قضايا وآراء

تقرير الوضع الاستراتيجي الإسرائيلي 2016- 2017 … وخيبة الأمل الإسرائيلية

| تحسين الحلبي 

في مقدمة توصياته واستنتاجاته في نهاية: «التقرير الاستراتيجي للوضع الإسرائيلي 2016-2017» الصادر بالعبرية عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي يقول رئيس المعهد عاموس يادلين (رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلي السابق) تحت عنوان «توصيات سياسية»: «إن قوة إسرائيل، وحصانتها الاقتصادية وضعف أعدائها الذين ينشغلون الآن بأزماتهم يوفر لإسرائيل نافذة زمنية إستراتيجية.. لكن السؤال هو هل تستثمر إسرائيل بشكل استراتيجي صحيح هذه النافذة الإيجابية على المدى القصير والمدى المتوسط لتحقيق أهدافها»؟
وقبل عرض التوصيات يصف يادلين الوضع الراهن في المنطقة عند نهاية عام 2016 من خلال الملاحظات التالية: 1- إصابة الدور الأميركي ونفوذه في المنطقة بضعف ظاهر يفرض على إسرائيل حسابات جديدة 2- كان أفضل ما تتطلع إليه إسرائيل هو رحيل الأسد ورحيل حزب الله وإيران عن سورية وسيطرة نظام حكم المعارضين المسلحين ويضيف: «لكن هذا الهدف بدأ يتلاشى ولم يتحقق» 3- تزايد القوة الإيرانية واتساع الدور الروسي في المنطقة.
ويستنتج يادلين من هذا العرض أن إسرائيل ستزداد «في وجهها التحديات والصعوبات أكثر مما مضى لأن الضعف والانهيار المستمر في قدرة المجموعات المسلحة المتشددة مثل داعش والنصرة ومن يتحالف معهما سيجعل إسرائيل تخسر فرصة استنزاف قدرات سورية وحزب الله من هذه المجموعات».
ويتوقع سيناريوهات «تندلع بموجبها مواجهة عنيفة في السنوات المقبلة على حدود إسرائيل الجنوبية والشمالية» ويحدد أخطر هذه المجابهات في الجبهة الشمالية مع حزب الله قائلاً: «إنها ستكون الأخطر والأشد صعوبة إذا ما وقعت لأنها تحمل إمكانية انتقالها إلى مجابهة مع سورية وإيران فتضطر إسرائيل إلى دفع ثمن باهظ في جبهتها الداخلية».
أما قطاع غزة فيتوقع أن تكون «المجابهة محدودة وتستطيع إسرائيل التعامل معها إذا استخلصت الدروس المستمدة من تجربة عملية الرصاص المسكوب وما تلاها من عمليات كان آخرها عام 2014».
ولا يجد يادلين في مشهد الوضع بعد انتصار سورية وحلفائها في حلب سوى مزيد من التحديات التي ستضطر إسرائيل إلى مجابهتها ولذلك يطلب من القيادة السياسية الإسرائيلية التعويل على دور النظام الرسمي العربي بقيادة الملك سلمان وابنه من أجل تجنيد أكثر عدد من الأطراف والقوى ضد «إيران تحت شعار حرب السنة على الشيعة» فهو يرى أن الاستعانة بهذا الدور السعودي وتدعيمه سيوفر أيضاً اختراقاً إسرائيلياً لساحة الحل السياسي مع السلطة الفلسطينية، ويدعو إلى قيام الحكومة الإسرائيلية بعمل مكثف من أجل «تعميق العلاقات الإسرائيلية- العربية باعتبارها قيمة إستراتيجية لإسرائيل لفرض مكانتها وقبولها كدولة شرعية في الشرق الأوسط».
ويعترف يادلين في ختام استنتاجاته وتوصياته في التقرير بأن قدرة الردع الإسرائيلية لم تحقق تزايداً في العام الماضي وأن استمرارها ضمن هذا المستوى ما زال يشجع الأعداء من اللاعبين «الدول» أو اللاعبين «من غير الدول» على تحديها ومواجهتها.
وكان هذا التقرير الذي يضم 243 صفحة قد سلمه عاموس يادلين في نسخة خاصة إلى رئيس الكنيست روبي ريفلين ومن الطبيعي أن تكون هذه النسخة لم تتعرض للرقابة على غرار النسخة التي نشرها المركز بالعبرية في موقعه الإلكتروني.. فإسرائيل تجد نفسها من خلال قراءة محايدة لهذا التقرير عاجزة عن تحقيق كل ما وضعته حكومتها وجيشها من أهداف ضد سورية بشكل خاص وضد حلفائها بشكل عام فقد ازدادت الصعوبات والتحديات التي فرضها عليها صمود سورية وانتقالها إلى مرحلة استكمال تطهير أراضيها من المجموعات الإرهابية التي راهنت إسرائيل ودول النظام الرسمي العربي عليها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن