ثقافة وفن

للممثل دور في تهذيب الطفل المتلقي وتعليمه … ميسون أبو أسعد لـ«الوطن»: تستهويني سِيَرُ الملكات في التمثيل والنص الكوميدي المتماسك

عامر فؤاد عامر :

كان المسرح ركيزة قوية في انطلاقتها الفنية، وبقي علامة فارقة في تجربتها، وخاضت أعماله تجارب محلية، وتقليدية، وأخرى خارج البلد ذات طابع تجريبي، ومعاصر، ومن هذه المسرحيات نذكر «السقوط» عام 2011 مع الفنانين «دريد لحام» و«عمر حجو»، و«هجرة أنتيجون» 2005 من إخراج وتأليف الفنان «جهاد سعد»، و«the guardian angel – الملاك الحارس» للمخرج «Nullo Faccini» عام 2007، وعرض الأطفال «مومو» عام 2004 للمخرجة «نورا مراد»، وغيرها، أما في الدراما التلفزيونية فلها العديد من الأدوار، ونذكر منها مسلسلات: «طالع الفضة»، و«العبور»، و«سقوط الخلافة»، ومؤخراً «باب الحارة6-7»، و«بقعة ضوء11»، و«حرائر»، و«مذنبون أبرياء». ومن المشاركات السينمائية أيضاً «سوريون» للمخرج باسل الخطيب، و«دمشق مع حبي» لـ«محمد عبد العزيز»، و«مطر أيلول» لـ«جود سعيد»، و«أنسرماشين» للمخرج «عامر حاج أحمد» وغيرها. الفنانة «ميسون أبو أسعد» خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، وتؤكد: «ضرورة تواصل الممثل مع جسده بالرياضة المستمرة كي يكون جاهزاً لأداء أي دور يقدمه، وصقل الشخصية يأتي بطرق متعددة؛ كممارسة اليوغا، أو الرقص، وغير ذلك من التجارب»، وفي حوار «الوطن» معها، المزيد من المواضيع التي أجابت عنها كمسؤوليتها الفنية، وخياراتها أمام الشخصية المتاحة، وعن الفرصة السينمائية في سورية، والمزيد من المواضيع.

مسؤولية
يؤثر الفنان في مجتمعه بصورة واضحة، ويقول بعض النقاد إن لغة الفن مؤثرة أكثر من لغة أهل السياسة، وفي السؤال عن حجم هذه المسؤولية لدى شخصية الفنانة «ميسون أبو أسعد» ومدى تأثيرها تجيب: «هي مسؤولية حقيقية تقع على عاتقي كفنانة دون المقدرة على التهرب منها أو تجاهلها، وهي في ازدياد مادامت وسائل الإعلام تأخذ طريقها في التطور والحضور الكبير في حياتنا، وفي الظروف الراهنة من الممكن أن يلعب التلفزيون دوره في التعليم وتهذيب الأطفال الذين ابتعدوا عن لغة المدرسة والتعليم، فالمسؤولية إذاً تزداد أكثر علي وعلى الفنانين كافة، وبإمكاني أن أتحكم فقط في دراسة الخيارات المتاحة لي والمؤثرة، وهذا قد يجعل من لغة الفنان قادرة على الوصول بقوة أكبر للمجتمع الذي ينتمي إليه، إضافة للتدقيق في أناقة الصورة، والنظر لتفاصيل الجمال التي لا يمكن إهمالها».

معايير الاختيار
استطراداً للفكرة الأخيرة تابعنا الحوار حول كيفية اختيار الفنانة «ميسون أبو أسعد» للدور الذي يقدمها بصورة صحيحة، ومؤثرة، وبالطريقة التي ترضى فيها عن نفسها؛ فتضيف: «منذ التخرج وإلى اليوم، بات عدد الأعمال التي رفضت المشاركة فيها أكبر بكثير من عدد الأعمال التي شاركت فيها، والمعيار لدي هو جدة الدور فلا أحب التكرار، وخاصة أنني قطعت شوطاً في العلاقة مع المتلقي، وبالتالي أصبح من المسموح لي بأن أنحو باتجاه الغرابة أكثر، أو في أدوار لم يعتد الناس ظهوري فيها، وهذا الكلام أيضاً يمس الصورة الخارجية للشخصية، على الرغم من أننا كممثلين رهينة للكاتب والمخرج في لحظات كثيرة، ولكن في حال تم عرض عدة شخصيات علي فلا بد لي من استخدام تلك المعايير التي ذَكرتها، واليوم جسدت شخصية «سراب» في خماسية من سلسلة «مذنبون أبرياء» التي يمكن وصفها بتاجرة مخدرات».
جديد 2016
متابعةً للمشاركات الجديدة والشخصيات التي أنجزتها الفنانة «ميسون أبو أسعد» مؤخراً تقول: «انتهيت من تصوير دور في ثلاثية مع المخرج «صفوان نعمو»، وهناك نص جديد في طور القراءة».

المسرح ثقة بالنفس
يتلقى الممثل في المعهد العالي للفنون المسرحية أصول تربية الممثل على خشبة المسرح، ولكن في نهاية المطاف يأتي كل ذلك لمصلحة التلفزيون فهو سيد الموقف لدينا، وحول هذه الفكرة تتحدث الفنانة ميسون أبو أسعد: «اشتاق كثيراً للمسرح، فقد منحني ثقة بالنفس أكثر، وأنا لست ممن هجروا المسرح كلياً، فآخر عمل قدمته كان في العام 2011 مع الأستاذ «دريد لحام» في مسرحية «السقوط»، وكان من المقرر أن ندور في هذه المسرحية القارات الخمس، ولاسيما أنه مسرح الكبير «دريد لحام»، لكن مع الآسف جاءتنا الظروف، وحرمت التجربة من فرصة انتشارها».
يُذكر أن «أبو أسعد» أيضاً شاركت في افتتاح عرض مسرحي لـ«بيت الحكمة» في أواخر العام 2010 من إخراج الفنان «جهاد سعد» وبمشاركة فرقة «إنانا» للمسرح الراقص التي يديرها الفنان «جهاد مفلح». كما كان لديها كثير من المشاركات المسرحية السابقة، وبالعودة إليها وللعروض القديمة التي تعد لغة أساسية في الطريق الفني ضمن التجربة؛ عدنا بالذاكرة معاً لبعض التجارب التي شاركت فيها، والتي خاطبت الجمهور مكانياً وزمانياً بلغةٍ تحمل نوعاً من الاختلاف والتنوع، فتكمل: شاركت في عرض «عشاء عيد ميلاد طويل» للمخرج «سامر عمران»، وفي عرض «الرهان» للمخرجة «نائلة الأطرش»، واشتغلت عدة تجارب مع فرقة «ليش المسرحية» بإدارة الفنانة «نورا مراد»، والتي تمحورت حول الحركة المسرحية، مع نص شعري، أو درامي، ومع حركات الجسد، وعملت في مسرحية «هجرة أنتيجون» وهي من المسرح التراجيدي اليوناني، من إخراج الفنان «جهاد سعد»، وقدمناه في بلدان كثيرة منها باكستان وإسبانيا، وشاركت في عرض «الأشباح» لـ«هنريك إيبسن» من إخراج «جهاد سعد» أيضاً، وعرض للأطفال «مومو» مع «نورا مراد»، وهو من المسرح التجريبي، الذي عرضناه في مدارس «الأونروا» وقد كان في مدة ربع الساعة فقط، لكنه يحمل تفاعلاً قوياً مع الأطفال، وهو تجربة مهمة جداً لي، وكان في 90 عرضاً موزعاً على مدى عامين، وأشكر الفنانة «نورا مراد» على هذه التجربة، التي قدمناها في دمشق و«ريف حلب»، ومن المشاركات المسرحية أيضاً عرضان في الدانمارك باللغة الإنجليزية «متاهة فينوس»، و«الملاك الحارس».

في لغة التطوير
العناية والاهتمام باللغة واحدة من الأشياء التي تميزت فيها الفنانة «ميسون أبو أسعد» وعن هذه التجربة تقول لنا وتتابع: «اهتم باللغة كثيراً، وهذا ما اكتسبته من طابع موجود في عائلتي مسبقاً، وشخصياً منذ كنت في المدرسة حتى في أيام الدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية اهتممت بحصة اللغة كثيراً، ولاحقاً تبين لي أن ذلك مفيد جداً، لاسيما لدى العرض المسرحي الذي قدمته في الدانمارك، وبعدها درست اللغة الفرنسية وكانت تجربة أصررت على إتمامها حتى في أيام التصوير والانهماك في العمل، ودارت الأيام ليأتيني دور في مسلسسل «باب الحارة» أديت دوراً فيه باللغة الفرنسية، وبعد هذه اللغة انتقلت لتعلم الإسبانية، وشجعني على ذلك التدريب على رقصة الفلامنكو، ولكن توقف للأسف مع بداية العام 2011» بسبب الظروف التي أصابت البلد».

نضوج وتحد
«سُلط الضوء على الفنانة «ميسون أبو أسعد» في السنتين الأخيرتين، فهل بدأت لغة التواصل مع المتلقي تأخذ طريقها للنضوج؟» هذه ملاحظتنا التي قدمناها، وحول ذلك تعلق أبو أسعد: «أنا مع هذه النظرة، ولا يزعجني ذلك أبداً، والممثل عليه أن يتطور في عمله، وأن يكون ذلك بين كل دور وآخر، ولغة الابتكار تبنى على الانتشار والمعرفة التي صنعتها مع الناس في سنواتٍ سابقة، وكلما قطعنا سنة لا بد من ازدياد الخبرة، وهذا الشيء مطلوب وضروري». وعن الأدوار التي جسدتها في مسلسلات موسم 2015 تضيف: «صُعقت بتأثر الجمهور بموت «ناديا» في مسلسل «باب الحارة» الجزء السابع، وفوجئت بالبعض الذين تأثروا بطريقة كلامها، وبتفاصيل كثيرة أشتغلتها في هذه الشخصية، وهذا الدور عموماً رسخ حضوري عربياً، أما سلسلة «بقعة ضوء 11» فكانت تجربة مميزة حملت لي لغة استمتاع لأقصى ما يمكن في التمثيل، فمجموع اللوحات 8 ولكن في كل لوحة شيء مبتكر وجديد في الشخصيات ولا تشبه بعضها بعضاً أبداً، وهذا المسلسل فيه لغة بحث، وسعي، وعمل جاد، وفيه ذكرى بالعودة لأيام الدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، وكان لي دور أحببته أيضاً في مسلسل «حرائر» وأنا من اختار الشخصية، التي تدور حول حلم الفتاة في حياة القصور، ثم تلقى الصدمة منه بعد رؤية حياة الحرملك في اسطنبول والقسوة في هذه الحياة، ثم الهروب من جديد، وأيضاً شخصية «تولين» في مسلسل «شهر زمان» الذي يعد من أوائل الأعمال التي صورت العنف في البلد بسبب الأزمة، وعموماً الشخصية فيها الكثير من الأكشن».

البيئة والمنشأ
تؤثر البيئة في الفنان فترفع من غناه أو تسبب له انطلاقة مختلفة عن القاعدة التي نشأ منها أو تبعده نحو طريق جديد آخر، وحول البيئة والمنشأ كانت هذه المقتطفات التي ذكرتها الفنانة «ميسون أبو أسعد»: «اعتقد أن المؤثر المباشر في شخصيتي هو البيت والتربية التي تلقيتها، فالمكان الذي عشت فيه لا يجنح قاطنوه نحو الفن والحياة الفنية، بل الأغلبية العظمى من العائلات التي عاشت في المحيط كانت تفكر في تعليم أبنائها في مجالات أخرى كالطب والهندسة وغيرها من العلوم، وأول من اتجه نحو الفن في أسرتي كانت أختي الفنانة «لورا أبو أسعد» نحو المسرح الجامعي، ومن دون علم الأهل، وقد أحببت هذا العالم المختلف عن الأجواء التي اعتدناها، فمن عالم الكتاب إلى عالم يشبه دواخلي وقريب مني أكثر، لذلك صممت على دراسة المسرح منذ أيام الدراسة الإعدادية، فبحثت، وقرأت في المسرح، وشاهدت عدة مسرحيات قبل الدخول للمعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق».

ميول
حول الشخصية التي تفضل تأديتها والمجال الذي تنحو لتجربته أكثر في مجال التمثيل تقول الفنانة ميسون أبو أسعد: «تستهويني سير الملكات مثل «زنوبيا»، و«كيلو باترا»، و«جوليا دومنا»، وهي عموماً من الأدوار المغرية لأي ممثلة، أما االشخصيات التي أطمح لها فهي الشخصيات التي تشكل نصاً كوميدياً متماسكاً، وعموماً الأمر مرهون بمستوى الشخصيات التي تُعرض علي في الموسم الواحد، واعتقد أن فكرة وجود مشروع مشترك لبناء نص متماسك مع عدة أشخاص سينتج عنه حصيلة قوية تحقق ما أرغب فيه، وهذا سيحتاج الوقت والجهد وأتمنى القيام بتجربة كهذه».

السينما غصة
في الحديث عن الإنتاج السينمائي المحدود، وقلة الفرصة في الإنتاج، والهم السينمائي في سورية، تضيف: « السينما هي غصتنا الكبرى كممثلين، على الرغم من جهد المؤسسة العامة للسينما المبذول، واستقطابها لمخرجين جدد، وإنتاجها لأفلام مميزة، ولكن تبقى حالة الصالة، والجمهور مقتولة لدينا، فالجمهور السوري محروم من هذه الحالة، وعن تجربتي الخاصة اعترف بأن متعة العمل في الفيلم السينمائي موجودة، فلدي تجربتي في فيلم «مريم» للمخرج «باسل الخطيب» الذي عُرض في دمشق وخارجها، وفي قرى ومراكز قريبة من الناس، واستمتعت الناس به، على الرغم من المفاصل الكثيرة التي تحتاج لقراءة، لكن الجمهور تفاعل معها وأحبها، وهذا ما أحببته أكثر، وأيضاً لي دور في الفيلم الجديد للمخرج «باسل الخطيب» وهو «سوريون»، ومن التجارب السينمائية أيضاً أذكر الفيلم القصير «خبرني يا طير» للمخرج «سوار زركلي»، والفيلم الألماني القصير «اليوم غداً» الذي صورته في برلين، وفيلم «تأرجح» من إخراج «هوزان عكو» وهناك عدد من الأفلام القصيرة الأخرى، لكن ما أتمناه هو ولادة مشاركة للقطاع الخاص في الإنتاج السينمائي، وفي العرض، وفي التسويق فهذا أمر مهم جداً، فالتكاتف بين القطاع الخاص والعام ضروري جداً».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن