سورية

برلين دعمت فرض حظر جوي.. ومناورات جوية تركية سعودية قرب الحدود … أنقرة توجه دعوة عاجلة للتحالف الدولي من أجل التحرك البري في سورية

| وكالات

مضت تركيا في تصعيد التوتر في سورية. ولأول مرة، وجهت أنقرة ما بدا أنها دعوة عاجلة، إلى دول التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن من أجل التدخل العسكري البري في سورية تحت ذريعة «استحالة» وقف المعارك هناك «من دون عملية على الأرض». الأتراك وإن أكدوا في رسالتهم، أنهم لن يتحركوا بشكل «آحادي» مصرين على أن يكون تدخلهم تحت راية التحالف، لم يخفوا أن التدخل العسكري يجب أن يطول كل «التنظيمات الإرهابية» بنظرهم، وهو الأمر الكفيل بتغيير أهداف «التحالف الدولي»، كي تتضمن إلى جانب داعش، كلاً من «النظام» و«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي! ولإقناع التحالف بجديتها أجرت مع حليفتها السعودية مناورات جوية قرب الحدود مع سورية.
وفي غضون ذلك صعدت أنقرة من لهجتها حيال عملية الطائرات الروسية في سورية، واصفةً عناصر «الاتحاد الديمقراطي» بـ«المرتزقة» الذي ينفذون أجندة روسيا للثأر من تركيا، وتمكنت من إحداث تعديل في الموقف الفرنسي منها، كما حصدت تأييد برلين لإقامة منطقة فرض حظر جوي في سورية.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول تركي كبير، قوله: «نريد عملية برية مع حلفائنا الدوليين. من دون عملية على الأرض، من المستحيل وقف المعارك في سورية».
وأكد المسؤول التركي رافضاً الكشف عن اسمه للصحفيين، أنه من غير الوارد لتركيا أن تنفذ وحدها تدخلاً على الأرض. وقال: «لن يكون هناك عملية عسكرية أحادية تركية في سورية» مضيفاً: «لن نقوم بأي شيء يكون ضد إرادة التحالف». مع ذلك وجد هذا المسؤول نفسه يلوح بالتهديد. وتابع قائلاً: «لكن بالتأكيد من الصعب التكهن ما قد يحصل خلال 10 أيام. في حال تغيرت الشروط يمكن درس خيارات أخرى لكن ليس لدينا مثل هذه النيات حالياً».
ورداً على سؤال عن الأهداف التي قد تطولها عملية برية، أجاب المسؤول التركي: «كل المجموعات الإرهابية في سورية»، ومضى شارحاً أن هذه المجموعات تشمل «تنظيم داعش والنظام ووحدات حماية الشعب».
ومن جانبه، قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو: إن بلاده ستواصل اتخاذ إجراءات لتفادي خوض حرب في سورية.
لكن داود أوغلو قال أمام نواب حزبه العدالة والتنمية: «إن تركيا ستواصل عمليات الرد عندما وحيثما تراه مناسباً لحماية حدودها (…) لمنع أي مأساة إنسانية جديدة وتدفق اللاجئين ولمنع إضعاف المعارضة الأمل الوحيد لسورية». ووصف ما سماه القصف الروسي بـ«الوحشي» و«الجبان» و«اللاإنساني».
وتعهد بالرد بشكل قاس على وحدات حماية الشعب ذات الأغلبية الكردية إذا ما حاولت مواصلة التقدم في شمال سورية. وحذر قائلاً: «ليحاولوا مرة أخرى وسيرون الرد. نحن سنجعل مطار منغ غير صالح للاستخدام. لقد زدنا من تصدينا لهذه المنظمة الإرهابية».
واعتبر أن عناصر الوحدات التابعة لحزب «الاتحاد الديمقراطي»، الذي تصنفه أنقرة على لائحتها للتنظيمات الإرهابية، أصبحوا مرتزقة ينفذون مخططات موسكو الإقليمية، وخصوصاً بعد توتر العلاقات بين تركيا وروسيا (على خلفية إسقاط الأولى قاذفة روسية في السماء السورية)، وبات إلحاق الضرر بتركيا من أولوياتهم. وأكد أن بلاده ستقف بقوة في وجه كل الخطط التي تحاول تقسيم سورية، مؤكداً أن تركيا لن تقبل بأن يكون هناك «سايكس بيكو» جديدة.
ولا يبدو أن طموح تركيا إلى كسب تأييد التحالف الدولي لمشروعها مع السعودية إرسال قوات برية إلى سورية سيلاقي النجاح، وخصوصاً في ضوء المعارضة التي تبديها واشنطن وحلف شمال الأطلسي «الناتو»، على الرغم من أن أنقرة استطاعت تعديل موقف باريس حيال قصفها مواقع وحدات حماية الشعب في شمال سورية.
فبعد أن أعرب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن استيائه لنظيره الفرنسي جان مارك إيرولت من دعوة باريس، أعلنت فرنسا عزمها على «تعزيز تعاونها مع تركيا لمحاربة تنظيم داعش»، حسبما أبلغ إيرولت جاويش أوغلو أمس الأول.
وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية: إن إيرولت تلقى اتصالاً من نظيره التركي بحثا خلاله الوضع في سورية، حيث بيّن الوزير الفرنسي أن «الأولوية لباريس هي تنفيذ القرار 2254 ونتائج بيان ميونخ»، معرباً عن «قلق فرنسا العميق لسوء الوضع في منطقة حلب واستمرار القصف من جانب القوات الحكومية وحلفائها»، وشدد على أن الهدف المشترك لفرنسا وتركيا «يجب أن يكون المبادرات الموجهة إلى وقف إطلاق النار».
وأطلقت تركيا مساء أمس الأول تدريبات جوية مشتركة مع السعودية، قرب الحدود السورية. وقال الجيش التركي في بيانٍ له: إن «تركيا والسعودية تنفذان تدريباً للدفاع الجوي على مدار خمسة أيام»، مضيفاً: إن «السعوديين سوف يستخدمون طائرات من طراز إف 15 في التدريبات».
وذكر مسؤول تركي أن 4 طائرات سعودية سوف تنتشر في قاعدة إنجرليك نهاية شباط الجاري.
ويحجم حلف «الناتو» علناً عن الضغط على أنقرة، ويعمل من وراء الأبواب المغلقة على إثنائها عن استهداف وحدات حماية الشعب وعن التصعيد مع روسيا.
وقبل أيام، قال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ في المؤتمر الأمني الذي عقد في ميونيخ: «الأكراد جزء من الصراع الدائر في سورية، وكذلك العراق، لذلك يتعين أن يكونا جزءاً من الحل».
وحث وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير كلاً من روسيا وتركيا على تهدئة العمليات القتالية.
وقال شتاينماير في بيان أمس: «أتوقع بوضوح أن تلتزم موسكو وأنقرة في نهجهما العسكري والسياسي بما تم الاتفاق عليه في ميونيخ، وأن نشهد تراجعاً يمكن قياسه في الأنشطة العسكرية حتى قبل الاتفاق النهائي على وقف لإطلاق النار».
لكن بيان شتاينماير يتعارض مع تصريحات للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أدلت بها أمس الأول. ولقد أعربت ميركل في مقابلة مع إحدى الصحف الألمانية عن تأييدها إقامة منطقة حظر طيران في سورية لحماية منطقة يكون اللاجئون فيها في مأمن من الهجمات، لكنها ربطته بالاتفاق بين الحكومة السورية والمعارضة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن