتخابات تشريعية مُبكرة في السابع عشر من شهر آذار 2015.
الرسالة الأولى محاولة إعادة إحياء الوظيفة والدور للكيان الصهيوني اللذين افتقدهما إلى حدّ كبير في السنوات الأخيرة، والظهور بمظهر اللاعب الإقليمي بمعزل حتى عن شراكته الإستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية، متناسياً «أي نتنياهو» أن هذه المحاولة ما هي إلا مغامرة قاتلة وغير مضمونة النتائج، في ظل القيود المفروضة على القوة، وظهور عوامل ردع إقليمية قادرة على الوصول إلى عمق الكيان وتهديد وجوده. لا شك –وكما أشرنا قبل قليل- بأن الغارات العدوانية على غرب دمشق وشرقها في الديماس وقرب مطار دمشق الدولي، ليست الأولى من نوعها وقد لا تكون الأخيرة، فإن ما يلفت النظر هو الوقت الذي حصلت فيه هذه الغارات ودلالاتها، حيث وقعت بعد ساعات قليلة من تصريحات أميركية وإيرانية عن توافر إمكانية للتوصل إلى حل حول ما يسمى البرنامج النووي الإيراني، ترافقت مع رفض أميركي صريح لفرض عقوبات جديدة على إيران؛ الأمر الذي يعني بوضوح إخفاقاً إسرائيلياً متجدداً لإفشال هذه الإمكانية وتعطيلها، تعتبره إسرائيل «أي تعتبر الغارات» خياراً أفضل للتعويض عن هذا الفشل لها تجاه الأحداث الجارية في سورية، باعتبار أن هذه الأحداث تشكل /الخاصرة الرخوة/ في الوقت الراهن.
الرسالة الثانية التي أراد نتنياهو توجيهها من خلال غارات طيرانه العدوانية، هي أن الاستبعاد «الشكلي» للكيان الصهيوني من التحالف الدولي الذي أقامته الولايات المتحدة بحجة مكافحة الإرهاب /إرهاب داعش/، لا يعني بقاء إسرائيل بعيداً عن مجالات التدخل في الشأن السوري، ولاسيما في ظل مشهد تراجع ما يسمى المعارضة المسلحة، أو بالأحرى المجموعات الإرهابية التكفيرية المسلحة في أكثر من جبهة وموقع، وبالتالي فإن هذه الغارات العدوانية تشير إلى محاولة إسرائيلية لخلط الأوراق من خلال استفزاز سورية وجرها إلى حرب مباشرة مع إسرائيل وتغيير أولوياتها الميدانية، إلى جانب اختبار القدرات القتالية للجيش العربي السوري، وما إذا كان قد أدخل عليها تطورات نوعية. إلا أن سورية أدركت هذا الهدف الإسرائيلي الخبيث، محتفظة بحقها في الرد على العدوان في المكان والزمان المناسبين، وحرصت على ألا تجر إلى اشتباكات أو حرب مباشرة، وأن تغير أولوياتها في ضوء استمرار تصديها للمجموعات الإرهابية المسلحة في الداخل في الوقت الراهن.
الرسالة الثالثة من رسائل نتنياهو التي أراد توجيهها عبر هذه الغارات تتعلق بالداخل الإسرائيلي حيث بات واضحاً أن نتنياهو يسعى بكل الوسائل، وبكل ما أوتي من قوة إلى مواجهة الأزمات والخلافات التي تعصف بالكيان الصهيوني وتداعيات حكومته المنهارة وتفكك تحالفاته التي نسجها وأقامها مع الأحزاب اليمينية والدينية الإسرائيلية، ويعمل جاهداً على تصدير هذه الأزمات إلى الخارج، وإظهار الكيان الصهيوني بمظهر الدولة القوية القادرة على حماية أمنها، وكمحاولة لكسب المزيد من الأصوات في معركته الانتخابية المقبلة في شهر آذار من عام 2016 والعودة إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية من جديد.
أما الرسالة الرابعة فهي التأكيد للمجموعات الإرهابية المسلحة في سورية أن إسرائيل تقف إلى جانبها وتواصل دعمها من خلال إضعاف سورية عسكرياً وإرباك سياستها، إلى جانب أن مثل هذه الغارات تكشف عن حجم العلاقة التي أقامتها إسرائيل مع هذه المجموعات ومع ما يسمى المعارضة السورية الخارجية كما ذكرت صحيفة «هآرتس» ووسائل إعلامية إسرائيلية أخرى، إضافة إلى تطلع إسرائيل إلى قطع الطريق على أي احتمال للتوصل إلى حل للأزمة السورية عبر البوابة الروسية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن