سورية

في رد واضح على التهديدات الغربية … مناورات روسية قبالة السواحل السورية الأسبوع المقبل ومساعدات إنسانية حملتها طائرات روسية إلى اللاذقية عبر اليونان

الوطن – وكالات :

ظهرت الدبلوماسية الروسية «الثابتة والباردة» لتؤكد من جديد الدعم المتواصل لسورية رغم كل الأصوات الأميركية والأوروبية المعارضة لاستمراره، والتي ذهبت إلى حد الحديث عن توافد قوات روسية للمشاركة بالمعارك في سورية.
فأمام كل هذه «الجعجعة» التي أطلقتها واشنطن واعتبرها البعض «قرعاً لطبول الحرب» على أبواب دمشق في وجه الدعم الروسي التقني والتسليحي غير المخفي مطلقاً، وذهاب واشنطن إلى حد الضغط على دول حليفة لها لإغلاق مجالها الجوي في وجه المساعدات الروسية، وجَّهت موسكو مذكرة إلى السلطات القبرصية لتحويل مسار الرحلات الجوية العادية لأنها تعتزم إجراء مناورات عسكرية قبالة السواحل السورية الأسبوع المقبل، وفي الوقت نفسه أرسلت موسكو طائرتين إلى اللاذقية محملتين بـ80 طناً من المساعدات الإنسانية، ولكن هذه المرة على متن طائرات عسكرية روسية في رسالة تحد جديدة للأميركان، وللأوروبيين.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤولين قبارصة تلقي جزيرتهم مذكرة من موسكو تطلب فيها تحويل مسار الرحلات الجوية العادية لأنها تعتزم إجراء مناورات عسكرية قبالة السواحل السورية الأسبوع المقبل.
وكانت تقارير صحفية، في موسكو أشارت إلى أن روسيا أصدرت «مذكرة إلى الطيارين» موجهة إلى هيئة الملاحة الجوية الأميركية حول المناورات التي ستتم بين مرفأ طرطوس وجزيرة قبرص التي تبعد 100 كلم عنه.
وأكد مصدر في وزارة الدفاع القبرصية أن روسيا أصدرت المذكرة حول المناورات التي ستشمل إطلاق صواريخ، مضيفاً: إن هذه المذكرات «أمر روتيني».
ورغم وجود احتمال بألا تقوم روسيا بالمناورات في التواريخ المحددة من بينها بين 14 و17 أيلول الجاري، إلا أن المصدر القبرصي أوضح أنه «ربما يجرون المناورات أو لا، إلا أن التواريخ تم حجزها».
وجاء في نسخة عن المذكرة نشرت على موقع هيئة الملاحة الجوية الأميركية إحداثيات المكان الذي ستتم فيها «مناورات للبحرية الروسية» من ضمنها «تجارب إطلاق صواريخ» بين 8 و15 أيلول. إلى ذلك وصل إلى مطار الشهيد باسل الأسد باللاذقية أمس نحو 80 طناً من المساعدات الإنسانية مرسلة من الشعب الروسي محملة على متن طائرتي نقل عسكريتين روسيتين.
وفي تصريح صحفي، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف: إن الشحنة تحتوي على احتياجات أساسية ومواد غذائية، إضافة إلى تجهيزات ضرورية لإقامة مخيم يتسع لأكثر من ألف نازح.
الخطوات الروسية، ترافقت مع العديد من تأكيدات مسؤولي هذا البلد مواصلة الدعم لسورية بالأسلحة والمعدات الضرورية لمكافحة الإرهاب، فوزير الخارجية سيرغي لافروف قال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المنغولي لوندينغيين بوريفسورين، في موسكو الجمعة نقلته قناة «روسيا اليوم»: إن موسكو تدعو التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش إلى إطلاق تعاون مع دمشق والجيش العربي السوري في هذا الاتجاه.
وأردف قائلاً: «من المستحيل إلحاق الهزيمة بداعش عن طريق الضربات الجوية وحدها، بل يجب أيضاً إقامة تعاون مع القوات البرية (التي تواجه الإرهابيين على الأرض)، أما القوة الأكثر فعالية وقدرة لمواجهة داعش فهي الجيش السوري. ونحن ما زلنا ندعو أعضاء التحالف إلى بدء التعاون مع الحكومة السورية والجيش السوري».
واعتبر لافروف، أن التنسيق مع الجيش العربي السوري سيسمح أيضاً بمنع وقوع أي حوادث غير مرغوب فيها بين الجيش العربي السوري وقوات التحالف، مذكراً بأن روسيا دعت منذ البداية إلى العمل على مكافحة الإرهاب بشكل جماعي واعتماداً على أحكام القانون الدولي. وأضاف الوزير الروسي: إن العديد من الدول الأوروبية بدأت تدرك أن موقف التحالف من التعاون مع دمشق يعد ضاراً، كما أنها ترى ضرورة تحديد الأولويات في مكافحة الإرهاب. وأردف: «إذا كانت الأولوية تتعلق بمكافحة الإرهاب، فعلينا أن نترك الاعتبارات الظرفية مثل تغيير النظام في سورية جانباً».
وأوضح لافروف، أن هناك عسكريين وخبراء من روسيا في الأراضي السورية تتمثل مهمتهم في صيانة المعدات الروسية وفي مساعدة الجيش السوري على التدرب على استخدام تلك المعدات.
كلام وزير الخارجية ورغم أنه جاء ليؤكد ما سبق لروسيا أن فندته من مزاعم إعلامية عن تعزيز وجودها العسكري في سورية، إلا أن «الجعجعة» الأميركية تتواصل في وجه الموقف الروسي وذلك قبل أيام من انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي قد تكون «مسرحاً لتقريب وجهات النظر أو بوابة للحديث بين تحالف أوباما الستيني لمحاربة داعش، ودعوة بوتين لإقامة تحالف إقليمي دولي بمشاركة سورية لمحاربة التنظيم الإرهابي».
وعلق الرئيس الأميركي الجمعة على الإستراتيجية الروسية الداعمة لسورية، معتبراً أن روسيا لن تستطيع الاستمرار في إستراتيجية «مصيرها الفشل»، مؤكداً في الوقت نفسه استمرار بلاده في «محاولات التواصل مع روسيا للتوصل إلى تسوية سياسية لا تشمل (الرئيس بشار) الأسد».
وقال أوباما، في لقاء مع أفراد من الجيش الأميركي إحياءً لذكرى هجمات 11 أيلول 2001: «لن نقوم بتغيير إستراتيجيتنا والتي هي استمرار الضغط على داعش في سورية والعراق. لكننا سنتصل بالروس لنعلمهم بأنه لا يمكنهم الاستمرار بإستراتيجيتهم (الداعمة للرئيس بشار الأسد) المحكوم عليها بالفشل».
وأضاف: «إذا كانت لدى روسيا الرغبة في التعاون معنا ومع باقي دول أعضاء التحالف الدولي الستين، عندها ستكون هناك إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية لا تشمل (الرئيس) الأسد».
بدوره اعتبر الجنرال المتقاعد جون آلن، مبعوث الرئيس الأميركي للتحالف الدولي ضد داعش، أن وجود قوات روسية على الأراضي السورية يخلق مشكلة جديدة.
وقال في مقابلة مع شبكة CNN الاخبارية الأميركية: «كنا نراقب هذا الوجود الروسي في سورية عن قرب خلال الأيام القليلة الماضية ونتابع أعداد القوات لمحاولة التوصل لمعرفة حول ماذا يعني ذلك؟ وأعتقد أن هذا الوجود أمر سيئ حيث أرسلت روسيا قوات لدعم النظام»، معتبراً أن ذلك «قد يدفع بالقوات الروسية إلى مواجهة قوات من التحالف الدولي».
من جانبها أعلت ألمانيا صوتها بإطلاق مواقف تنتقد الدعم الروسي تجاه سورية، وذلك بعد أن دفعها موقفها واستقبالها للاجئين إلى واجهة المشهد بالشأن السوري، ذلك أن وزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير حذر روسيا من اتخاذ مسارات أحادية الجانب في سورية.
وفي تصريحات لصحف صدرت أمس تتبع مجموعة (فونكه) الإعلامية، قال شتاينماير: «لا أتمنى أن تعول روسيا على استمرار الحرب في سورية»، معتبراً أنه «لا ينبغي نشوء وضع يجعل أي تحرك مشترك للمجتمع الدولي غير ممكن، كما أنه لا ينبغي لكل واحد أن يتحرك بطريقته الخاصة في سورية»، مشدداً على أن التحرك المشترك وحده هو الذي يمكنه أن يحدث تحولاً في سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن