ثقافة وفن

عودة العنقاء… انتعاش للقصة القصيرة جداً … تمنيت البقاء لأني غمست العتمة بالنور فلم يظهر إلا الخيال

| سارة سلامة

من زمن إلى زمن ومن مكان إلى مكان، جدلية الحاضر والماضي في صيرورة الفكر والإبداع بين الفردي والجماعي، تلك هي نصوص هذه المجموعة القصصية للكاتب «فهد حلاوة».
نصوص الجنون، نصوص الاكتشاف والولادة، كأنها قذائف، لطمات وصرخات في وجه العصر، لكنها تتوغل في عمق الوجود مختزلةً صرخات الإنسان منذ البدء، توهانه ومعاناته الوجودية، عاكسةً الصراع الأزلي بين القوي والضعيف.

تعتبر القصص القصيرة فناً حقيقياً معتقاً ورغم ندرة هذا النوع في ما يسمى فن السهل الممتنع، ولأن الكثيرين استسهلوا هذا الفن وكتبوه على صفحات التواصل الاجتماعي معتقدين أنهم يجيدون هذا النوع من الكتابة، إلا أنها أتت ثمرة سنوات طويلة من الكد والتعب، جمع فيها حلاوة بين الميثيولوجيا والتاريخ ليسقطه على الحاضر والمستقبل، وهنا تتجلى رمزيتها العالية ليضع بين أيدينا فناً مدهشاً اشتغله ببراعة يحمل سمة القصة القصيرة جداً ومقوماتها من تكثيف ووصف وحدث وإدهاش ومفارقة جميلة.
بدأ الكاتب المجموعة بإهداء إلى حبيبته:
حبيبتي… أرتشف حزنك الشاحب.. كي تبرق عيناك بنور الفرح
روح والدي.. الصفصافة لم تزل سامقة.. خالد.. رنا.. روان
الورود والأزهار والثمار لولا أنتم ذبلت.. أصدقائي وأحبابي
أنتم في القلب.. إليكم.. أهدي باكورة عملي.
وهذه بعض من القصص القصيرة كما جاءت في المجموعة:
أوديب جديد

بعد أن قتل أباه، وصار ملكاً. تزوج أمّه، ثم فقأ عينيه.. الآن بعث حياً، سمع كيف يقتل الإنسان ويزني بمحارمه.. بإقرار وفتوى.. انفكت عقدته وارتد بصيراً.

السنونو
نقر نافذة الربيع راجياً الدخول فرفض!! قال الربيع. البرد قارص وأصوات مدوية والهواء ملوث برائحة الموت والدخان، فلا أريدك أن تموت عندي كما ماتت أسراب من قبلك، أن عودتك وحيداً لا تبشر بقدومي. قال السنونو: لم أعد أحتمل، فسقطت قذيفة دمرت الحوار.

سورية والذئب
عاد الذئب برأس تنين ويد بيضاء، لكن سورية رأت كيف فتك برفيقاتها..
دون رحمة، أعدت له قبراً لتدفنه في أسفل قاسيون..
والحفارون ملوا الانتظار.

جلجامش
أرقه موت صديقه إنكيدو، ترك مملكته باحثاً عن الخلود.. عثر على عشبته وصل الآن بلادنا.. رأى القتل بأم عينيه.. رمى ما بيده وانتحر.

العشاء الأخير
جمعوا ما سلبوه واجتمعوا للعشاء، بعث الزعيم شخصاً شاركهم الطعام وعاد.. وجدت كأس لم تشرب، اختنقت المسروقات.. شُيعوا صباحاً على صوت اللـه أكبر.. حرية.

كعب أخيل
عجز حصان طروادة عن كسر الجوزة الفولاذية، وهدم رأس العلم.. لم يفشِ «آخيل»، سره، ولكن كعبه تحوّل إلى رأس..
بابا عمرو

على غير عادته، خرج ديك الجن من مرقده، واستنسخوا منه رجلاً يحمل صمصام يكرب..
وعجب خالد لما رأى مراحل تحوله لديك الإنس…

عودة «غودو»
يئسوا من عدم تدخل «الناتو» والحظر.. و.. و.. و
فلم يبق لهم سوى «غودو»
وطال الانتظار..
فانتشر خبر تسلله من الشمال..
ممتطياً جواده الأبيض، ويتبعه الصبي راعي الإبل،
ومن هول صدمة ما رآه فقد بصره..
عندها اضطر لتأجيل جولته للسبت الفائت.

بيت خالتي
دخلته مجبراً.. وقد تحوّل قبواً، طلبت من الراعي
حريتي، مذهبة ارتديتها، فعم النور، هنا أقسمت أمي
أنها وحيدة..
رويداً رويداً ثبت زواج جدي سراً… وبدأت أكفر
بصلة ذلك الرحم الأسود.

كاليغولا
أنا أكبر لص في التاريخ، ملكت العالم، لن ينصاع لي الشمس ولا القمر ولا النجوم..
استيقظت الآن فوجدت كل من في الكون راكعين، حدقت في المرايا والوجوه فلم أجد إلا الحذاء الروماني..

راعي البقر
خرجت من اللوحة عندما سمعت نداءات من حليفي السري..
أمرت سرب الطيور العملاقة بضرب الفرسان..
مهدت لهم الطريق، أمرت المارد الضخم برمي المؤمن والعتاد..
ورجعت إلى اللوحة ولكنني تحولت إلى بقرة.

نقار الخشب
عجز عن حفر عشه.. اضطرت أنثاه لوضع بيوضها في حفرة أرضية..
اجتهد ابن عرس فالتقمها.. لكنه أصر على الحفر..
لم يوفق، عندها تحول إلى نقار للحديد..

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن