ثقافة وفن

«النوموفوبيا»… مرض العصر … عندما ينام الأشخاص قرب هواتفهم المحمولة ولا يدركون ما يفعلون

| هبة اللـه الغلاييني

هناك أضرار خطرة تنتج عن نوم الأشخاص بالقرب من هواتفهم المحمولة، أو أولئك الذين يصطحبون هواتفهم في كل مكان، حتى في سريرهم، أو حتى عند دخولهم المرحاض. تصدر الهواتف المحمولة إشارات راديوية لاسلكية، عندما ترسل وتستقبل المعلومات من الأبراج الخلوية المحيطة، وهي ترددات خطرة. وأكد باحثون من جامعة كوريا في سيئول، أن الذين أدمنوا هواتفهم الذكية وشبكة الإنترنت، حصلوا على درجات أعلى في رصد مظاهر الاكتئاب، التوتر، الأرق، وردود أفعالهم المندفعة. ناهيك عن سلبيات تأثير إدمانهم في أنشطتهم اليومية، بدءاً من الحياة الاجتماعية وصولاً إلى أنماط نومهم.

وأجمع الأطباء على اعتبار إدمان الهواتف الذكية نوعاً من أنواع الاضطرابات النفسية، وأطلقوا عليه مصطلح «نوموفوبيا» فإذا كنت من الذين يصعب عليهم الانفصال عن هواتفهم الذكية، أو من الأشخاص الذين يلجؤون إليها من دون سبب معين، فإنك قد تكون مهدداً بحالة الإدمان هذه، والتي قد تستدعي مساعدة طبيب نفسي.
تعرف حالة الـ«نوموفوبيا» بأنها حالة من الخوف أو القلق تصيب الشخص، حينما لا يكون هاتفه المحمول قريباً منه وتحت عينيه، وتقول الدكتورة نسرين خوري، الاستشارية النفسية والأسرية «ظهر هذا المصطلح عام 2008، وكانت نسبة من يقع تحت تأثير الفوبيا 53 بالمئة، على حين الدراسات الحالية تشير إلى أن النتيجة وصلت إلى نسبة 66 بالمئة، وكما وجدت دراسة أخرى لباحثين من جامعة ماريلاند، أن نسبة 74 بالمئة من الناس مصابون بها». وتوضح خوري «يصاب هؤلاء الأشخاص بالتشوش الذهني والاضطراب الواضح، عندما تنقطع التقنيات الحديثة عنهم، ومعظمهم لا يدركون إصابتهم بهذا الاضطراب النفسي، حيث إن هذا الفقدان يعني لهم عدم القدرة على التواصل مع الأصدقاء والانقطاع عن كل ما يحدث حولهم، بعد أن اعتادوا حمل الهواتف في كل مكان يذهبون إليه، في غرفة النوم، العمل، أثناء سيرهم، المصعد، وحتى أثناء دخولهم دورة الماء. ومن ثم، فإن فقدانهم الهاتف يعني فقدانهم الشيء الذي يقضون معه أكبر وقت من حياتهم، ومن خلاله يتواصل مع العالم».
إن مدمني استخدام شبكات وبرامج «التواصل الاجتماعي» يجدون فيها «واقعاً بديلاً» حيث إن الشخص يلجأ إلى إيجاد بديل عن واقعه المعيشي، الذي لا يطيب له في معظم الأحيان ولا يجسد أمانيه، وكل ما يحتاج إليه لتغيير واقعه، خلق حساب شخصي في موقع اجتماعي، فيجد بذلك عالماً جديداً خاصاً به، هذا إضافة إلى أنه يعمد من خلال ذلك إلى إعادة رسم صورته بالطريقة التي يريدها، وتكون بطبيعة الحال مغايرة لصورته الحقيقية غير المرضية بالنسبة إليه. فالشخصية الوهمية الجديدة التي تتجسد لـ«مدمن هاتفه» مع توافر كم كبير من الأصدقاء من أنحاء العالم كافة، تجعل الشخص غير قادر على الهروب من العالم الافتراضي الذي يهتم كثيراً بشخصه.
ولإدمان الهواتف المحمولة علامات كثيرة وواضحة، من أبرزها الشعور بالقلق والانزعاج الشديدان عند نسيان الهاتف، أو الافتراق عنه، أو الاضطرار إلى إغلاقه، والنظر إلى الهاتف بين الحين والآخر، وتفقده بشكل مستمر، حتى من دون إجراء مكالمة أو إرسال رسالة. وقد سجل الباحثون أرقاماً تقول: «إن مدمني الهواتف الذكية يقومون بتفقد هواتفهم أكثر من 300 مرة في اليوم. ويؤدي ذلك تبعاً إلى الانعزال عن الأهل والأصدقاء، والفشل، وتراجع الفعالية في العمل والدراسة. والشعور بالسعادة عند استخدام الهاتف المحمول أو حتى مجرد النظر إليه، وكأنه الصديق الصدوق الوحيد للشخص.
كما أظهرت الدراسات الطبية بأن هناك تزايداً في عدد المرضى الذين يعانون آلام الرقبة وأعلى الظهر التي ترتبط بوضع سيئ للجسم أثناء استخدام الهواتف المحمولة فترات طويلة، وهذا ما يسمى علمياً «مرض عنق الهاتف المحمول»، كما أن صغار السن الذين لم يكن من المعتاد أن يصابوا بآلام الظهر، يتعرضون للانزلاق الغضروفي ولمشكلات تتعلق باستقامة الجسم، فعادة يكون العنق مقوساً للخلف، ولكن الذي نراه أن القوس ينقلب مع تحديق الناس في هواتفهم لساعات كل يوم.
وفيما يخص من يستخدم الهواتف الذكية أكثر، النساء أم الرجال، فقد اتضح أن 60 بالمئة من النساء لا يستطعن الاستغناء عن هواتفهن الذكية، في الوقت الذي يعتبرن أن هواتفهن الذكية هي أهم مقتنياتهن، مقابل 43 بالمئة من الرجال أكدوا أيضاً عدم تمكنهم من فك ارتباطهم بالأجهزة الذكية، على حين يميل الرجال بنسبة أكبر إلى اقتناء أكثر من هاتف. فقد بينت دراسة حديثة أجرتها وكالة نيونياس للإعلام والتسويق الرقمي، أن السيدات أكثر ارتباطاً وإدماناً لهواتفهن الذكية من الرجال، حيث تجد النساء في الهاتف المحمول وسيلة حيوية لتمرير الوقت الذي تعاني طوله ورتابته، وخاصة ربة المنزل. إضافة إلى الانشغال بمتاعب الحياة وعدم القدرة على التواصل مع الأهل والأصدقاء بشكل دائم في الواقع الحقيقي، ما يجعل من برامج وتطبيقات الهواتف الذكية وسيلة سهلة تساعد على التواصل بشكل دائم مع الآخرين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن