لم تكن حقيقة استخدام الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية التي تسير في فلكها، الملف الإنساني في سورية، وإدخال المساعدات إلى محتاجيها في مناطق سيطرة الاحتلال التركي والتنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي، بحاجة إلى قرائن وإثباتات للتأكيد أن تلك الدول تتخذ من آلية إدخال المساعدات سلاحاً في وجه الدولة السورية لإظهار عدم شرعيتها أو سيادتها على كامل التراب السوري، بل اتخاذ تلك الآلية غطاء لمواصلة دعم التنظيمات الإرهابية.
لقد تأكد زيف ادعاء الدول الغربية وفي مقدمتها أميركا، بحرصها على العمل الإنساني، وانكشفت حقيقة أن من يعاني من ضيق الحال ومن هم بحاجة إلى مساعدات حقيقية، ليسوا على أولويات سلم سياسة تلك الدول، وكل ذلك تداعى أمام قيام الدولة السورية بتوجيه رسالة يوم الجمعة الماضي إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، أعلنت فيها دمشق بقرار سيادي منح الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة إذناً باستخدام معبر باب الهوى لإيصال المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها من المدنيين في شمال غرب سورية وذلك بالتعاون والتنسيق الكامل معها ولمدة ستة أشهر بدءاً من الـ13 من تموز الجاري.
الرسالة السورية انطلقت من مبادئ الأمم المتحدة حيث إن المسؤول عن التراب السوري ومن يعيش عليه هي الدولة السورية التي فتحت موانئها ومطاراتها لإدخال المساعدات الأممية وليست بحاجة إلى معابر لدخول المساعدات، وهذا ما ينص عليه روح القانون الدولي الإنساني في المادة 23 من الاتفاقية الرابعة من اتفاقيات جنيف والمادة 70 من البروتوكول الملحق الأول من اتفاقيات جنيف والمادة 18 من البروتوكول الملحق الثاني من اتفاقيات جنيف، وكلها تنص على أنه لابد من موافقة وإذن الدولة وأن تخضع لشروطها، بأن تصل تلك المساعدات إلى مستحقيها.
إصرار الولايات المتحدة الأميركية على إدخال المساعدات عبر معابر خارج سيطرة الدولة السورية وبعيداً عن مراقبتها، ليس إلا محاولة لتحويل المساعدات إلى «حصان طروادة» لتكريس المشروع الانفصالي الذي تعمل على تنفيذه في الجغرافيا السورية في الشمال الشرقي من خلال دعم ميلشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد»، وفي الشمال الغربي بحيث تكون تلك المناطق مستقلة عن الدولة السورية ويتم إدخال المساعدات والتعامل مع الجهات الإرهابية التي تسيطر عليها بعيداً عن دمشق، لأن تلك المساعدات تخفي ما تخفيه لجهة ما تتضمنه من مواد غير إغاثية، وللجهات التي تذهب إليها، الأمر الذي ظهر جليا خلال تعرض المنطقة لزلزل في شباط الماضي، حيث نقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» الذي يرأسه مارتن غريفيث، في 13 شباط الماضي: إن نقل مساعدات الإغاثة من الزلزال من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية إلى الأراضي التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة تتعثر، بسبب مشكلات في الحصول على موافقة «جبهة النصرة».
لقد وضع الفيتو الروسي ضد مشروع القرار الغربي الذي قدمته سويسرا والبرازيل والمدعوم أميركياً وكان يدعو للتمديد لـ12 شهراً عبر ثلاثة معابر ومن ثم جرى تقليص فترة التمديد لتسعة أشهر، حداً للتغول الغربي ضد سورية، ومواصلة انتهاكها لسيادة الدولة السورية، لتكمل موافقة دمشق بمنح الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة الإذن باستخدام معبر باب الهوى لإيصال المساعدات، بالتعاون والتنسيق الكاملين مع الدولة السورية، الكشف عن أن حقيقة «المساعدات» ليست إلا ورقة ابتزاز ضدها، وأنه بالإمكان أن تكون هي معبراً آمناً لإدخال تلك المساعدات بعيداً عن أي قرارات أممية ومعابر غير شرعية وهو ما أكده تقرير قدمه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة «أوتشا»، ووزعته أول من أمس المملكة المتحدة البريطانية رئيسة مجلس الأمن في جلسته الخاصة لمناقشة الرسالة السورية، بأن إذن الحكومة السورية فتح معبر باب الهوى أمام المساعدات الإنسانية، يمكن أن يكون أساساً للأمم المتحدة لإجراء عمليات إنسانية عبر الحدود بشكل قانوني عبر المعبر للمدة المحددة.