الغرب واحتمالات حرب عالمية كبرى وانعكاسها على المنطقة
| تحسين حلبي
يبدو أن تطورات الوضع العالمي في نهاية هذا العام والاقتراب من عام 2025، بدأت تحمل معها تساؤلات مشروعة حول احتمال تصاعد المواجهة على الساحة العالمية بين الولايات المتحدة وعدد من حلفائها من جهة، وبين الاتحاد الروسي والصين وحلفائهما.
في 25 تشرين الثاني الجاري دعا رئيس اللجنة العسكرية لحلف الأطلسي الأدميرال الهولندي روب باوير «رجال الأعمال الأوروبيين إلى ضرورة الاستعداد لسيناريو الحرب في ظل التوترات المتصاعدة بين التحالف العسكري الغربي وروسيا والصين»، وفي اليوم نفسه ذكرت صحيفة «لوموند الفرنسية» أن «الدول الأوروبية استأنفت محادثاتها حول فكرة إرسال قوات أو مجندين متعاقدين إلى أوكرانيا»، وأشارت في تقريرها إلى انعقاد مباحثات سابقة قبل أسبوعين في الحادي عشر من شهر تشرين الثاني الجاري، بين رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون ورئيس حكومة بريطانيا كير ستارمر، حول هذا الموضوع، رغم أن اقتراح إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا لم يلق تأييداً في بداية العام الجاري، وأضافت «لوموند» إن «بعض التسريبات كشفت عن وجود عدد قليل من جنود الحلف المختصين بالعمليات الخاصة على الأراضي الأوكرانية وبينهم بريطانيون يساعدون قوات أوكرانيا في تشغيل صواريخ «ستورم شادو» البريطانية من داخل أوكرانيا».
أصبح من الواضح أيضاً أن كل طرف من المعسكرين، بدأ يسرع في الآونة الأخيرة إلى تجنيد الحلفاء ورص الصفوف وخاصة بين فرنسا وألمانيا وبريطانيا، استعداداً لأسوأ الخيارات، وبالمقابل رأت موسكو مصلحة استراتيجية تجمعها مع كوريا الشمالية، فعقدت الدولتان حلفاً عسكرياً وسياسياً متيناً فاجأ حلف الأطلسي، وفي 25 تشرين الثاني الجاري كشفت مجلة «ذي ميل» البريطانية أن سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرجي شويغو قام بزيارة مع وفد عسكري واقتصادي إلى كابول واجتمع بمسؤولي الحكومة الأفغانية، وهذا يعني أن موسكو ستعمل على تطبيع وتمتين علاقاتها بالقيادة الحاكمة في «إمارة أفغانستان»، وهو الاسم الذي اتخذته للبلاد، وهناك من يرى أن روسيا سوف تقوم بتصدير أسلحة إلى أفغانستان التي أصبحت بعد الانسحاب الأميركي دولة مستقلة وخارج نطاق النفوذ الغربي، وكان أهم إجراء تصعيدي أقدمت علية الولايات المتحدة هو إعلانها عن نيتها بإرسال صواريخ باليستية إلى أوكرانيا لضرب أهداف في داخل روسيا غير آبهة بالتهديد الذي ألقاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رداً على هذا الإجراء الأميركي.
مجلة «أنتي وور» الأميركية ذكرت في 22 تشرين الثاني الجاري، أن واشنطن قررت مناقشة اقتراح مع أوكرانيا ودفعها إلى تطوير أسلحة نووية! ومثل هذا الاقتراح قد ينقل عجلة تصاعد الحرب والإسراع في فرض مجابهاتها إلى جدول عمل معظم الدول ذات الصلة بالحرب على روسيا، وهذا ما يتوافق مع تحذير رئيس اللجنة العسكرية لحلف الأطلسي ودعوته للاستعداد إلى سيناريو حرب واسعة مقبلة بسبب أوكرانيا، وليس من المستغرب أن تكون إسرائيل على تواصل مع واشنطن وحلف الأطلسي فيما يخص أي تحضيرات مقبلة قد يلجأ الغرب لاتخاذها، وهو ما يتمناه رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو للتخلص من كل أزماته المتراكمة منذ عملية طوفان الأقصى، وقد تكون موافقته لإيقاف النار على الجبهة اللبنانية بدءاً من صباح أمس الأربعاء 26 تشرين الثاني الجاري، ذات صلة بتحضيرات الخطة الشاملة التي يعدها الغرب والولايات المتحدة للحرب الكبرى على روسيا والصين وحلفائهما ومضاعفاتها على منطقة الشرق الأوسط، وهذا ما يفسر حاجة الغرب لإسرائيل في هذه الظروف ودعمه العلني للمذابح التي ارتكبتها طوال أربعة عشر شهراً، وهذا ما يفسر أيضاً تركيز نتنياهو في الأسابيع الماضية على أنه يوجه كل اهتمامه وجدول عمله على مجابهة إيران بصفتها القوة الإقليمية الكبرى في منطقة الشرق الأوسط، وفي وضع كهذا يعتقد نتنياهو أنه سيظل رئيساً للوزراء ضامنا لحكومته الائتلافية 68 مقعدا في البرلمان من مجموع 120 حتى عام 2026 موعد انتهاء دورة الكنيست والانتقال لانتخابات جديدة، وهذا ما فرض عليه بعد الخسائر التي تكبدتها إسرائيل في المجالات كافة على يد المقاومة، الموافقة على وقف إطلاق النار واستمرار وجودها في لبنان وفي قطاع غزة، علماً أنه طالما تبجح بأنه لن يوقف النار إلا بعد تصفية كل رجال المقاومة وأسلحتها وصواريخها.