رياضة

شح الإمكانات والبناء الخاطئ أهم أسباب تراجع سلتنا الوطنية … همسة عتب بحق لجنة المدربين

إذا كان الاتحاد بلا صلاحيات مالية وفنية جيدة ومريحة، والمنتخب بلا إمكانات ومعسكرات، والمسابقات المحلية بلا نكهة ومنافسة قوية، فإن الرهان على مقدرات الأشخاص حتماً سيكون رهاناً خاسراً، وخاصة أن الرياضة بشكل عام في الوقت الحالي باتت بحاجة لمقومات عديدة وكثيرة يجب توافرها، وغير ذلك لا يتعدى عملنا حدود إقامة أنشطة كلاسيكية غير تنافسية حتماً.
فكرة السلة السورية تعيش في الآونة الحالية مرحلة صعبة بعدما فقدت الكثير من كوادرها وإمكاناتها نتيجة الأوضاع السائدة التي تشهدها البلاد، فخسارة أكثر من مئة لاعب ونصفهم من المدربين كان كافياً في تراجعها المخيف على الصعد كافة سواء بالأندية أم بالمنتخبات الوطنية، وساهم في ضعف مستوى الأندية وأفقدها أغلبية نجومها، وتحولت أندية كانت بمنزلة الرافد الأكبر للمنتخبات إلى أندية مستهلكة تسعى لضم هذا اللاعب أو ذاك، إضافة إلى أن الظروف الحالية والإمكانات المادية لم تعد تسمح بتطوير اللعبة بجميع مرافقها، ويبدو أن هناك العديد من الأسباب ساهمت في تراجع مستوى السلة السورية يأتي في مقدمتها:

اللعبة الأولى
يبدو أن كرة القدم اللعبة المدللة مازالت تغنج بكل ما لذ وطاب من ميزانية الأندية، لكونها اللعبة الأولى الأكثر شعبية، وإنجازاتها حتماً ستجل في تاريخ الإدارات القائمة على أمور الأندية، هذا ساهم في توفير النسبة العظمى من ميزانيات الأندية على عقود ومقدمات لاعبي كرة القدم، فتحولت مجالس أغلبية الأندية إلى مجالس إدارات لكرة القدم فقط، وأهملوا جميع الألعاب ومن بينها كرة السلة، التي لم تعد تجد من يهتف لها وباسمها أو حتى يطالب بحقوقها، أدى ذلك لتراجع شعبيتها في السنوات العشر الأخيرة من دون أن تكون هناك حلول ناجعة لها لكون هاجس هذه الإدارات ينصب على تطوير كرة القدم، وزاد الطين بلة دخول الاحتراف الذي حول اللاعب إلى موظف حقيقي همه الوحيد قبض الرواتب ومقدمات العقود، من دون أن تكون هناك معايير وأنظمة تضع حداً لهذه الفوضى الاحترافية التي ساهمت في تعكير أجواء الانتقالات بين الأندية، رغم المحاولات الحثيثة من اتحاد السلة غير أنه لم يتمكن من وضع حد لها.

شح الإمكانات
من المتعارف عليه عالمياً أن الإمكانات المادية وتوافرها يعد عصب الرياضة، حيث لا تطور بلا إمكانات مادية جيدة ووفيرة، وما تحدثنا عنه يخص اتحاد اللعبة الذي عمل واجتهد حسب إمكاناته، ولم يتمكن من تطوير اللعبة أكثر من ذلك، لكن علينا بالمقابل تسليط الضوء على مقدرات اللعبة، وما خصص لها من ميزانيات مالية مخجلة قياساً إلى أقرب دول الجوار، ويبدو أن حجة ضعف الإمكانات المالية التي مازالت واضحة في تصريحات القيادة الرياضية، وستبقى ماركة مسجلة في رياضتنا، ويبقى السؤال هنا: هل يستطيع أي اتحاد مهما كانت قدرات أعضائه إضافة شيء جديد للعبة ضمن هذه الإمكانات المادية الشحيحة والمخجلة، ثم أين أبسط مقومات اللعبة، وتوفير كل المناخات الملائمة لها ليتمكن الاتحاد من تنفيذ خططه وأفكاره، فالعمل على تأمين كل الإمكانات المادية للعبة بات مطلباً أساسياً وملحاً يجب السعي لتأمينه بجميع الجهود الممكنة لأنه السبيل الوحيد لتطوير السلة وإعادتها لألقها السابق.

البناء الصحيح
مازلنا نحلم لا بل إن حلمنا يمكن أن يتحقق فيما لو وجدنا آذاناً مصغية عند أهل الحل والربط في قيادتنا الرياضية لنداءات الكثيرين من أهل اللعبة، بأن يتوافر لدى اتحاد السلة لجنة يسميها كما يشاء تكون مماثلة لمديرية المواصفات والمعايير الموجودة في وزارة الاقتصاد، والتي تنحصر مهمتها في بيان مطابقة المنتج للمواصفات المطلوبة وعدم انتهاء الصلاحية، فلو كان لدى اتحاد السلة مثل هذه المديرية لمنعت عدداً كبيراً من لاعبي أنديتنا من المشاركة بالمسابقات المحلية، بعد أن تحولوا إلى طفيليات على فرقهم، بعد أن ثبت انتهاء مدة صلاحيتهم ووصلوا لا بل تجاوز البعض منهم سن الاعتزال، وبات وجودهم في الصالات غرضه قبض الرواتب ليس إلا.
فهناك الكثير من اللاعبين في فرق الرجال مازالوا يفتقدون ألف باء أبجديات كرة السلة، وهذا يعود للبناء الخاطئ الذي تنتهجه جميع أنديتنا في بنائها لقواعد اللعبة، حيث يولون مهمة تدريب أصعب وأهم فئة عمرية باللعبة لأشباه المدربين غير المتخصصين أصلاً بتأهيل هذه الفئات التي تعد اللبنة الأساسية في سبيل بناء جيل سلوي، وأغلبية هؤلاء تحولوا في يوم وليلة من لاعب فاشل أعلن اعتزاله إلى مدرب للقواعد بحكم المصالح ومدى قربه من مركز صنع القرار في هذه الأندية، وهذا ما يساهم في فرز جيل يسير بخطوات عرجاء وغير واضحة بسبب هذه الفوضى العارمة التي تشهدها قواعد اللعبة في جميع الأندية.

لا بدَّ
لجنة المدربين في اتحاد السلة يجب أن يكون لها دور أساسي في هذا الموضوع، بحيث تضع معايير أساسية وأنظمة لا يجوز تجاهلها لجميع مدربي القواعد في الأندية، وعدم السماح لأي مدرب غير متخصص ومؤهل بتولي مهمة الإشراف أو التدريب، ومع التلويح بعصا المحاسبة وحرمان هذه الأندية من المشاركات الرسمية، بالمقابل اللجنة مطالبة بالعمل على إقامة دورات تأهيلية لمدربي فرق القواعد تضمن خلالها سلامة هذه الفرق من أفكار أشباه المدربين الذين مازالوا يعيثون خراباً في أهم فرق اللعبة، وكلنا أمل باتحاد السلة ورئيس لجنة المدربين المفعم بالحيوية والنشاط على دراسة مقترحنا والعمل على تطبيقه حتى تنعم سلتنا بلاعبين من مستوى عال وينصب ذلك على منتخباتنا الوطنية بشكل عام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن