من دفتر الوطن

الوصفة السورية

| عبد الفتاح العوض

سؤال من التراث العربي «الحديث» كيف تنهض الأمم؟

وللأمانة فقد اجتهد المفكرون العرب في محاولة الإجابة عن هذا السؤال، وقد تم تقديم كثير من الأفكار التي تستحق التنفيذ والمحاولة الجادة لإنجاحها.

وفي الوقت ذاته برزت أسئلة تتشابه غايتها مع سؤال: كيف تنهض الأمم؟ لكنها أسئلة مقارنة مع الغرب في البدايات، ثم تحول الحديث عن دول أخرى لعل أبرزها ما أطلق عليه حيناً النمور الآسيوية، ثم جاء دور الصين وأصبحت مثالاً جديداً عن نهوض الأمم.

ما الذي جرى؟

كيف أصبحت لدينا وصفات كثيرة لنهوض الشعوب والدول ولم نستطع أن نطبق واحدة منها؟

لعل السبب الرئيس أن مشاريع النهضة بقيت «مسودات» لم يتم تبنيها من أحد ولم تحظ بفرص لمحاولة التطبيق.

الشيء الذي يدركه الجميع أن أي وصفة تحتاج إلى تعديل يتناسب مع الحالة التي يطبق عليها تراعى فيها النواحي السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، فلكل بلد بعض خصائص تحتاج إلى الملاحظة والاهتمام.

ومن هنا فإننا نحتاج إلى «وصفة معدلة» فكرياً حتى تحصل على فرصة النجاح.

لا يمكن الحديث عن نهضة سورية وحدها، فهذا أمر متعذر، فهي جزء من أمة، لكننا نتحدث عن حاجتنا لنسخة سورية من إعادة بناء جديدة، وما يجعل من المهم جداً أن نتحدث عن وصفة سورية للنهوض كثرة الأسئلة السورية.. وماذا بعد؟ وإلى متى وأين النور في نهاية هذا النفق؟

لا أريد أن أغامر بالتوقعات، إلا أن ما يتبدى أننا أمام مرحلة جديدة، ربما لم تنضج عواملها بشكل كامل لبداية الخروج من الحفرة.

وإشارات البداية يمكن أن نلحظها داخلياً على الأقل من خلال تكرار الرغبة في الحوار والبحث عن الحلول والسعي الجدي نحو التغيير.

وكملاحظة اعتراضية يمكن أن يقود البعث حواراً مجتمعياً ووافياً لصياغة الوصفة السورية ليس وحيداً، بل مشارك ومحرض لحوار وطني بناء.

إن كان من المفيد أن نضع محددات وشروطاً لما قد تكون عليه خطة النهضة «إعادة البناء» ينبغي حتى تحظى بالنجاح أن تكون «واقعية» بلا شطحات شعاراتية ولا رغبات خيالية، ثم وهي أهم ما تحتاجه أن تكون بالمشاركة الجماعية، وأن تحظى بتشجيع الأغلبية، من دون الاتكاء على أفكار أيديولوجية بقدر ما ترتكز على الحاجات الوطنية، والمشاركة هنا ليست في الصياغة والموافقة، بل أيضاً المشاركة في التنفيذ.

هل الوقت مناسب للحديث عن مشروع نهضة سورية أو مشروع بناء أو إعادة إعمار بغض النظر عن التسميات؟

بصراحة الوقت المناسب كان أمس، وغالباً في أوقات الشدة تظهر الأفكار البناءة تحت وطأة الحاجة وتحت تأثير طموح المستقبل.

وفي كل حال لدينا الحاجة ولدينا الطموح ومعهما لدينا القدرة.

أقوال:

– وإنها لشرعة السماء: غيِّر نفسك، تغيِّر التاريخ!

– النهضة ليست خُرافة إذا آمنا بها، وحتى الخرافات تكون مُلهمة أحياناً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن