قضايا وآراء

ماقد يؤول إليه قصف القطاع

| تحسين الحلبي 

ربما تعتبر إسرائيل من أكثر من يستغل ظروف المنطقة لمصلحة التخلص من كل المناهضين لها ولاحتلالها للأراضي العربية ولذلك كان على الجميع إدراك أنها لا تتوقف عن العمل على التخلص من أسلحة وصواريخ قطاع غزة وأسلحة وصواريخ حزب الله فهما اللاعبان (من غير الدول) اللذان مازالا يعملان على تطوير قدراتهما العسكرية وخصوصاً حزب الله، لكن مسألة تحديد إسرائيل للطريقة التي ستتعامل فيها مع أسلحة وصواريخ القطاع تخضع لعدد من العوامل التي تختلف تماماً عن العوامل المتعلقة بحزب الله.
فإسرائيل ترى أن حلفاء حكومة قطاع غزة هم من أصدقاء وحلفاء واشنطن وأصبح بعضهم مثل السعودية وقطر وتركيا من أصدقاء إسرائيل وتجمع السعودية مع إسرائيل أهداف مشتركة ضد جميع أطراف محور المقاومة.
ولذلك روجت إسرائيل أفكاراً (بموجب ما كشفته صحف عبرية) بأنها يمكن أن تتوصل إلى اتفاق بينها وبين قطر وأنقرة والسعودية وهي الأطراف الثلاثة التي تتحالف مع حكومة قطاع غزة على الامتناع عن توجيه ضربات عسكرية ثقيلة لقطاع غزة إذا ضمنت هذه الأطراف نزع أسلحة وصواريخ فصائل المقاومة داخل القطاع وفي المقدمة صواريخ وأسلحة القسام والجهاد الإسلامي… وفي الزمن الذي ستستغرقه قواعد اللعبة الإسرائيلية تجاه هذه المسألة والتوصل إلى تحقيق هدفها يبدو أن إسرائيل أرادت أن توجه رسالة لهذه الأطراف العربية ولحكومة القطاع بأنها تنتظر تحقيق هذه الغاية وإذا لم تتحقق عن طريق قطر وتركيا والسعودية فإن إسرائيل ترى أنها ستحققها من دون حاجة لهذه الأطراف مادامت الظروف العربية وتزايد التهافت على تطبيع بعض الدول العربية لعلاقاتها مع إسرائيل توفر أجواء مناسبة لعمل عسكري تصعيدي على قطاع غزة… ولذلك يرى المحللون في إسرائيل أن هذا العدوان الإسرائيلي «المفاجئ» على قطاع غزة يشكل رسالة ضغط على الأطراف المتحالفة مع حكومة حماس للقيام بدورها في التجاوب مع المطلب الإسرائيلي… ويرى آخرون داخل إسرائيل أيضاً أن إسرائيل تسعى إلى تحديد مواصفات السيناريو المطلوب لتحقيق هذا التجاوب وفي مقدمة هذه المواصفات المحتملة أن تقوم إسرائيل بشن عمليات عسكرية تدمر وتقتل الكثيرين داخل القطاع ثم تطلب من الأطراف المتحالفة مع حكومة حماس بالدعوة لوقف نار تضمن فيه قطر وأنقرة والرياض علناً وفي بيان مع إسرائيل ضرورة تخلص حكومة القطاع من الأسلحة والصواريخ بغطاء توفره الجامعة العربية بفضل الدور السعودي والقطري المؤثر في قرارات الجامعة وخصوصاً لأن دولاً عربية أخرى لديها الغاية نفسها وبهذه الطريقة أو السيناريو الإسرائيلي ستظهر هذه الدول بمظهر من «ينقذ الفلسطينيين في القطاع من الدمار الإسرائيلي» الذي يتسبب به وجود صواريخ وأسلحة لم تعد دول النظام الرسمي العربي تعتبرها ضرورية مادامت تقوم بالتقارب مع إسرائيل وبداية تطبيع للعلاقات معها؟!
وهذا السيناريو الإسرائيلي المرسوم أشار إلى مقدماته (ليبرمان) وزير الدفاع الإسرائيلي الذي أعلن قبل يومين لصحيفة هآريتس أن إسرائيل معنية بإبلاغ رسالة حادة وعنيفة لحكومة غزة حتى لو تسببت بتصعيد متعاظم.
بل إن الحكومة الإسرائيلية عقبت على التصريحات التركية وقال الناطق باسمها إن على أنقرة إجراء حسابات قبل أن تندد بعمليات تقوم بها جيوش دول أخرى في المنطقة.
ومع ذلك يرى (عاموس هارئيل) المحلل السياسي في هآريتس أن إسرائيل تريد أيضاً فرض تأثيرها على الانتخابات البلدية التي ستجري في القطاع لمصلحة أحد الجانبين المتنافسين (حماس وفتح).
لكن واقع الأمر يشير إلى أن أي تدمير إسرائيلي للقطاع لن يحمل مصلحة إلا لإسرائيل لأن التدمير قد يجعل الجمهور يفضل عودة السلطة الفلسطينية وليس استمرار الوضع القائم بإدارة حماس.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن