قضايا وآراء

هل أعلن أوباما بداية حقبة أميركية جديدة؟

| صياح عزام

وجّه الرئيس الأميركي «باراك أوباما» في مقابلته الأخيرة لـ«الاتلانتيك»، رسالة واضحة إلى كل حلفاء الولايات المتحدة من العرب تقول: «إن واشنطن لا تتحمّل مسؤولية أفعالهم وسياستهم حتى لو كانت المُحرّك الرئيسي لها»،؛ هي رسالة لا لبس فيها ولا غموض إلى جميع الأنظمة، حليفة أو غير حليفة مفادها «لكم الحرية في أن تغرقوا في أوحالكم».
كما إنها رسالة في الوقت نفسه إلى من يراهن على حلّ لقضية فلسطين من واشنطن، إذ إن أي تحرك قادم سيكون لإنهاء الملف الفلسطيني باحتوائه، وفقاً لما يناسب إسرائيل، حتى تتفرّغ أميركا لتدعيم نفوذها في آسيا الوسطى، مُستغِلَّة انشغال النخب والساسة العرب بلعبة التدمير الذاتي الطائفية التي تدور في المنطقة منذ سنوات.
في المقابلة المذكورة، وجّه الرئيس أوباما تهمة واضحة للسعودية بأنها مصدر الإرهاب الديني المتطرف، ويمكن الاستنتاج من حديث أوباما المذكور بأن السعودية أصبحت «عبئاً» على السياسة الأميركية، حيث انتهت مرحلة الاستفادة من الترويج للفكر الوهابي المتشدد في مواجهة الشيوعية والتيارات الوحدوية التقدمية في الوطن العربي وفقاً لمزاج المخابرات المركزية الأميركية والبنتاغون.
عملياً، أعلن أوباما عن انتهاء حقبة استعمال الإدارات الأميركية المتعاقبة للسعودية من أجل نشر التطرف وتمويل جماعات تلتحف بالدين، بدءاً مما يُسمى «حركة المجاهدين» في أفغانستان وتجنيد الشباب تحت راية الإسلام ومناهضة الشيوعية، وما كان لذلك من تداعيات وإفرازات مثل «تنظيم القاعدة» و«داعش» وغيرهما والتي جاءت ضمن استراتيجية أميركية تقوم على زرع وترسيخ مفهوم «الصراع الديني» كبديل لمفاهيم النضال التحرري والمطالبة بالحقوق المدنية.
والاستنتاج الأهم، هو أن واشنطن لم تعد بحاجة إلى السعودية للتنسيق معها حول زيادة أو إنقاص إنتاج النفط وتحديد أسعاره لتحقيق مكاسب مادية أو أهداف سياسية.. تصريحات أوباما أيضاً تفيد بأن كل ما قامت به السعودية من تواطؤ هي وغيرها تجاه قضية فلسطين لم ولن يشفع لهم.
لقد أراد أوباما أن يسوغ سياسات نفذها أو دعا إليها، مضيفاً إليها مجموعة مفاهيم استشراقية تمهد لمرحلة انسحاب أميركي جزئي أو واسع من المنطقة إلى آسيا الوسطى، فدافع عن قرارات مهمة اتخذها، مثل رفض توسيع نشر الجيش الأميركي في مناطق النزاع، وامتناعه عن استعمال القوة لإسقاط الدولة السورية عام 2013، ودافع عن اتهامه بسياسات عدم التدخل وتسليم المنطقة لروسيا، وفق ما قاله المحلل «مارتن أنديك» هذا مع العلم بأن أوباما رغم كل ذلك، اعتمد على حلفاء محليين وطائرات «الدرونز» في عمليات امتدت من مالي إلى أفغانستان، بمعنى أنه لم يخط مساراً مختلفاً في التدخل، بل وفر الدعم والمساعدات المالية والعسكرية لهؤلاء الحلفاء لتحقيق مكاسب على الأرض تفرض حلولاً سياسية محددة، وبالتالي، فإن الدخول الروسي على الخط ثم الانسحاب الجزئي، لم يضايق أوباما كثيراً، لأنه وضع أسساً للحل وفقاً لاتفاق روسي أميركي، وهذا يأتي معبراً عن اعتقاد أوباما كما جاء في المقابلة بأن العرب غير قادرين على حل مشاكلهم بأنفسهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن