اقتصاد

الدولار.. اللعب فوق الطاولة

| علي نزار الآغا

هل يسكت المصرف المركزي عن سلوك شركات الصرافة وهل يدرك أن بعضاً من هذا السلوك ينعش السوق السوداء؟
الذي حصل أن المركزي حدد سعر مبيع الدولار في شركات الصرافة المرخصة بـ383 ليرة، لكنه لم يحدد في المقابل سعراً للشراء من المواطنين، بفارق (سبريد) معقول وفق النسب المعمول فيها في المصرف.
لذا يستخدم الصرافون سعر صرف الدولار للحوالات أمام الليرة السورية، للشراء من المواطنين، وهو أقل بـ38 ليرة من سعر المبيع لدى الشركات، لذا فمن يحوز دولارات ويحتاج بيعهم، لا يجد ملاذاً رسمياً عادلاَ، لذا يلجأ إلى السوق السوداء، فيبيع دولاراته بسعر نحو 390 ليرة سورية، بدلاً من 345 ليرة في شركات الصرافة المرخصة.
هذه الخطوة غير المفهومة، تؤمن مصدراً لتدفق الدولارات إلى السوق السوداء، بدلاً من أن تذهب إلى مصرف سورية المركزي لإعادة تدويرها في سلسلة التدخل، وبهذه الطريقة يؤمن المصرف مصدراً آخر للدولار، يساهم في تخفيف الضغط على الاحتياطيات النقدية لديه.
من جانب آخر، فإن وجود فارق نحو 7 ليرات على الأقل بين سعر شراء الدولار من شركات الصرافة المرخصة، وسعر المبيع في السوداء، يسهّل على المضاربين (والأصحّ المراجحين، لنقلهم الدولار بين سوقين النظامية والسوداء) الاسترزاق من تدوير مبالغ ليست هينة من الدولار بين السوق النظامية والسوداء مقابل عائد مجزٍ نوعاً ما، كما يؤمن عائداً للتجار الذي يدوّرون رؤوس أموالهم عبر الهاتف وباستخدام وسطاء بين السوقين لجني الأرباح.
وفي النهاية، لا ندري ما قصدّ المصرف المركزي الحقيقي من عدم تحديد سعر لشراء الدولار من المواطنين إلى جانب سعر المبيع في عملية التدخل.
فإن كان هذا «تكتيكاً» ذا غاية محددة يقصدها المركزي من عملة التدخل؛ نقول له إن كلفة هذا «التكتيك» باهظة جداً، فطالما المركزي هو من يحدد أسعار التدخل يومياً، وقد أعلن سعراً قريباً من السوق غير النظامية للمبيع، فلن تتأثر السوق فيما لو حدد سعراً للشراء من المواطنين بأقل من سعر المبيع بنسبة معقولة، ويقوم بتخفيض السعرين بالتدريج، حتى تكون حركة الدولار بكاملها تحت يديه، قاطعاً دابر التعامل في السوق السوداء، ومجففاً موردها المحلية من الدولار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن