سورية

المعارضة المصدومة بـ«التحول» الأميركي وإعلام مشغليها يقودون حملة اتهامات جديدة باستخدام الجيش السوري الكيماوي … دمشق: افتراء وتسويغ للهزائم.. وموسكو: ننفي خبر «رويترز» المختلق

| الوطن- وكالات

فيما بدا أنه موجة من المعارضات والميليشيات المسلحة رداً على الانعطافة الجديدة في الموقف الأميركي إزاء الأزمة السورية والتحاق الموقف الأوروبي به، اختلقت تلك المعارضات والميليشيات ووسائل إعلام غربية مزاعم جديدة تتهم الجيش العربي السوري من جديد باستخدام السلاح الكيماوي.
ونفى الجيش العربي السوري بقوة استخدامه أسلحة كيميائية أمس أو في الماضي، واعتبر أن تلك الأنباء هي «افتراء»، وذلك بعد ادعاء قوى معارضة وشخصيات فيها بأنه قصف خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي بالسلاح الكيميائي ما أدى إلى مقتل العشرات وإصابة آخرين باختناقات، واعتبر أن هذه الاتهامات «دعائية» وتأتي خدمة للمسلحين، بالترافق مع دحض وزارة الدفاع الروسية المزاعم حول توجيه ضربات جوية روسية إلى البلدة.
وقالت القيادة العامة للجيش في بيان نشرته وكالة «سانا»: إن المجموعات الإرهابية المسلحة «دأبت على توجيه الاتهام للجيش العربي السوري باستخدام الغازات السامة ضد أفراد هذه المجموعات أو ضد المدنيين في كل مرة تفشل في تنفيذ أهداف رعاتها ومشغليها وتعجز عن تحقيق أي مكاسب ميدانية على الأرض في محاولة يائسة لتبرير فشلها والحفاظ على دعم مموليها».
ونفت القيادة «نفيا قاطعا استخدام الجيش العربي السوري أي مواد كيماوية أو سامة في بلدة خان شيخون بريف إدلب هذا اليوم» مؤكدة أنها «لم ولن تستخدمها في أي مكان أو زمان لا سابقاً ولا مستقبلاً».
وشددت على أن الجيش العربي السوري «أسمى من أن يقوم بمثل هذه الأعمال الإجرامية الشنيعة».
وفي وقت سابق، تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض في صفحته على «فيسبوك»، عن «تعرض حي في مدينة خان شيخون لقصف مواد يرجح أنها ناجمة عن استخدام غازات تسببت بحالات اختناق ترافقت مع أعراض الإغماء والتقيؤ وخروج زبد من الفم، وأعراض أخرى ظهرت على المصابين»، مشيراً إلى «استشهاد 18 شخصاً على الأقل وإصابة عشرات آخرين، بينهم أطفال ومواطنات، وبعضهم لا تزال إصاباتهم وحالاتهم خطرة، ما قد يؤدي بعدد الشهداء إلى الارتفاع».
وارتفع إلى «58 على الأقل بينهم 11 طفلاً من دون سن الثامنة عشرة، عدد الشهداء الذين قضوا ووثقهم المرصد، جراء استهداف طائرات حربية بضربات عدة صباح اليوم (أمس الثلاثاء) خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي»، وفق المرصد، الذي لم يتمكن من تحديد نوع الغاز المستخدم في القصف.
من جانبها، نقلت وكالة «رويترز» عن المرصد: أن ما يشتبه أنه هجوم بالغاز نفذته طائرات تابعة للحكومة السورية أو طائرات روسية أسفر عن مقتل 58 شخصاً على الأقل بينهم 11 طفلاً في محافظة إدلب.
كما نقلت «رويترز» عن مصدر عسكري سوري نفيه المزاعم بأن القوات الحكومية تستخدم أسلحة كيماوية، معتبراً الأحداث دعاية إعلامية للمسلحين.
وقال المصدر: «الجيش العربي السوري ليس لديه أي نوع من أنواع الأسلحة الكيميائية والسامة ولا يستخدمها ولم يستخدمها لا سابقاً ولا لاحقاً لأنها بالأساس غير موجودة».
من جانبه قال مصدر أمني سوري حسب وكالة «أ ف ب»: إن هذه الأنباء هي «افتراء وتسويغ للهزائم التي منوا بها وخصوصاً في حي جوبر وفي ريف حماة»، معتبراً أن مقاتلي التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة يحاولون «أن يحققوا إعلامياً ما لم يحققوه ميدانياً». ووافقت الحكومة السورية في عام 2013 على تفكيك ترسانتها الكيميائية، بعد اتفاق روسي أميركي.
وفي موسكو، قال اللواء إيغور كوناشينكوف، الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية: إن الطيران الروسي لم يوجه أي ضربات في محيط خان شيخون، وفق ما جاء في الموقع الإلكتروني لقناة «روسيا اليوم». وشدد كوناشينكوف قائلاً: «تنفي وزارة الدفاع الروسية نفياً قاطعاً نبأ مختلقاً جديداً وزعته وكالة «رويترز» حول قصف روسي على بلدة خان شيخون». وأضاف: إن وكالة «رويترز» لدى نقل الخبر حول الهجوم الكيميائي على خان شيخون عن المرصد السوري لحقوق الإنسان قامت بتحريف الخبر، متهمة طائرات روسية أو سورية بتنفيذ الهجوم، على الرغم من أن المرصد تحدث فقط عن ضربة نفذتها مقاتلات حربية ولم يذكر شيئاً عن تبعيتها.
ومضى قائلاً: إن مثل هذه «المبادرة» من جانب «رويترز» تثير أسفاً عميقاً لفقدان الوكالة لسمعتها كمصدر أنباء موضوعية.
وتسيطر «هيئة تحرير الشام» التي تعتبر «جبهة النصرة» المدرجة على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية على معظم محافظة إدلب، على حين تسيطر تنظيمات إسلامية أبرزها «حركة أحرار الشام الإسلامية» على أجزاء منها.
ونقلت مواقع معارضة عمن سمتهم نشطاء معارضين: أن «طائرات حربية سورية نفذت غارات مكثفة يشتبه في أنها كيميائية على مناطق في بلدة الهبيط في ريف إدلب الجنوبي وكذلك على أماكن في الأطراف الغربية لمدينة خان شيخون وقرية سرجة وفي مدينة جسر الشغور وأطرافها في ريف إدلب الغربي».
واعتبر كبير المفاوضين في وفد «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة إلى جنيف محمد صبرا وفق «أ ف ب»، أن «الجريمة تضع كل العملية السياسية في جنيف في مهب الريح، وتجعلنا نعيد النظر بجدوى المفاوضات». وسأل صبرا: «إذا كانت الأمم المتحدة عاجزة عن ردع النظام عن مثل هذه الجرائم، فكيف ستنجز عملية سياسية تؤدي إلى انتقال سياسي في سورية»؟ على حد تعبيره.
من جانبه طالب الائتلاف المعارض مجلس الأمن «بعقد جلسة طارئة على خلفية الجريمة، وفتح تحقيق فوري»، متهماً قوات الجيش العربي السوري «بتنفيذ الغارات مستخدمة صواريخ محملة بغازات كيميائية سامة».
دولياً اعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن «النظام» السوري يتحمل «المسؤولية الرئيسية» في الهجوم، على حين طالب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت مجلس الأمن «بعقد اجتماع طارئ»، على حين أبلغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اتصال هاتفي أن «مثل هذا النوع من الهجمات غير الإنسانية غير مقبولة»، محذراً من أنها «قد تنسف كل الجهود الجارية ضمن إطار عملية أستانا» لإحلال السلام في سورية، على ما ذكرت «أ ف ب».
وهذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيه المعارضات السورية والميليشيات المسلحة الجيش العربي السوري باستخدام السلاح الكيمائي، ذلك أنها وفي كل مرة تخسر فيه ميدانياً أو سياسياً تختلق مثل هذه الافتراءات.
وتأتي المزاعم الجديدة باستخدام الجيش العربي السوري للسلاح الكيميائي بعد أيام قليلة من إعلان البيت الأبيض رسمياً أن الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب «لا تركز على «إزاحة» الرئيس بشار الأسد، بل على هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، الأمر الذي أثار امتعاض المعارضات السورية ووجهت له انتقادات حادة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن